رسالة أممية لمأساة 6 آلاف قطري مع نظام الحمدين
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
وجّهت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، رسالة إلى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بالاضطلاع بدورها في حماية حقوق قبيلة آل غفران من انتهاكات الحكومة القطرية المستمرة منذ سنوات.
ودعا رئيس الفيدرالية الدكتور أحمد الهاملي، في رسالة وجهها إلى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، المفوضية للاضطلاع بدورها لإنصاف قبيلة آل غفران، وإرجاع الحقوق المهدورة للضحايا من أبنائها؛ حيث تعرضت لعقاب جماعي من السلطات القطرية، والتي تمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان، بما في ذلك نزع الجنسية، ومصادرة الممتلكات، والفصل التعسفي من جميع الوظائف، وتشريد أكثر من 6 آلاف من أبناء القبيلة، وسجن أعداد كبيرة منهم، بحجة الشك في انحيازهم للحاكم الأسبق الشيخ خليفة في محاولته العودة إلى سدة الحكم بعد انقلاب ابنه حمد بن خليفة عليه آنذاك.
علاقة الغفران بقطر
تنحدر قبيلة الغفران من قبيلة (آل مرة)، وهي من أقدم القبائل التي سكنت قطر منذ مئات السنين، وكانت على علاقة قوية بـ”آل ثاني” منذ عهد المؤسس الأول الشيخ قاسم بن محمد، ومن تبعه من الأسرة الحاكمة، ومنذ تولى الأمير خليفة بن حمد آل ثاني مقاليد الحكم عام 1972 بعد عام من الاستقلال فتح الباب لكل من لديه رغبة في اكتساب الجنسية من أقارب القبائل والأسر المعروفة في الدولة من دون مطالبتهم بجنسياتهم السابقة، فوفدت بطون وأفراد من السعودية والبحرين وإيران واليمن ودول أخرى، وحصلوا على الجنسية، واستقروا في الدولة، ولم يطالَبوا بالتخلي عن جنسياتهم السابقة، ولم يُسألوا عنها أبداً.
الانقلاب الحمدي
استمر أفراد القبيلة في قطر مشاركين في تنمية هذه الدولة حتى حلول عام 1996م عندما انقلب حمد بن خليفة على والده، وطرده من الحكم، ثم تبعتها محاولة إعادة الحاكم السابق للسلطة، والتي قام بها بعض ضباط وأفراد القوات المسلحة والشرطة، المؤلفة من جميع شرائح المجتمع، والذين يرون أن الشيخ خليفة هو الحاكم الشرعى للدولة، وأدوا القسم القانونى بالولاء والطاعة له، ومن هنا بدأت المشكلة وكعقاب جماعي لـ6 آلاف شخص من “الغفران” قامت السلطات القطرية باتخاذ خطوات لنزع الجنسية بشكل جماعي عنهم وعن أولادهم، بل وعن آبائهم وأجدادهم المتوفين بأثر رجعي؛ وذلك ضمن إجراءات يتعرض لها ذلك الفرع منذ محاولة خلع حمد بن خليفة إذ اتهم عدد من أفراد تلك القبيلة من العاملين في الشرطة والجيش بالمشاركة في ذلك الانقلاب، واعتبرت قطر أفرادها بمثابة تهديد لأمن قطر.
سجون الدوحة
بدون محاكمات عادلة وعلى الفور، زجّ بأكثرهم في السجون، ولفترات طويلة؛ حيث مورست عليهم صنوف التعذيب والإهانة، وبعد سنوات جرت إحالتهم إلى القضاء، والذي افتقد في بعض أحكامه إلى العدالة، وصدور كثير من التناقضات في الأحكام، والبعض الآخر منع من دخول البلاد لفترات طويلة، ومن بعد ذلك أسقطت جنسياتهم، والبعض الآخر لما علم أن جنسيته أسقطت، وهو في خارج البلاد وممنوع من دخولها، تجرأ وفرض أمره كواقع على المنافذ البرية والمطارات، فقامت الأجهزة الأمنية بوضعه في سجن الإبعاد، كمجهول للهوية، ومع العمالة السائبة، ثم تصرفت الدولة مع كل من له صلة قرابة قريبة كانت أم بعيدة، حتى وإن كان يحمل جنسية دولة أخرى بتصرفات لا تعكس الصورة الحقيقة لشعاراتها الزائفة التي تملأ أبواقها الإعلامية.
مأساة 972 أسرة قطرية
طالت قرارات نزع الجنسية التعسفية والمخالفة للقوانين والأعراف الدولية، التي تعرضت لها “الغفران” ٩٧٢ رب أسرة، وامتدت لتشمل جميع أفراد عائلاتهم بالتبعية والبالغ عددهم نحو ستة آلاف فرد هم عدد أبناء “الغفران” بأكملها، وتبع تلك القرارات إجراءات حكومية بفصلهم من أعمالهم ومطالبتهم بتسليم المساكن التي يقيمون فيها كمواطنين، وحرمانهم من جميع امتيازات المواطنة من علاج وتعليم وكهرباء وماء وأعمال تجارية، ومطالبتهم عن طريق الجهات الأمنية المختلفة بتصحيح أوضاعهم كمواطنين غير قطريين.
كذبة الجنسية
كشف حينها أبناء الغفران أن حملهم لجنسيتين ليس هو السبب الحقيقي للمأساة؛ حيث ما زال الآلاف من قبائل أخرى يحملون أكثر من جنسية بجانب جنسيتهم القطرية، بل إن السبب الحقيقي هو الانتقام لهم بسبب الشك في مشاركة بعض أفراد هذه القبيلة في الانقلاب الفاشل، في حين قال مسعود المري أحد المتضررين من التهجير في لقاء صحفي سابق إن “التنكيل” الذي تعرض له “فخذ الغفران” بدأ عام 1996 بعد تولي حمد بن خليفة آل ثاني الحكم، وحاول الأب استعادة حكمه بمعاونة بعض الأفراد من ضباط الجيش والشرطة، ولكن الفشل كان من نصيب تلك المحاولة، وبعدها اتهمت السلطات “الغفران” بالتحريض والتخطيط لها باعتبار أن عدداً كبيراً من المشاركين فيها من الضباط كانوا من أبنائها، في حين برأت ساحة آخرين من أبناء القبائل الأخرى مثل اللواء بخيت العبدالله القائد الميداني للمحاولة الانقلابية، وأخيه “عمر” من الضباط المشاركين في تلك المحاولة وبعض الضباط من قبيلة كوارة، وآخرين من قبيلة المهاندة؛ وذلك لأسباب اجتماعية أو لقرابتهم من مسؤولين مقربين من الأمير الحالي.
تزوير الوثائق
مع النوايا المبيتة للتهجير القسري لـ٦ آلاف إنسان، قامت السلطات القطرية بتغيير الوثائق التي تنص على أن “الغفران” قطريون؛ حيث وضعوا بدلاً عنها وثائق تشير إلى أن الجنسية الحالية سعودية، مبينين أن التعديل كان من قبل الحكومة القطرية وحدها دون وجود أي أوراق رسمية سعودية، وأنه بعد أن تم تغيير جميع الأوراق ألقي بهم إلى الحدود السعودية يحملون أوراقاً قطرية تفيد بأنهم سعوديون، بينما لا يحملون أى مستند قانوني سعودي يؤكد ذلك، وأمام المأزق الإنساني قبلت السلطات السعودية دخولهم إلى البلاد.
جريمة 2004م
استمر ذلك التعسف والقهر من 1996م حتى عام 2004م، حين صدر القرار التعسفي الكبير، والذي ينص على إسقاط الجنسية عن عدد كبير جداً من ضمن أبناء قبيلة آل مرة، ليتبع ذلك إنهاء خدمات من هم على رؤوس أعمالهم، ومطالبتهم بتسليم المساكن التي يقيمون فيها كمواطنين، وقيام الجهات الأمنية بدور نشط لم يسبق له مثيل حتى في التعامل مع أصحاب الجرائم والسوابق، وذلك بتكرار الاتصال بالأسر والعائلات في البيوت، والتهديد بالاعتقالات، والمداهمة الفعلية لحرمة البيوت، واعتقال بعض الأشخاص من المساجد.
الكذب القطري
اتهمت إدارة الهجرة والجوازات القطرية بأن هؤلاء يحملون الجنسيتين القطرية والسعودية دون غيرهم من القبائل، والأسر الأخرى، وهو ما يعد كذباً وافتراءً؛ لأن بعض القبائل لا تزال تحتفظ بالجنسية السعودية والبحرينية والإيرانية، وسارية المفعول، ولم يتصرف معهم بأي إجراء لأسباب معروفة لمن له قلب سليم، وهذا الاتهام يسمى بالمصطلح الحديث “التمييز العنصري”.
نداءات حقوق الإنسان
منذ ذلك الحين وحتى الآن لم تستمع الحكومة القطرية لكل نداءات الجمعيات الإنسانية، والمنظمات الحقوقية، والتي تطالب بوقف هذا التنكيل بالإنسان القطري، وتابعت منظمات لحقوق الإنسان تطورات الوضع المأساوي المترتب على القرار الصادر من الحكومة القطرية في حق الأسر القطرية، في حين أصدرت اللجنة الدولية للدفاع عن المتضررين والمهجرين القطريين من قبيلة آل مرة، بياناً من لندن ناشدت فيه أمير قطر دفع الظلم الذي لحق بمواطنيه من قبيلة آل مرة وردّ اعتبارهم.
ودعت اللجنة كل الشرفاء والغيورين من مناصري حقوق الإنسان إلى مناصرة ومؤازرة إخوانهم من آل غفران المتفرعة من قبيلة آل مرة في محنتهم التي يمرون بها، ووصف بيان اللجنة ما أقدمت عليه السلطات القطرية من تشريد وطرد وسجن وحجر على الأموال، وفصل من جميع الوظائف وقطع الماء والكهرباء والهاتف، وإخراج المرضى من المستشفيات، ومنع آل غفران من التصرف بأملاكهم الخاصة، بأنه انتهاك فاضح لحقوق الإنسان؛ حيث جرى تشريد فرع كامل من قبيلة آل مرة بشكل موغل في التمييز العنصري، وتجريدهم من مواطنتهم التي طالما اعتزوا بها، بل إنهم كتبوا جزءاً كبيراً من تاريخ قطر بدمائهم وعروقهم.