قطر: جميع الطرق مسدودة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تشبث النظام القطري بالفرص التي تأتيه من خارج منطقة الخليج لن تصنع أي حل له قيمة، وعلى الشعب القطري أن يعي أنه لا حل دون تطبيق الشروط الـ13 فهي التي تضمن الاستقرار، ومع ذلك فقد بت أرى أنه حتى لو رضخ نظام الحمدين لهذه الشروط سيكون من الصعب تقبل نظام لا يوثق به في المنطقة بعد كل ما حدث.
يبدو أن قول الرئيس الأميركي «ترمب» أن على قطر أن تدفع تكاليف وجود القوات الأميركية في سورية وأن عليها أن ترسل قواتاً إلى هناك وإلا سينسحب من قاعدة العديد التي يتكئ عليها نظام الحمدين في بقائه، قد أصاب النظام القطري بالذعر، ولعل تصريحات وزير الخارجية السعودي بأن نظام الحمدين سوف يسقط في أسبوع لو انسحبت أميركا من قطر زاد النظام القطري تشتتا. توقفت عند بعض التعليقات لمحللين سياسين حول تصريحات الجبير الأخيرة وشعرت بحالة التشتت وعدم التركيز التي تعيشها قطر في الفترة الحالية، فاستمرار الأزمة ليس في صالحها، فقد وعى القطريون أن العالم سوف ينساهم وسيجدون أنفسهم في عزلة يصعب التعامل معها في المستقبل. تصريحات وزير الخارجية السعودي تشير إلى الثقل السياسي والعسكري الكبير التي تمثله المملكة، وبعيداً عن المهاترات السياسية والكلام الأجوف الذي يطلقه بعض المحللين السياسين القطرين، والتي حاولوا فيها التقليل من أهمية تصريحات الجبير، إلأ أنه يجب على النظام القطري والقطريين أن يعيدوا حساباتهم خلال الأيام القادمة، إذ لا يعني أبداً أن استمرار الأزمة لفترة اقتربت من العام أنها ستستمر لعام آخر.
حالة عدم التركيز التي تعيشها قطر هذه الأيام ضربت بأطنابها في جميع ردود الأفعال التي يمارسها نظام الحمدين، ولعل محاولة التقرب من الإدارة الأميركية ومحاولة إغرائها بالمال كي تبقي الولايات المتحدة الأميركية حمايتها لقطر تعبر عن حالة الفزع واليأس التي وصل لها نظام قطر. البعض يرى أن هذه المحاولة هي «رشوة مبتذلة» لا تصدر من نظام يحترم نفسه ويحترم شعبه ودولته، ومع ذلك فإن جميع هذه الإغراءات لن تجدي نفعاً، والتصريحات التي أطلقها وزير الخارجية السعودي والتي قال فيها إن على قطر أن تدفع الثمن بعد محاولة أمير قطر تقديم 100 مليار دولار لتطوير قاعدة العديد في محاولة إغراء الولايات المتحدة للبقاء في هذه الدولة الغريبة الأطوار بعد أن هدد الرئيس «ترمب» بالانسحاب من القاعدة، تؤكد أن دولة بحجم قطر غير قادرة على الصمود بمفردها ولا حتى بمعونة الآخرين وفي النهاية سوف ترضخ، لكن قد يكون الوقت آنذاك قد فات وأن الخسائر أصبحت ثقيلة جداً.
أي محاولة فهم للوضع الراهن في قطر سوف يجرنا إلى حالة القلق العام من استمرار عزل قطر لنفسها عن المحيط الخليجي والعربي والخسائر «الجيوسياسية» البعيدة المدى التي ستتحملها في المستقبل. المحاولات العبثية التي يمارسها نظام الحمدين لشد الانتباه إلى دولة دخلت عالم النسيان لن تجدي نفعا، فهذا النظام لم يعِ للأسف حجمه الحقيقي وأنه لا يمثل وزناً مهماً في العالم المعاصر وأن المقدرات الاقتصادية التي يملكها حالياً قد تساعده على الاستمرار بعض الوقت واستمالة بعض الداعمين بشكل مؤقت لكنه دعم لن يستمر طويلاً. هذا على الأقل ما شعرت به من حديث بعض الزملاء الذين زاروا أقارب لهم في قطر وتقاطعوا مع مجموعات من المجتمع القطري. لقد أجمعوا على أن هناك حالة من القلق في عيون الناس وأن الوضع الاقتصادي آخذ في التدهور وأنهم كانوا في غنى عن كل ما يحدث.
من الواضح أن فرص الحل تتقلص أمام النظام القطري وأن تعلقه بحبال أمل ذائبة يجلبها له تجار السياسة الذين هم أشبه بتجار الشنطة لن يبقيه طويلاً، بل إن هذا سيضيق من فرص الخروج من الأزمة دون خسائر فادحة. تشبث النظام القطري بالفرص التي تأتيه من خارج منطقة الخليج لن تصنع أي حل له قيمة، وعلى الشعب القطري أن يعي أنه لا حل دون تطبيق الشروط الـ13 فهي التي تضمن الاستقرار، ومع ذلك فقد بت أرى أنه حتى لو رضخ نظام الحمدين لهذه الشروط سيكون من الصعب تقبل نظام لا يوثق به في المنطقة بعد كل ما حدث.
مشاري عبدالله النعيم
(الرياض)