صراخ العقاريين
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
غريب أمر تجار العقارات. في السابق، عندما كانت الأسعار ترتفع بشكل مبالغ فيه، كانت النغمة السائدة بينهم التي يوجهونها لنا نحن المواطنين “السوق تتحكم بها قوى العرض والطلب”، الآن وبعد بدء انخفاض الأسعار، طالبوا الجهات المختصة بالتدخل لوقف هبوط الأسعار، وحماية السوق، وكأن السوق لا يمكن أن تكون في وضعها الطبيعي إلا عندما تدر عليهم الأرباح الضخمة، وتضر بالمستهلك وتستنزف قوته وقوت أبنائه، سواء في الإيجار أو من خلال القروض العقارية التي أثقلت كاهله بفعل شراء منزل بأسعار مرتفعة ومبالغ فيها.
تابعت مقاطع مسربة من لقاء العقاريين الأخير بعصام المبارك محافظ الهيئة العامة للعقار الإثنين الماضي، ولفت انتباهي حالة الضعف والاستجداء التي ظهر بها بعض العقاريين، عندما طالبوه بالتدخل ووقف نزول الأسعار، وهو الأمر الذي قابله المبارك بالرفض مستخدما ما كانوا يرددونه في السابق “السوق متروكة للعرض والطلب”.
كنا وما زلنا نؤكد ونشدد على أن الأزمة الإسكانية التي تعاني منها السعودية منذ سنوات، جاءت بفعل جشع بعض تجار العقار الذين لا يقبلون بالأرباح المعقولة، بل يقفزون إلى المبالغة غير المعقولة فيها، وهم السبب الرئيس فيما تتعرض له السوق من كساد وإحجام عن الشراء، فالمواطن أصبح واعيا لحالة الجشع تلك، ولا يمكن أن يبادر في شراء عقار بالأسعار المبالغ فيها، حتى لو كان ملك المال والسيولة. هؤلاء العقاريون هم السبب فيما تتعرض له عقاراتهم ومنتجاتهم من كساد وعزوف عن الشراء، هم من رفع الأسعار في السابق ومن “تورط” بها حاليا، وعليهم أن يجنوا ويحصدوا ما زرعوا بفعل جشعهم وطمعهم.
أيضا من الأشياء الملفتة في اللقاء، هو مطالبة العقاريين للهيئة والجهات المسؤولة بـ “إصمات” وسائل الإعلام ووقف تقاريرها عن السوق العقارية، التي يرون أنها مضرة بالسوق، في حين أنها لا تضر إلا جشعهم، هم فقط يريدون من يسوق لمنتجاتهم بالأسعار التي يرغبون بها، يريدون من “يطبل” لتوجهاتهم ضاربا بمصلحة السوق والمواطن عرض الحائط.
ما شاهدناه في اللقاء الأخير، الذي وصفه بعضهم بـ “صراخ العقاريين”، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن السوق العقارية في طريقها للتصحيح والعودة إلى الأسعار الحقيقة غير المبالغ فيها، التي ستكون في متناول يد جل المواطنين، وأن الأزمة الإسكانية في طريقها إلى الحل، ولكن تحتاج إلى مزيد من الإحجام عن الشراء ورفض الأسعار الحالية، التي ستهبط لا محالة في القريب العاجل.
سطام الثقيل
(الاقتصادية)