الإسكان.. وقناعة المواطن!
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
قبل عام وفي مثل هذا التوقيت حضرت مع عدد من الإعلامين مراسم تخصيص منتجات سكنية وتمويلية للمواطنين من قبل وزارة الإسكان، وبعد انتهاء الحفل التقينا الوزير ماجد الحقيل في حديث مسؤول مع إعلاميين استمر لما يقرب الساعة؛ تحدث فيها وزير الإسكان عن تحديات كبيرة في قطاعه، وحلول عملية للمواجهة، ودعم حكومي مستمر من القيادة لتوفير السكن للمواطنين، وتناول تفاصيل كثيرة من الأرقام، والتوجهات المستقبلية، ولكنه توقف كثيراً عن دور وزارة الإسكان كمنظم ومشرّع ومراقب وفق رؤية الوزارة الجديدة، ومشاركة القطاع الخاص في الحل، وآلية الدعم للمستحقين.
سألته حينها: بعد كل ما ذكرت معالي الوزير هل تعتقد أن المواطن مستعد لسماع كل تلك الحقائق التي ذكرت، ومتقبل لها، ومدرك لتفاصيلها؟، وأتذكر جوابه: أتمنى ذلك؛ فالواقع لا يحتمل أي اجتهادات، أو تأزيم للمواطن في موضوع يرى فيه حلم حياته وأسرته، ولا نريد في الوزارة أن نعيد سياسات الأمس وأمامنا استحقاقات ومبادرات ملزمين بتنفيذها، ولكن ما نقوم به يحتاج إلى وقت ليس طويلاً.
ماجد الحقيل في مجلس الشورى بعد غدٍ يجيب على تساؤلات واستفسارات وملاحظات الأعضاء عن قطاع الإسكان في المملكة، وتقارير وزارته السنوية، ويبدو أن الجلسة بدأت منذ إعلان الموعد، وزاد عليها طلب مجلس الشورى من المواطنين تقديم تساؤلاتهم وشكاويهم على البريد الإلكتروني، فضلاً عن ما يثار وسيثار في شبكات التواصل الاجتماعي عن الوزارة في مشروعاتها، وسياساتها المستقبلية.
صوت المواطن سيعلو لحظة ما ينتهي وزير الإسكان من كلمته تحت قبة الشورى، وسيبدأ المشهد بسيل من التساؤلات وربما الانتقادات من الأعضاء، ولكن الجواب واحد في كل ما يثار، وهو أن الحكومة رسمت سياسة التعامل مع ملف الإسكان والوزير ينفذ، فلا مجال للقفز على ما هو كائن لما يفترض أن يكون من وجهة نظر البعض.
الحكومة باختصار أحالت ملف الإسكان إلى القطاع الخاص، والوزارة مجرد مراقب ومشرّع ومنظم للسوق، وهو توجه له ما يبرره، وفي هذا التوقيت، وتحت ظروف التحول من رعوية الدولة إلى إنتاجية المواطن، وتعزيزاً لكفاءة الإنفاق، وبرامج الخصخصة، والتنافسية، وبالتالي لا نحمّل وزير الإسكان ما لا يحتمل، رغم أن وجوده في مجلس الشورى يُحسب له على الأقل ليعرف الشوريون أن الإسكان لم يعد حلاً وحيداً تملكه الحكومة، وإنما شراكة بين المواطن والحكومة والقطاع الخاص، وكل ما يحتاجه الأعضاء مستقبلاً من معلومات وأرقام دقيقة للحكم والمقارنة سوف يجيب عنه مركز الدراسات والرصد الإسكاني الذي تم الإعلان عنه مؤخراً وبكل شفافية.
التحدي الأكبر أمام ماجد الحقيل وفريق عمله هو كيف نقنع المواطن أن الحكومة بقراراتها وأراضيها وآلية دعمها للمستحقين، والبنوك بأموالها، والمطورين بمنتجاتهم؛ كل هؤلاء يوفرون الخيارات السكنية التي يشعر المواطن أنه قادر على الوفاء بها مادياً.. هذا هو التحدي.
د. أحمد الجميعـة
(الرياض)