الرياض وواشنطن .. الحرب على الإرهاب لا تتوقف
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
لم تقدم إيران منذ أكثر من أربعة عقود، أي إشارة يمكن أن يعتبرها المجتمع الدولي بمنزلة حسن النية على أنها قادرة على بناء علاقات طبيعية مع محيطها ومع بقية بلدان العالم. الحقيقة أنها قدمت كل ما يؤكد إرهابها وإجرامها وتدخلاتها وخرابها وظلمها، على الساحة العالمية بشكل عام، وعلى ساحة المنطقة بشكل خاص. بل إن النظام الإيراني لم يستثن بإرهابه وقتله حتى مواطنيه الذين لا يرغبون إلا في حياة فيها الحد الأدنى من الكرامة. وهذا النظام، أخذ من الفرصة من بلدان العالم (ولا سيما السعودية)، أكثر مما يكفي لكي يكون جزءا من المنظومة العالمية، إلا أنه أثبت مرة بعد الأخرى، أنه لا يمكن أن يستمر فعلا بعيدا عن الإرهاب والخراب، وهو ينفذ واحدة من أكثر الاستراتيجيات دناءة عرفها العالم على الساحتين الإقليمية والدولية.
هذه الحقيقة تجسدت على أكثر من ساحة وميدان، من سورية إلى العراق إلى لبنان، إلى التدخلات في بعض بلدان الخليج العربي، ناهيك عن المنظمات الإرهابية التي ترعاها إيران على الساحة العالمية. اليمن كان الساحة الأخرى وليست الأخيرة لهذا النظام الإرهابي، من خلال دعمه الحوثيين الطائفيين الذين خانوا بلادهم وارتكبوا و(يرتكبون) أفظع الأعمال التي تستهدف مواطنيهم. ولولا وقوف المملكة ضد المخطط الإيراني- الحوثي في اليمن، لكان نظام الملالي قد سيطر على منطقة أخرى في العالم العربي بأبشع الأدوات، وعلى رأسها الطائفية البغيضة. هناك تطابق الموقفين السعودي والأمريكي بشأن الخطر الكبير الذي يمثله الإيرانيون والحوثيون على المنطقة ككل. فالإدارة الأمريكية أكدت مرة أخرى خلال لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب هذا الخطر، وشددت على أهمية التعاون السعودي – الأمريكي ليس فقط لوقف الخطر المشار إليه، بل لمواصلة الحرب على الإرهاب بكل أشكاله.
التناغم السعودي – الأمريكي لا يتوقف عند هذا الحد أيضا، فهو يشمل الشراكة العملية في مكافحة التطرف، ولا سيما أن المملكة تقوم بدور محوري بهذا الشأن منذ سنوات طويلة، كما أنها تشكل رافدا أساسيا للحرب على الإرهاب والتطرف، ونشر التسامح والاعتدال، وتعميق المفاهيم الإنسانية بين الثقافات والشعوب بصرف النظر عن انتماءاتها وخلفياتها. هذه المهمة التي أوكلتها السعودية لنفسها تتطلب تعزيزا لا محدودا لقدراتها الدفاعية، مع ما جاء تلقائيا ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تجمعها مع الولايات المتحدة، إلى جانب الشراكات المماثلة مع البلدان صاحبة القرار العالمي.
اليمن يشكل المثال الحي ليس فقط على خطر وتخريب إيران، بل على ضرورة استمرار الاستراتيجية التي تقوم بها السعودية من أجل إيقاف هذا الخطر على الساحتين الإقليمية والعالمية. ورغم ذلك، فإنها تتحرك من أجل حل سياسي للأزمة اليمنية، تقوم طبعا على عودة الشرعية الكاملة على كامل تراب الوطن. إنها سياسة تشمل القوة ضد الإرهاب والتخريب والطائفية، كما تضم مسارات سياسية. وهذا بالضبط ما جعل الكونجرس الأمريكي يصوت لمصلحة استمرار عمليات التحالف في اليمن حتى تتحقق الأهداف كلها. وهذا بالضبط ما جعل الإدارة الأمريكية تمضي قدما في تعزيز الحراك السعودي بصرف النظر عن طبيعته.
إن المملكة لا تتحرك في اليمن من أجلها فقط، بل من أجل الإنسانية ورفع الظلم ووقف الخراب وإعادة شرعية يعترف بها العالم أجمع.