لنختلف ونحب بعضنا!
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
مع كل هذا التغيير الذي يحيط بنا، ورغم كل التحولات السريعة، كان لابد من إيجاد نقاط محددة تشكل جسراً للوصول إلى المشتركات بيننا والعالم الخارجي، لذلك كان لابد من أن نغير من مستوى الخطاب الذي يعكس تفاعل الذوات مع محيطها، والسؤال كيف يتقاطع مفهوم التوصيل مع مفهوم التواصل في شبكة العلاقات الاجتماعية والافتراضية؟
إن مدى تأثرنا كبشر بما يحيط بنا منبعه العقل اللاواعي الذي تراكمت فيه التجارب والخبرات البيضاء والسوداء على حد سواء، ورسائلنا الداخلية تظهر كمحفز لتعكس ما نحن عليه، وعندما نحاول دمج أنفسنا مع الآخر نفشل في الوصول لنقطة الالتقاء البشري لأننا تعودنا ألاّ نعترف بمدى جهلنا بذواتنا، فالتعرف على الذات هو المستوى البدائي من المعرفة الإنسانية، فلا يوجد شيء سوانا يجعلنا متخوفين أو أقوياء أو محبين، لا يوجد شيء لا يستأذننا. أن نعترف باختلافاتنا، معناها أننا نلاحظ مشاعرنا، ونلغي ما يؤذي منها، ونستبدلها بما هو أذكى، فالإنسان مجبول على تقدير الذات ومحاولة كسب تقدير الآخر، ولكن في مجتمعنا فشلنا في التعامل مع الآخر نتيجة لاعتبارات كثيرة مر بها المجتمع وسرق الحياة منا، وجعلنا مقيدين في دائرة واحدة، فأصبح لدينا شكل واحد في الخطاب، وطريقة واحدة في التواصل مع الآخر بغض النظر عن مدى فاعليتها.
إننا لا نملك أدوات وعصاً سحرية لتغيير الماضي ومن المحال تغييره، ولكننا نستطيع إحداث التغيير في المستقبل الذي لم يحدث بعد في محاولة منا للإمساك بالزمن القادم والتغيير الذي ننشده قد يكون جزئياً أو قد يكون شاملاً فهو يعتمد على حسب ما مهدنا وخططنا له وحسب رؤيتنا التي نريدها، فمن السهولة بمكان التعامل مع المستقبل وتغييره بشرط أن نخرج من صندوق واقع أفكارنا المطوقة بأعاصير الأحكام الجاهزة والأفكار المكررة والطرق التقليدية في تفاعلنا مع الآخر، فنحن نختلف مع الآخر ولا نقبله، متى نتقبل الاختلاف بقبول واحترام، ومتى نفهم أن التعامل مع الآخر وتقبله كما هو لا يهدد بقاءنا ولا يضرنا بل يثرينا، لذلك تغيير تقنيات التفاهم والتعامل مع الآخر أصبحت ضرورة ملحة لنتجاوز أمراضنا وعقدنا النفسية، فنحن لم نستوعب أن العالم يتغير ويتجدد، ولابد أن نغير خطابنا وطريقتنا ومفاهيمنا الأساسية.
وفي مجتمعنا المعاصر نجابه العديد من التحديات التي قد تعوق مسيرتنا نحو رحلة المستقبل لذلك كان لزاماً علينا أن نبدأ بتغيير دواخلنا وفتح نوافذ قبول الآخر علّنا نجني القبول والحب.
د.زينب الخضيري
(الرياض)