القطارات بين المناطق .. ضرورة وليست ترفا
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
من قبل كان هناك من يقول لا ضرورة لربط مناطق بلادنا بالسكك الحديدية لعدم حاجة الناس إلى الانتقال من وإلى المناطق البعيدة إلا نادرا.. فلا سياحة ولا اقتصاد ولا تعليم ولا علاج.. وساعد على تأييد هذا الرأي التجربة المتعثرة للقطار بين الرياض والمنطقة الشرقية.. ومقابل ذلك كان هناك من يقول نريد قطارات لمجرد أن نكون مثل الدول المتقدمة نركب القطارات كل صباح وفي يد كل منا كتاب يقرأ فيه.. أي أن الأمنية جاءت ترفا وليست ضرورة.. أما اليوم، وقد تضاعف عدد السكان أضعافا موزعين في مناطق متباعدة وبعضهم يدرس في مدينة وتسكن عائلته في مدينة أخرى.. وبعضهم يتلقى العلاج في مدينة يحضر إليها كل أسبوع أو أسبوعين من مدينة أخرى، وكلتا الشريحتين لا تحتمل تكاليف تذاكر الطيران وانتظار رحلاته أو الإقدام على متاعب ومخاطر السفر بالسيارة برا لمسافات طويلة، فقد أصبح الأمر بذلك ضرورة وليس ترفا.. ودخل في المشهد عنصران مهمان، أولهما اقتصادي وهو نقل البضائع بتكاليف أقل وبصورة منتظمة، وثانيهما السياحة التي أصبحت عادة سنوية مؤكدة لمعظم الأسر، وإذا لم تتيسر في الداخل فسيكون اتجاهها إلى الخارج، وفي ذلك مليارات تتسرب فتحدث أثرا سلبيا في الاقتصاد الوطني. وبعد هذه المقدمة المطولة، أصل إلى أن من أهم المشروعات التي يجب أن تتابع للتنفيذ في مواعيدها، تلك الخطة الاستراتيجية للسكك الحديدية التي تشمل تطوير وازدواج خط الحديد الحالي بين الرياض والدمام ومشروع الجسر البري الذي يربط بين جدة والرياض والمنطقة الشرقية.. ومشروع قطار الحرمين السريع الذي يربط مكة والمدينة مرورا بمحافظة جدة، وقد بدأ التشغيل المبدئي له.. ومشروع شركة سار الذي يربط بين المناطق الشمالية والجبيل والرياض.. وقد قارب على الانتهاء.. يضاف إلى ذلك خطوط حديدية بين مدن المنطقة الوسطى مثل القصيم وحائل والمجمعة.. وكل هذه المشروعات تم تشغيلها ولقيت ترحيبا من المواطنين الذين يتجهون إلى استخدام السكك الحديدية كبديل للوسائل الأخرى باعتبارها أقل تكلفة وأكثر أمانا – بإذن الله -.. ومن المشروعات التي ينتظرها المواطن المفضل للسياحة الداخلية، تلك التي ستصل إلى الطائف وخميس مشيط وجازان، ولم يعلن بعد عن موعد بدء تنفيذها، حيث يبدو أنها في مرحلة التصميم والدراسة. وأخيرا، نتطلع إلى ربط مناطق بلادنا، فهي قارة مترامية الأطراف وعدد سكانها يصل إلى نحو 30 مليون نسمة معظمهم من متوسطي الدخل أو أقل، ما يستدعي توفير وسائل نقل فعالة ومعقولة التكاليف لانتقالهم بين المناطق، ويتطلع هؤلاء إلى أن تتكامل مشروعات الربط في موعد لا يتعدى عام 2040 كما وعدت الخطة الاستراتيجية للسكك الحديدية التي نأمل أن تعيد المؤسسة العامة للخطوط الحديدية تأكيد الالتزام بها وتنفيذها في مواعيدها. وبالتزامن مع تنفيذ هذه الخطة الطموحة لا بد من حملة توعية إعلامية بمزايا النقل والانتقال بالقطارات، سواء داخل المدن أو بين المناطق، لإيجاد ثقافة تلغي ما تعودنا عليه من أن النقل داخل المدن بالسيارة الخاصة وبين المناطق بالطائرات ولا شيء غير ذلك.
علي الشدي
(الاقتصادية)