الجبير: قمة القدس تُعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية
أكد وزير الخارجية عادل الجبير، أن القمة العربية الـ 29 ركزت على مختلف القضايا والتحديات التي تواجه الدول العربية.
وأوضح خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقده مساء الأحد (15 أبريل 2018م) مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عقب اختتام أعمال القمة، أن تسمية القمة بـ(قمة القدس) يعود إلى الرغبة القوية في إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية التي تمثل القضية المركزية والأساسية للعرب بعد أن أثرت عليها الأزمات المتفاقمة في المنطقة.
وقال: “إن الدول العربية والإسلامية تشعر بالحاجة لإبراز هذه القضية في ظل الحاجة الماسة لمساعدة الفلسطينيين في الحصول على حقوقهم المشروعة وفى مقدمتها إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس”، لافتا النظر إلى الدعم السخي، الذي قدمته وتقدمه المملكة لأشقائها في فلسطين في جميع المناسبات العربية والعالمية بما يسهم بفعالية في تحقيق العيش الكريم للشعب الفلسطيني وتمكين الحكومة الفلسطينية من تعزيز اقتصادها.
وأشار في هذا الصدد إلى إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، خلال أعمال القمة عن تبرع المملكة بـ 150 مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف في القدس، و 50 مليون دولار لدعم برنامج إعادة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وأبان الجبير، أن القمة العربية أيدت العملية والضربة العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا لمواقع تتبع للنظام السوري كانت تمثل مقرات للعمليات الإجرامية التي اقترفها بحق المدنيين السوريين العزل، عبر استخدامه لأسلحة تحتوي على غاز سام محظورة دولياً.
وأكد موقف الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، وإيمانها أن الاستقرار في سوريا لن يتحقق إلا بحلٍ سلمي يرتكز على أساس ما جاء في إعلان جنيف (1)، وقرار مجلس الأمن 2254 ، ومؤتمر الرياض 2 للمعارضة السورية ، المنعقد في شهر نوفمبر من العام الماضي 2017م.
وبشأن تسمية القمة الحالية بـ “قمة القدس” أكد وزير الخارجية أن القضية الفلسطينية قضية محورية ورئيسية وهي أطول نزاع في المنطقة والشعب الفلسطيني عانا عام 1949م كما عانا كذلك في عام 1967م إلى جانب تواجد الملايين من اللاجئين الفلسطينيين في العالم إضافة إلى الملايين الآخرين الواقعين تحت الاحتلال الإسرائيلي وهم بحاجة ماسة لإعطائهم دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية ليستطيعوا أن يعيشوا حياة كريمة ويبنوا دولتهم ، والأمة العربية والإسلامية تحس بالألم الذي يحس به الأشقاء الفلسطينيون.
وقال: “هناك رغبة لإبراز القضية على جدول أعمال الجامعة العربية وفي ذهن العالم العربي والإسلامي ، وفي ظل ما يشهده العالم العربي من نزاعات وأزمات يجب علينا أن لا ننس أنها هي القضية الأساسية ولذلك قام خادم الحرمين الشريفين، بإطلاق اسم (قمة القدس) على هذه القمة”، مؤكدا أن موقف المملكة دائم وثابت تجاه القضية الفلسطينية ودعم عملية السلام، مستدلا بمبادرة السلام العربية التي أعلنت في عام 2002 م ،إلى جانب استضافة منظمة التعاون الإسلامي لقمة السلام .
وتحدث الجبير، عن قرار أميركا الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل حيث قال: “إننا قد أعلنا عن موقفنا الواضح للولايات المتحدة الأميركية أن القدس الشرقية هي عاصمة لدولة فلسطين وأنه ينبغي ألا يتخذ أي قرار يخل بهذا التوازن في هذه المنطقة وأن القرار الذي اتخذ من قبل أمريكا له آثار سلبية ، وشهد إدانة وشجباً من مختلف الأطراف الدولية.
وعن تأثير الموقف الأميركي على العلاقات مع المملكة قال الوزير الجبير: “حافظنا على علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة الأميركية ونسعى قدما في هذا السياق ولدينا علاقة إستراتيجية وأصبحت أقوى حالياً ، فكونهم أصدقاء لنا فإننا نواصل الحوار والتفاهم في الأمور التي نختلف بشأنها ، مشيرا إلى أن العلاقة حاليا قوية مع إدارة الرئيس الأميريكي دونالد ترمب، وهذه الإدارة ظلت أيضا إيجابية في السعي إلى المساعدة والتوصل إلى حوار بشأن هذا الأمر.
من جانبه أوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية أنه منذ الإعلان الأميركي بالاعتراف أن القدس عاصمة لإسرائيل هناك زخم ورفض شعبي عربي متصاعد بدأ باجتماع وزراء الخارجية وذلك بتشكيل لجنة تحرك للدفاع عن الموقف العربي ووضع الاستراتيجية العربية في الذهاب لمجلس الأمن للتعبير عن الرفض لهذا الموضوع واستصدار قرار قوي يرفض الموقف الأميركي ولاقى القرار موافقة 14 دولة ، مشيرا إلى العرب ذهبوا كذلك إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة مسلحين بقرار الدورة الاستثنائية الخاصة بشأن القدس وحصلوا على تأييد 129 دولة ضد القرار الأميركي ، مؤكدا أنه لا يمكن أن يتصور أن تمر القمة بوصفها أعلى جهاز يمثل الأمة على القضية الفلسطينية مرور الكرام.
وحول الخطوات التي تتخذها الدول العربية للعودة للمرحلة المقبلة فيما تشهده المنطقة من أزمات ، أوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية أن وثيقة التعاون وتعزيز الأمن القومي العربي لمواجهة التحديات المشتركة تضمنت كيفية تعزيز الأمن العربي ، كما اشتمل بيان القمة على أن هناك طرحا لوثيقة أو رغبة في مناقشة وثيقة سبق توزيعها على وزراء الخارجية حول أولويات الأمن القومي العربي إلى جانب مجموعة الوثائق الصادرة في هذه القمة مثل إعلان الظهران أو وثيقة التعاون العربي تمثل الإطار العام لإعادة الدور العربي مرة أخرى في الدخول في الأزمات التي تم تنحية الدول العربية عنها ، مؤكدا أن مجموعة القرارات الصادرة تعكس حقيقة الاستراتيجية العربية.
وفيما يخص التدخل الإيراني في الشأن العربي قال الأمين العام :” إن الشأن الإيراني موجود في جميع الوثائق الصادرة عن القمة ، وتطالب إيران بالامتناع عن تصرفاتها سواءً في البيان الصادر عن المجموعة الرباعية التي تمثلها المملكة العربية السعودية ودولة الأمارات ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية ، وهذه اللجنة لها مطالب ضد إيران والقمة أطلعت عليها”.
وعن جهود جامعة الدول العربية في التصدي للتدخلات الإيرانية في المنطقة العربية، أكد أبو الغيط أن اللجنة الرباعية اجتمعت قبل انعقاد القمة وأعدت تصورات ورؤى إزاء الممارسات الإيرانية في الشأن العربي ،كاشفاً أن اللجنة تعمل على محورين، الأول الحد من التدخل في شؤون المنطقة ،كذلك عدم السماح لإيران بتطوير الأسلحة والصواريخ بالتعاون مع المجتمع الدولي بحيث لا يسمح بتطوير صواريخ بالستية طويلة المدى الأمر الذي يهدد أمن واستقرار الدول العربية ، أما المحور الثاني فيتمثل في مطالبة المجتمع الدولي بإعادة النظر في الاتفاقية النووية بحيث لا يكون لها نهاية أو زمن محدد كما هو معمول به حالياً من 10 سنوات إلى 15 سنة،وحظر تخصيب اليورانيوم.
من جهته أكد وزير الخارجية عادل الجبير، أن تعديل الاتفاق النووي لا يحل بمفرده مشكلة إيران مع الدول العربية ، لافتا النظر إلى قضية الصواريخ البالستية التي تصدرها إيران لميليشيات إرهابية في المنطقة سواء كانت ميليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن أو ميليشيا حزب الله الإرهابية في لبنان ، وقال: “هذا أمر غير مقبول ويجب أن يضع المجتمع الدولي حدا لإيران”.
وشدد الجبير، على ضرورة اتخاذ موقف دولي حازم بشأن دعم إيران للإرهاب وتدخلاتها في شؤون الدول العربية ومعاقبتها على هذه الأفعال ، مشيرا إلى أن إيران تؤوي قادة من تنظيم القاعدة ،يعملون ويخططون لأعمالهم الإرهابية من أراضيها ، مستشهدا بتواجد سيف العدل قائد العمليات الإرهابية في عام 2003 في إيران وهو الذي أعطى أوامر لتفجير ثلاثة مجمعات سكنية في الرياض ، متسائلا : لماذا لا تدفع إيران الثمن ؟.
وقال الجبير: ” في حال تم التوصل إلى حلول للقضايا الشائكة مع إيران فإنه يمكن احتوائها ” ، مضيفا: ” نكن كل احترام للشعب الإيراني ولكن المشكلة هي مع النظام الذي تأسس بعد ثورة الخميني الذي يسعى للهيمنة على المنطقة وينشر الفتن الطائفية”.
وفي الشأن السوري، اتفق وزير الخارجية والأمين العام للجامعة العربية، على أهمية الحل السياسي لهذه الأزمة.
وحول الضربة العسكرية الأخيرة التي استهدفت النظام السوري، أكد وزير الخارجية، أن جريمة استخدام السلاح الكيماوى فى الغوطة الشرقية هي أدت إلى التحرك العسكري الغربي الثلاثي ضد المواقع التابعة للنظام السوري، مشيرا إلى إعلان الظهران الذي أكد إدانته الشديدة لاستخدام هذا السلاح ضد المدنيين.
فيما أشار الأمين العام للجامعة العربية من جانبه أن قادة الدول العربية أكدوا على أهمية تكاتف الجهود العربية لإنهاء سفك الدماء في سوريا، والإدانة المطلقة لاستخدام الأسلحة الكيماوية وتعزيز العمل العربي المشترك المبني على منهجية واضحة وأسس متينة تحمي الأمة العربية من الأخطار المحدقة.
وفيما يخص الشأن اليمني نوه الجبير، بإجماع ودعم ومباركة الدول العربية المشاركة في “قمة القدس” لجهود قوات التحالف لدعم الشرعية في اليمن، والدعم الكبير للجيش اليمني النظامي ، اللذان أسهما بشكلٍ مباشر في تحقيق نتائج إيجابية ميدانياً، وذلك بتضييق الخناق على ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران وتقهقرها، وتحرير معظم الأراضي اليمنية، وعودة الحياة إليها، منوهين بالعمل الإنساني الكبير والاحترافي واسع النطاق، وفق مشروع الخطة الإنسانية الشاملة المنفذة في الداخل اليمني، المستهدف لعديد من القرى المنكوبة التي تسيطر أو كانت تحت سيطرة هذه المليشيا الإرهابية، التي عاثت فسداً في الأراضي اليمنية، وتمارس شتى أنواع الخروقات للقوانين والأعراف الدولية أمنياً وإنسانياً.
وأكد الجبير، أن القمة أدانت بأشد عبارات الاستنكار والرفض لممارسات هذه الميليشيا الإرهابية، التي تتخذ من مقدسات المسلمين، والمدن المأهولة بالسكان في المملكة ، أهدافاً لصواريخها البالستية المصنعة في إيران، وإصرارها على مزيد التجاهل للقانون الدولي، والتمادي بمثل هذه الأعمال الإجرامية والإرهابية، التي تثبتها إطلاق 119 صاروخاً من قبل هذه الميليشيا المارقة الخاضعة لتدريبٍ وتشجيع ودعم إيراني ، التي لا يعنيها سوى تسويق الكراهية والتطرف والطائفية، واستغلال الفرق والجماعات الملوثة فكرياً لتنفيذ أجندة، من شأنها الإضرار بأمن واستقرار الدول المجاورة لإيران ، مبرزا مطالبة أعضاء الجامعة العربية بلزوم الكف عن هذه الأفعال الإرهابية ذات النتائج السلبية على الجميع.