التخصيص .. مصالح الجميع محفوظة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
كان الحديث عن مفهوم التخصيص وعن أدواته مثار جدل في المجتمع، ولا يلام أحد إذا البرنامج ككل لم يظهر بتفاصيله إلى المجتمع. والحديث عن القطاع الخاص في الخدمات يقلق بشأن الجودة والمنافسة والأسعار، والسبب في ذلك هو اختلاف نتائج التجارب العالمية والمحلية بهذا الشأن، لكن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد حسم الجدل حول هذا الموضوع مع اعتماده أمس خطة تنفيذ “برنامج التخصيص” كأحد أهم برامج تحقيق “رؤية المملكة 2030″. وقد تم نشر وثيقة البرنامج على هذا العموم، حيث يمكن للمجتمع بجميع شرائحه الاطلاع عليها كجزء من قواعد حكومة برنامج التحول الوطني و”رؤية المملكة 2030”. ويمكن القول بمزيد من الثقة والتوكل على الله إن مشروع برنامج التخصيص يسير بشكل يفوق التوقعات، وقد تم التخطيط له بطريقة تضمن كثيرا من النتائج المرجوة ذات العوائد الاجتماعية والاقتصادية والتنموية الرائعة ــ بإذن الله.
من خلال وثيقة البرنامج فقد تم اعتبار التخصيص في وثيقة البرنامج أنه نقل ملكية الأصول من الحكومة إلى القطاع الخاص، ويشمل ذلك عقود بيع الأصول بشكل كامل أو جزئي، وعقود الشراكة بين القطاعين وهذه العقود يمكن أن تأخذ أشكالا متعددة مثل، إسناد مهام إدارة وتشغيل أصل مملوك للحكومة، كما تتضمن قيام جهة من القطاع الخاص ببناء أصل مع تشغيله ثم نقل حقوق الملكية للحكومة. وفقا لهذا المفهوم فإن البرنامج يتضمن مبادرات في مجالات شتى من بينها التعليم والنقل والصحة. ففي مجال التعليم مثلا أطلق البرنامج المعتمد مبادرات مثل جذب الاستثمارات الخاصة لتمويل إنشاء وتشغيل المدارس الحكومية تحت اسم “المدارس المستقلة” (وهذا من نوع عقود بناء الأصل وتشغليه)، وفي النقل جاءت مبادرات مثل تحويل الموانئ إلى شركات (وهذا من نوع إسناد مهمة إدارة وتشغيل أصل مملوك للدولة)، وكذلك مبادرة الشراكة بين القطاعين العام والخاص بشأن إنشاء المركز الطبي الجديد لشركة الخطوط الجوية السعودية. وفي مجال تحلية المياه تأتي مبادرة تخصيص قطاع الإنتاج في المؤسسة العامة. وفي الصحة مبادرة مثل تحويل مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث إلى مؤسسة غير ربحية، كما تأتي مبادرة أخرى للشراكة في جانب الرعاية الصحية الأولية. فهذه المبادرات التي اعتمدها البرنامج تسعى إلى تحقيق عدة أهداف من أهمها وصول الخدمات إلى المستفيدين منها بجودة أعلى وأفضل، تحسين الصحة وتسهيل الحياة في المدن من خلال معالجة مشكلات النقل.
من الملاحظ في برنامج التخصيص النص على تنفيذ مبادرات البرنامج بما يراعي مصالح جميع المستفيدين ويرفع عدالة التعاملات مع القطاع الخاص. لتحقيق هذه الشروط الأخيرة فإن خطة البرنامج تضع قواعد للحوكمة صارمة جدا، فعلى رأس الهرم يقف مجلس الشؤون الاقتصادية ثم اللجان الإشرافية التي تمثل كل قطاع بوزيره مع وزير المالية وعضوية آخرين، كما أن هناك مركز التخصيص الذي يمثل مركز إشراف ورقابة، إضافة إلى وسائل كافية من الشفافية والرقابة. ولأن البرنامج يمثل خطة استراتيجية فإن مؤشرات الأداء كانت بارزة في خطة التخصيص التي اعتمدها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. ومن بين أهم المؤشرات الاقتصادية رفع مساهمة البرنامج في الناتج المحلي بين 13 و14 مليارا، وسيتمكن البرنامج من خلال أداء القطاع الخاص وجذب الاستثمارات من توليد فرص عمل تقدر بين عشرة آلاف و12 ألف وظيفة خلال فترة البرنامج، وستصل الوفورات للمالية العامة في الميزانية التشغيلية إلى قيمة تزيد على مليار ريال، وإضافي الوفورات في الميزانية الرأسمالية إلى 33 مليارا، بينما ستصل العوائد إلى 40 مليارا.