السوق المالية .. وحديث المستقبل
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تعوّد الجميع في حديثهم عن السوق المالية السعودية أو “سوق الأسهم”، كما هي التسمية الشائعة، أن يكون حول الصعود والهبوط والربح والخسارة، وأضع خطوطاً تحت كلمة “الخسارة”، فلقد أحدثت المآسي خلال السنوات الماضية لكثيرين، وخاصة صغار المستثمرين الذين باع بعضهم منازلهم وسياراتهم وقبلوا الديون بشروطها المجحفة، على أمل الثراء الموعود.. كل ذلك في غياب الحوكمة والشفافية والعقاب.. الذي يطبق في الدول الأخرى على من يتلاعب بالأسواق ويلحق الضرر بصغار المستثمرين. مساء الأربعاء الماضي كان هناك حديث مختلف وغير مسبوق بين محمد القويز؛ رئيس هيئة السوق المالية والكتاب الاقتصاديين. كان الحديث مركزاً على مستقبل السوق المالية السعودية الأكبر عربيا والتي تسعى أن تكون من الأسواق العشرة الأولى. وعلى الأنظمة والإجراءات والحوافز التي اتخذت والتي سيتم اتخاذها لفتح هذه السوق لمزيد من الاستثمارات والتدفقات المالية حيث لا تظل سوقا محلية أو بحيرة مغلقة لا تأتيها المياه المتجددة من كل الجوانب. وأجاب رئيس هيئة السوق بكل شفافية وبالتفصيل عن الأسئلة. وقال في بداية حديثه إن بعض الزملاء الكُتاب، “ويقول ذلك لأنه كان كاتباً اقتصادياً في يوم من الأيام”، طلب طرح أسئلة قبل بدء اللقاء، فأشرت عليهم بأن يطرح أي سؤال في اللقاء المفتوح وستتم الإجابة عنه مني ومن زملائي في الهيئة الحاضرين معي. وفعلا سار اللقاء وفق أعلى مستويات المهنية والشفافية وكشف عن جوانب إيجابية كثيرة لا أعتقد أن باستطاعتي الإلمام بها في هذا المقال المختصر. لكن من أهم ما طُرح أن هيئة السوق المالية كمنظم لا تستطيع التدخل المباشر بشكل يتعدى على صلاحية ملاك الشركات ومجالس الإدارات فيها لوقف أي قرار مثل زيادة أو تخفيض رأس المال، لكنها تقف مع أي اعتراض يأتي من بعض الملاك لحماية مصالحهم وخاصة بالنسبة لصغار المستثمرين. وركز محمد القويز؛ كثيرا في إجاباته على حماية حقوق صغار المستثمرين، وقال إن إدخال التصويت الإلكتروني في الجمعيات العمومية جاء بنتائج إيجابية كبيرة، ففي الماضي كان صغار المساهمين لا صوت لهم لعدم قدرتهم على حضور الجمعيات العمومية وبإتاحة فرصة التصويت الإلكتروني تحسن مستوى المشاركة وستظهر نتائج ذلك في المستقبل بشكل أكبر. وأشار رئيس هيئة السوق المالية في إجابة عن سؤال عن فتح السوق السعودية لإدراج أسهم من دول أخرى، قال إن ذلك سيكون ربما في العام المقبل. وأشار إلى أن هيئة السوق تدعم الاندماجات بين الكيانات سواء القوية أو الضعيفة وتشجع على ذلك، وركز على أهمية التوعية حيث تقوم هيئة السوق بعقد ورش عمل لتوعية المستثمرين بالآليات والأنظمة والإجراءات التي تساعدهم على التعامل بمهنية عالية مع الخطوات التي يقدمون عليها. وفي سؤال لي عن توعية النشء ولماذا خف وهج برنامج المستثمر الذكي، أشار المسؤول عن البرنامج إلى أنه سيتم استئناف تنفيذه في المدارس وغيرها مع بداية الدراسة. وأخيرا: كما قلت في مقالة سابقة إن كُتّاب الرأي يقدمون الاستشارة مجاناً لجميع الجهات الحكومية، وأكد ذلك رئيس هيئة السوق المالية، الذي أشار إلى أن الهيئة استفادت من أفكار طرحها الكُتاب في مقالاتهم وفي لقاءات سابقة معه، ولذا سيتم تنظيم هذه اللقاءات بشكل دوري. وقبل الختام لا بد من الإشارة إلى أن طرح أسهم شركة أرامكو استحوذ على جزء من اللقاء، ويبدو أن هيئة السوق المالية استعدت بشكل كبير لهذا الحدث العالمي وتأخذ بعين الاعتبار تأثيره في السوق السعودية من جميع الجوانب.
علي الشدي
(الاقتصادية)