زوجتك.. ساقت والا ما ساقت؟!
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
منذ بدأ تطبيق قرار قيادة المرأة للسيارة وأنا استقبل هذا السؤال عشرات المرات: زوجتك ساقت والا ما ساقت.؟! ومنشأ هذا السؤال، الذي يظن بعض من يطرحه أنه محرج لي، هو أنني كنت وما أزال من المتحمسين لقيادة المرأة وإعطائها هذا الحق الطبيعي الذي مكنتها القيادة الحكيمة منه الآن. طبعا من يطرح السؤال ينطلق من مبدأ أن زوجتي خاضعة لي ولأوامري باعتباري أنا الديك وهي الدجاجة، وبالتالي يُفترض أن أجرها من أذنها وأُركبها السيارة لتقود رغمًا عنها؛ تطبيقًا لقاعدة كثير من الذكور الذين لا يرون المرأة أكثر من طفل يُقاد و(يسمع الكلام) وإلا عوقب بمنع المصروف والخروج مع الأصدقاء.
زوجتي، بالمناسبة، قادت السيارة في أمريكا لقرابة ثلاث سنوات ولديها رخصة سياقة أمريكية، وهي بشيء بسيط من تنشيط الذاكرة واستعادة مهاراتها السابقة تستطيع أن تقود السيارة فورًا. وأنا اطالبها بذلك على الأقل لقضاء (المشاوير) القريبة من البيت. لكن قرارها هي، وهي حرة، ألا تقود الآن مثل كثير من النساء وبالتالي لا سلطان لي على هذا القرار مثلما أن لا سلطان لها على قراراتي، فالبيوت والعلاقات السوية تُبنى على التفاهم والتشاور وليس على العسف والإجبار، سواءً تمثل هذا العسف وهذا الإجبار في منعها من قيادة السيارة أو إرغامها على قيادتها على غير رغبتها.
لذلك، لمن يبحثون الآن عن أضواء خفتت أو شهرة غضت، ولمن يكررون هذا السؤال علي وعلى غيري من مؤيدي القيادة، رويدكم فنساؤنا لسن أغنامًا نقودها ونخضعها لمواقفنا وآرائنا. أنا مع قيادة المرأة للسيارة، ومع كل حالة تمكين وطنية ومجتمعية لها. وإذا اختارت أو قررت زوجتي، مثلها مثل غيرها، أن تستفيد من هذه المواقف والآراء وتطبيقاتها فهي حرة، وإذا لم ترد فهي حرة أيضا، فلست معنيًا بمواقفها وآرائها إن لم تنسجم مع آرائي ومواقفي. ويبقى أنني أحترمها وأحترم خياراتها أيًا كانت مثلما هي تحترم اختياراتي. هكذا يعيش الناس حول العالم: كل له خياراته وكل يحترم خيارات الآخر، حيث لا شجار ولا حماقات ولا تمييز ولا تسلط.
محمد العصيمي
(اليوم)