الرياض .. عاصمة القوة والإنسانية
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
أن تجتمع القوة والإنسانية في مدينة واحدة وفي يوم واحد، فهذا أمر ليس من السهولة حصوله ولا تقدر عليه إلا دولة تملك الإرث الحضاري والتاريخي والإمكانات المادية والقرار المستقل وجميع عوامل التوازن التي تؤهلها لذلك؛ فكم من دولة قوية وغنية بإمكاناتها المتنوعة، ولكن قدرتها على العمل الإنساني لا تتعدى الوعود أو تقديم القليل مصحوبا بكثير من المن والشروط والحملات الإعلامية التي ينكشف أمرها في النهاية.
وبعد هذه المقدمة أقول إن بلادنا خير مثال على الدولة التي تجمع بين القوة والإنسانية؛ ففي الأسبوع الماضي شهدت الرياض التي تستحق أن يطلق عليها بكل جدارة (عاصمة القوة والإنسانية) انعقاد منتدى الرياض الدولي الإنساني الذي نظمه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وتوج المنتدى بحضور شخصي للملك سلمان بن عبدالعزيز رائد العمل الإنساني في العالم مع كوكبة مختارة من رموز العمل الإنساني في هذه البلاد المباركة، وفي عديد من دول العالم. وتقول نشرة صدرت عن المنتدى إنه يعد منصة لإيجاد الحلول العملية في المجال الإنساني، وكذلك تعزيز أفضل معايير العمل الإنساني وتطوير الممارسات المعمول بها لتناسب الوضع الإنساني العالمي وإيصال المساعدات إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين إلى المساعدة، ولو عدنا إلى تاريخ بلادنا في هذا المجال لوجدنا أنها تسير على منهج رباني يحث على عمل الخير، وقد حافظت على ذلك في ظل ضعف إمكاناتها المادية في الماضي ثم تطورت وأخذت تنظم الحملات بتشجيع ورئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ أن كان أميرا لمنطقة الرياض، وبفضل الله قامت جمعيات خيرية قوية تحت إشراف الدولة لتقديم المساعدات في الداخل وفي الخارج، وقدمت المساعدات لشعوب عديدة ما زال كثير من المنصفين يذكرونها بالشكر والعرفان، وكان السائد في الماضي كتمان هذه المساعدات، وهو الأفضل في ذلك الوقت، لكن الزمن قد تغير وأصبح إعلانها أفضل لحث الآخرين على المشاركة فيها ومساندتها، ولقد تحدثت إلى صحافية إنجليزية عند حضوري للمنتدى الإنساني فوجدتها تستغرب أن بلادنا تقوم بهذا الحجم من المساعدات الإنسانية دون إعلام قوي عنها، فاكتفيت بالقول وها أنتم الآن هنا لإظهار الصورة كاملة دون مبالغة.
هذا عن الجانب الإنساني. أما جانب القوة فهو إقامة معرض القوات المسلحة لدعم التصنيع المحلي للأسلحة “أفد” وعلى مسافة قريبة من المنتدى الإنساني، ويهدف المعرض وفق “رؤية 2030” إلى دعم الصناعة الوطنية للأسلحة وتطويرها بما يتوافق مع معايير الجودة والمواصفات العالمية، وهذه النقلة النوعية ستحول بلادنا من بلد يستورد كل شيء في مجال السلاح إلى المشاركة في تصنيع بعض قطع الغيار وأنواع من الأسلحة ثم الاكتفاء الذاتي وربما التصدير مستقبلا، وسيدعم النجاح لهذه الخطوات ما يتوافر في بلادنا من المواد الخام التي معظمها من مشتقات البترول المكونة لهذه الصناعات.
وأخيرا: ألم أقل لكم إن الرياض عاصمة القوة والإنسانية؟ فهذا المثال الحي لمنتدى الإنسانية إلى جانب معرض الأسلحة المتطورة يجسد صورة سعت قيادتنا إلى ترسيخها عن بلاد تعتمد القوة والرحمة، كما هو ديننا الإسلامي المتوازن في جميع مجالات الحياة.
علي الشدي
(نقلاً عن (الاقتصادية)