الرياض وواشنطن .. حراك استثماري يخدم الطرفين
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
أعطت لقاءات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، ثمارها حتى قبل أن تبدأ، فمجلس الشيوخ أيد استمرار دعم التحالف في اليمن، في تصويت له دلالاته المهمة. وهذا تجديد آخر من الولايات المتحدة لدعمها هذا التحالف، من أجل تحقيق الأهداف كلها، وفي مقدمتها بالطبع الحفاظ على الشرعية في هذا البلد، ومنع انتشار الإرهاب الممول من النظام الإيراني في المنطقة، وإعادة بناء الدولة اليمنية، وفق أسس سليمة. وكان أيضاً واضحاً، في تطابق الموقف فيما يتعلق بضرورة إيجاد حل سلمي للصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، بين الأمير محمد، وجاريد كوشنير؛ المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط. فالمملكة، لم تتوقف عن دعم الوصول إلى هذا الحل، على أساس مبادرتها التي تبنتها البلدان العربية في قمة بيروت الشهيرة.
ولي العهد، كان واضحاً عندما قال: إن العلاقات التي تجمع الرياض وواشنطن، تعود إلى 80 عاماً، وإن السعودية هي في الواقع أقدم الحلفاء للولايات المتحدة. هذه العلاقات المتأصلة تشمل كل الجوانب، ولا سيما الأمنية والاقتصادية والعسكرية. هذا الكلام رد عليه مباشرة الرئيس دونالد ترمب، الذي اعتبر أن العلاقات مع المملكة هي الأفضل من أي وقت مضى، وهذا يعود ــ بحسب ترمب ــ إلى الصداقة القوية مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهي صداقة عظيمة. إنه كلام واضح من كلا الطرفين، يمكن تلخيصه في أن الشراكة الاستراتيجية بينهما، لا تتوقف عند مناسبة أو مشروع أو زمن محدد، هي شراكة مفتوحة متجددة متطورة، لها بالضرورة روابطها العالمية كما هي روابطها الثنائية. وعند الرئيس الأمريكي (كما عند قادة العالم الحر) السعودية تقوم بدفع فاتورة الدفاع عن الشرق الأوسط بأكمله. ناهيك طبعاً عما تقوم به المملكة ضد الإرهاب، بمفردها وبالتعاون مع المجتمع الدولي.
العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية متبادلة من حيث النفع لكلا الطرفين. فالمشاريع السعودية في الولايات المتحدة واستثماراتها فيها، وفرت مئات الآلاف من الوظائف على الساحة الأمريكية، كما أنها وفرت المتطلبات التي تحتاج إليها المملكة في مسيرة البناء الاقتصادي الراهنة. والسوق السعودية مفتوحة لكل الشركات الأمريكية، كما أن الاتفاقيات الجديدة المتوقعة ستصل قيمتها إلى 200 مليار دولار بين البلدين المحوريين. فالمجالات كلها مفتوحة، بما في ذلك بالطبع النفط والطاقة والتصنيع والخدمات المالية والتمويل والاستثمارات وغيرها. والولايات المتحدة اعترفت – على سبيل المثال – بالدور الإيجابي الذي تقوم به الرياض على صعيد الحفاظ على استقرار السوق النفطية العالمية. وهو أمر ما كان ليحدث لولا الجهود السعودية. وتكفي الإشارة أخيراً، إلى أن الشركات الأمريكية تتصدر قائمة المستثمرين الأجانب في المملكة باستثمارات وصلت إلى 207 مليارات ريال.
الزيارة (الجولة) التي يقوم بها ولي العهد، ماضية على كل المحاور، فاللقاءات المقبلة ينتظرها الأمريكيون باهتمام شديد، لأنها ستولد مزيداً من الشراكات في كل القطاعات، وخصوصاً تلك المرتبطة بالتكنولوجيا وباقتصاد المعرفة وغير ذلك، يضاف إليها أيضاً فتح مجالات جديدة تستوعبها بسهولة “رؤية المملكة 2030” وبرنامج التحول المصاحب لها. والقيادة الأمريكية الحالية، تعلق آمالا كبيرة على القيادة السعودية، ليس فقط على الجوانب السياسية والأمنية في المنطقة، بل أيضاً على الحراك الاستثماري التنموي المشترك. فكل شيء معروض على هذه الشراكة التاريخية القوية، وكل شيء تم وضعه ليخدم الطرفين، ولا سيما الجانب السعودي، في عملية البناء الاقتصادي المجتمعي المشار إليها.