مطالبات بتشديد الرقابة على عمليات تجميل الإبل بالسعودية
دخلت عمليات التجميل بأنواعها المختلفة، عالم مزايين الإبل، في صورة اعتبرها مهتمون أنها حالة غش، مطالبين بتشديد الرقابة على المتعاملين، وفرض عقوبات على مستخدمي تجميل إبلهم بطرق مخالفة، عبر نفخ شفاه الإبل، وقص أذنيها وتصغيرها، وجلسات حلاقة، وحمام صابون، بغرض تزيينها ولفت الأنظار إليها أثناء تسويقها، والمساعدة في شرائها.
اللافت في الأمر، ظهور صالونات متنقلة للحلاقة خاصة بالإبل، تنشط وتروج قبل عروض مسابقات المزايين، ومهرجانات البيع العامة، كما يقومون بتنظيفها وتزيينها، وحلاقتها بقصات تعطي من مظهر الإبل شيئا جماليا جاذبا، بحسب تعبير المهتمين في تربية الإبل.
وأوضح المهتمون أن حمام الإبل يكلف قرابة 100 ريال، بينما تتجاوز الحلاقة 200 ريال. وتتم عمليات التجميل لإزالة التشوهات، وتتجاوز أسعار تجميل الأذن والشفاه 1000 ريال.
وأكد مربي الإبل بمنقطة عسير سعيد الشهراني أن عمليات التجميل لا تتم من خلال أطباء التجميل والمختصين، وإنما من قبل بعض الأطباء البيطريين المخالفين الذين يهدفون إلى الكسب المادي.
وأشار الشهراني – بحسب العربية نت – إلى اهتمام مربي الإبل بجمالها ومظهرها لإدخالها في العديد من مسابقات مزايين الإبل وسباق الهجن وغيرها، وهناك أنواع وأسماء إبل شهيرة مثل “الحزامة والنايفة واللطامة والفايزة والذهبية والفصام والطهيمي والوافي”، وتم توثيق فحولتها وجمالها عبر مقاطع فيديو مسجلة في قنوات خاصة.
وقال الشهراني: “هناك عقوبات على الأطباء البيطريين المخالفين، الذين يقومون بعمليات تجميل للإبل، باعتبارها مخالفة للنظام وغشا تجاريا، وتم رصد بعض مربي الإبل يتعاملون بهذا النوع من الغش في استخدام حقن لنفخ شفاه الإبل، وتجميل الأذنين بعمليات جراحية”.
وأضاف: “هناك إبل مشهورة بجمالها الطبيعي على مستوى العالم، والتي يتباهى بها ملاكها، ويعلنون عن جمالها، معتبرين أن إبلهم من النوع النادر، كالإبل ذات العيون الزرقاء أو المخطط باللون الأبيض، والأخرى ذات السنامين التي تصل أسعارها إلى ملايين الريالات”.
كما قال استشاري الأمراض الجلدية والتجميل بمستشفى عسير المركزي، الدكتور ظافر القحطاني في حديث إلى “العربية.نت”: “إن أطباء التجميل لا يقومون بإجراء عمليات للإبل، فالإنسان قد يحقن مادة البوتوكس من 2000 إلى 10 آلاف ريال في الوجه، وهي تكلفة عالية جداً، أما في الإبل فقد تصل التكلفة إلى الآلاف لو استخدمت مواد مثل التي تُستخدم في الإنسان، ويتم التركيز في عمليات تجميل الإبل على الشفة السفلى، كما تظهر على وجه بعض الإبل كدمات متفرقة مما يهدفون إلى تجميلها”.
وأضاف: “إن هذه الممارسات ظهرت وانتشرت، كون الإبل لها جماليات ونقاط تقييم نظير درجات الجمال، والتي يرتفع حينها سعر الرأس الواحد إلى 50 بالمئة أحيانا، ومعايير جمال الإبل تشمل العين والأذنين والشفاه والأنف، فشفاه المزايين تكون متدلية وطويلة، لذا يتم عمل الحقن في الشفة السفلى حتى تتدلى وتطول، ويحقن الأنف بالفيلر والمواد المالئة لإعطائه بروزا وحجما أكبر، وهي مناطق مهمة جدا لتقييم الناقة وتحديد سلالتها”.
وكشف الدكتور القحطامي عن وجود حالات من الإبل استبعدت من المسابقات، وغُرم أصحابها من قبل الجهات الراعية للمسابقة، وهناك اعتراض من وزارة البيئة والمياه والزراعة، وجمعيات الرفق بالحيوان، لما في ذلك من إيذاء للإبل، باعتبار تلك المواد ضارة، ويحدث لها مضاعفات كما يحدث للإنسان.
فيما أشار الباحث في الصحافة التلفزيونية أيمن إبراهيم السعيدي إلى أنه “لم يمر خبر استبعاد نحو 12 من الإبل من مسابقة المزايين بسبب استخدام البوتوكس قبل عدة أشهر، مرور الكرام على عدد من وسائل الإعلام العالمية، حيث تم تداول الحدث عالمياً بشكل واسع، وذلك من قبل وكالات أنباء شهيرة، مثل رويترز وصحف أميركية مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست وأخرى أوروبية وبريطانية مثل الغارديان وذي اندبندنت والديلي ميل، بالإضافة إلى إذاعات ومحطات تلفزيونية مثل البي بي سي وفوكس نيوز وسي بي اس”.
وتابع: “لعل معيار المفاجأة والغرابة يعد المعيار الأهم لانتقاء هذا الخبر وانتشاره بشكل واسع، خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي حصد لذات السبب نسبة تفاعل كبير في الحسابات الرقمية لتلك الوسائل الإعلامية، وأثار العديد من النقاشات والتساؤلات، وحتى تعليقات التهكم والاستغراب بين المستخدمين، ففي ظل الإعلام الرقمي اليوم لم تعد الأخبار المحلية بمنأى عن تسليط الضوء العالمي، خاصة مع المقدرة العالية لدى الصحافيين للوصول إلى المعلومة والتواصل مع أصحاب الشأن، حيث يعد تويتر على سبيل المثال منجماً رقمياً للصحافيين للحصول على الأخبار والوصول إلى شهود العيان والمتخصصين”.
وأضاف: “يبقى السؤال الأهم لدينا كمتخصصين هو التأطير الإعلامي المستخدم من قبل الوسيلة الإخبارية، وطريقة صياغة وعرض هذه الأخبار للجمهور، ففي الوقت الذي ركزت فيه عناوين بعض الصحف على الطرافة والإثارة والغرابة للموضوع، قررت صحف أخرى البحث عن استخدام البوتوكس على الإبل بتعمق أكبر، عبر بناء خلفية معرفية لدى القارئ عن مزايين الإبل، وعرضها كتظاهرة ثقافية شعبية من السعودية”.
وقال إن الوضع مقارب لدى القنوات التلفزيونية، ففي الوقت الذي تناولت قناة KSL الأميركية الخبر بشكل تهكمي، وضحكات مستمرة من قبل مذيعي البرنامج، دون إعطاء المشاهد تفاصيل واضحة عن الموضوع، كان الوضع مختلفاً في قناة فوكس نيوز مثلاً عبر برنامج المذيع الأميركي تيكر كارلسون، الذي خصص فقرة مستقلة للحديث عن معايير الجمال واستخدام البوتوكس على الإبل، عبر استضافة خبير أسترالي متخصص في الإبل وأنواعها وجمالها، والذي عكس عبر استضافته أن تعلق البشر بالإبل ليس ظاهرة فريدة في المملكة بل أيضا في دول تربي الإبل وتهتم بها مثل أستراليا.
وكان مدير عام إدارة الصحة والرقابة البيطرية في وزارة البيئة والمياه والزراعة، الدكتور علي الدويرج، قد أوضح أن العقوبات عبارة عن غرامات مالية لعدد من ملاك الإبل لقيامهم بإساءة التعامل مع حيواناتهم، والقيام بعمليات تجميل غير نظامية بشد الشفاه وحقنها بمواد ضارة لتغيير أشكال تلك الحيوانات.
وأكد الدكتور الدويرج أن الوزارة لن تتوانى في معاقبة أي شخص تثبت إساءته للحيوان متى ما توفرت المعلومات الكافية عنه، داعيا الجميع إلى الالتزام بالأنظمة والتعليمات الخاصة بالرفق بالحيوان.