إيران نازية جديدة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
لقد أثبتت الأحداث التي مرت على سورية خطورة الدور الإيراني وأن الفكر المتطرف الذي يقود الأمور هناك ليس له هم سوى نشر الدمار والتحالف مع كل قوى الشر أينما كانت وكان شكلها. والسعودية قد أدركت خطورة الفكر الذي يقود إيران اليوم، وحذرت منه مرارا وتكرارا، لكن دولا عديدة قد انخدعت بالدعاية الإيرانية ـــ كما انخدعت أوروبا كلها بهتلر وحزبه النازي ووقعت معه اتفاقيات رسخت فرص الحرب العالمية الثانية. ولقد شكلت الفترة الثانية من ولاية الرئيس الأمريكي أوباما والاتفاقيات التي تم إبرامها مع إيران بشأن قدراتها النووية خير مثال لما يمكن للدعاية الإيرانية أن تفعله لقلب الحقائق وتشويهها. وإذا كانت المملكة بحنكة قادتها السياسية المعهودة قد امتصت الحدث حينها لم تقم بردات فعل قد تستغلها إيران لإشعال الحرب التي تريد، فقد كانت سياسية الملك سلمان منذ توليه الأمر في المملكة هي فضح هذه الدعاية وكشف حقيقة الحزب الذي يحكم إيران حاليا والتحذير منه. وقام خادم الحرمين الشريفين بنفسه بعديد من الزيارات الدولية وقاد “عاصفة الحزم” ضد أذرع إيران الإرهابية في كل مكان، وعقد مع الرئيس ترمب في الرياض قمة تمت دعوة الدول الإسلامية كافة لها، واليوم يقوم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بكشف كل الحقائق نحو تطرف إيران بلا مواربة، فالأمور يجب أن تعود إلى نصابها الآن، والنجاح الذي حققته زيارة ولي العهد لكل من بريطانيا والولايات المتحدة وأخيرا فرنسا، قد جعل إيران تعود إلى حجمها وتعي قدرات المملكة على كل الأصعدة. ويأتي حديث ولي العهد في المؤتمر الصحافي الذي عقده بجانب الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه تتويجا لكل الجهود التي بذلت سياسيا من أجل نزع فتيل حرب عالمية قد تشعلها إيران في المنطقة وتزعزع بها الاستقرار والسلام الدولي خاصة أن الحزب الحاكم في إيران لم يستثمر الأموال التي منحت له مع الاتفاقية النووية لازدهار الشعب وإنما لنشر الإرهاب والتطرف. وإذا كانت إيران مستعدة للذهاب إلى الحرب فإن المملكة ليست من يخشاها، وكما قال الأمير محمد بن سلمان “مستعدون للعمل مع حلفائنا في أي عمل عسكري بسورية إذا تطلب الأمر”. لكن المملكة وكشعوب العالم المتحضرة لا تريد أي تصعيد للوضع. وبلغة قوية مثل هذه فإن المملكة تبقي كل الخيارات مفتوحة، وعلى إيران ومن يقف في صفها معرفة أن الأخطاء التي ارتكبها العالم مع الحزب النازي في الماضي لن تسمح المملكة بتكرارها اليوم مع إيران. هنا نقول إن جولة الأمير محمد بن سلمان قد نجحت تماما ليس من جوانبها السياسية التي ألمحنا إلى بعضها بل حتى من جوانبها الاقتصادية، وإذا كانت المملكة تلوح بخيارات قاسية لفهم الوضع في المنطقة فهي أيضا تضع اتفاقيات التنمية والحضارة والازدهار بين يدي العالم، ومن الواضح جدا اليوم من يريد الدمار ومن يريد السلام للعالم أجمع، من يريد أن يكون محورا للشر ومن يريد أن يكون منصة التنمية والازدهار في قارات العالم الثلاث. وباتفاقيات تصل إلى قريب من تريليون دولار مع أقطاب العالم الاقتصادية بريطانيا وأمريكا وفرنسا، ومع تخصيص أكثر من 18 مليار دولار لـ 20 اتفاقية مع فرنسا في قطاعات عدة، تتضمن السياحة والأنشطة الثقافية والرعاية الصحية والزراعة، فإن المملكة تقود أقطاب الحضارة الإنسانية اليوم إلى تعاون مثمر بناء. واقتصاديا فإن الحدث الاقتصادي الأكبر الذي تنتظره المملكة يتعلق بطرح شركة أرامكو، وهذا العملاق الاقتصادي يسعى إلى الاستفادة من زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا، وتوسيع استثماراته مع الشركات الفرنسية من أجل تحقيق مزيد من النمو والانفتاح الاقتصادي والتنوع الاستثماري، فقد أعلن الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية عزم الشركة توقيع ثمانية اتفاقات مع شركات فرنسية بقيمة عشرة مليارات دولار من بينها توسيع التعاون مع شركة الطاقة الفرنسية الضخمة، توتال، ومع شركتي سويز وفيوليا بشأن معالجة المياه الصناعية، وهذه الاتفاقيات سيكون لها تأثير إيجابي في تقييم “أرامكو” ونجاح طرحها القادم. لكن شهية “أرامكو” للتنويع الاقتصادي وجدت فرصتها في فرنسا من الواجهة الثقافية، حيث تعهدت “أرامكو” بتطوير تعاون مع معهد العالم العربي في باريس ومركز بومبيدو، مركز الفن المعاصر المعروف عالميا في باريس، وهذا تحول رئيس في الدور الذي يمكن أن تقوم به “أرامكو” لبناء المجتمع السعودي في هذه المرحلة المهمة من ازدهاره.