دروس المونديال.. متى نستفيد؟
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
لا تتميز التظاهرات والبطولات الكروية الكبرى بتقديم المتعة ولفت الأنظار، وأن كونها منصة يقف عليها الكبار من كل مكان وحسب، بل إنها أصبحت مكاناً أشبه بالمهرجانات أو المعارض المتخصصة، التي تقدم للجميع آخر ما وصلت إليه التكنولوجيا من حلول وابتكارات؛ ليستفيد منها جميع مَن يطلع عليها، وتكون فرصة للانطلاق ومزاحمة مَن سجلوا أنفسهم رواداً في مجالهم.
هذا ينسحب على بطولة كبرى مثل كأس العالم؛ إذ يصل 32 منتخباً تفوقوا على أقرانهم في القارات كافة، لتكون البطولة التي تقدم لنا فرصة الاطلاع على كل جديد في عالم المستديرة, الذي يتطور ويتغير باستمرار، ما يدفع للبحث والتساؤل عن إمكانية التعامل مع هذا الحدث التاريخي كتجربة يمكن الاستفادة منها.
لا يحتاج المتابع لأن يكون متخصصاً ليكتشف التحولات المثيرة في كرة القدم، إن فنياً أو تقنياً أو بدنيا، أو حتى ذهنياً، لم تعد كرة القدم في 2018 هي نفسها حتى في أوائل القرن الجديد، فضلاً عن السبعينات أو الثمانينات الماضية؛ إذ كانت كل الأنظار تتجه نحو المواهب والأسماء التي يعرف المتابعون بمختلف انتماءاتهم أنهم سيحدثون الفارق، كان ذلك سائداً حتى النسخ الثلاث الأخيرة.
لم يعد الأمر كذلك، فلا ميسي ولا كريستيانو رونالدو استطاعا أن يتجاوزا مع منتخبيهما دور الـ16، فالأول فريقه بالكاد وصل إلى البطولة وبشق الأنفس تخطى دور المجموعات، والآخر نجح في البداية لكن الحقيقة فرضت نفسها، لا مكان لفرق النجم الأوحد، هذا هو الدرس الأكثر وضوحاً الذي قدمه لنا المونديال.
لكن الدروس العميقة كانت تلك التي قدمتها فرق مثل كرواتيا والسويد، سويسرا، روسيا، واليابان، عدا عن فرق خرجت من دور المجموعات، وكانت تستحق الوجود في ثمن النهائي على الأقل، إذ في كل مباراة من هذه البطولة نتأكد حد اليقين أن الموهبة لم تعد وحدها معيار التفوق الأهم ولا حتى المهارة.
الجماعية، القوة البدنية، الحضور الذهني، القدرة على الالتحام، الانضباط التكتيكي، كلها عوامل وضعت الموهبة والمهارة في مؤخرة سلم عناصر النجاح في مباريات كرة القدم، صحيح أن لاعباً موهوباً ويتمتع بالمهارة يمكن أن يجلب فوزاً في مباراة أو اثنتين في بطولة ضعيفة، أو في دوري طويل.
كل هذه العوامل كانت أبرز نقاط ضعف المنتخب السعودي، وهي نقاط لا يمكن معالجتها بقرار أو بردة فعل أو حتى بمعسكر إعدادي، الأمر يستلزم مشروعاً وطنياً استراتيجياً كبيراً كما فعل هؤلاء الذين ذهبوا بعيداً نحو الكأس العالمية.
سلطان السيف
(الرياض)