الإعلام نقطة ضوء في ظلام العالم
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
الإعلام سقف البيت ووتد الخيمة وسياج الحديقة، والسور العظيم الذي يحرس وجدان الناس ومنجز الحياة، ويطوق العنق ويطوف بالنحر، ويمد أشرعة الحلم إلى حيث يتسع المحيط، وترتفع هامة الجبال، وتلمع النجوم، وتزهو الغيمة ببلل النمو والازدهار، وتصفو السماء، وتخضر الأرض بعشب المنتمين إلى الحب، الذاهبين إلى مناطق الازدهار والإثمار، القابضين على جمرة النبل ونجابة العطاء.
الإعلام رئة الكلمة وشريان الطموحات الكبيرة، ودفق الماء في عروق العشاق. الإعلام خطوة نحو النهر، ووثبة باتجاه الحدقات الواسعة، ونظرة ثاقبة على ما يتم تسطيره على أرض الواقع.
الإعلام دائرة المنجز ومحيطها، قلم يسجل كيف تمضي الركاب وكيف تحط رحالها، وكيف تشق الوديان وترتفع فوق الكثيب لترى ما يتم زراعته في السهول والبقاع الخصبة.
الإعلام قدرة الذين يعبرون المحيط من دون رجفة أو خفة أو طرفة، هؤلاء حراس المكان والأمناء على شؤونه وشجونه، وما تعبئه القوافل من زاد يملأ جعبة الحياة بالسعادة والفرح والحبور.
الإعلام نقطة على سطر المقال الطويل، الزاخر بالمعنى والدلالة، وأحلام الناس وآمالهم وأمنياتهم، وابتسامة الطريق في عيونهم، ورفرفة الطير وإنشاد الحمام، عندما تبدو الشجرة وارفة بأزهار الجمال وكمال البنية وأصالة المعطى.
الإعلام بؤرة العين ونبضة الفؤاد ويقظة الوعي ولون الكلام، وأجنحة الحرية وتغريد النوارس في أعالي البحار وعند شفة الموجة. الإعلام الرأي والرؤية والمرآة من دون غبار، والعقل خارج نطاق الرواسب والشوائب، والروح الخفّاقة باتجاه الهواء الطلق، والنبضة الدفّاقة في أحشاء الصدق، والرزانة لأجل صيانة المكان ورزانة الزمان، تشذيباً للأوراق والأخلاق والأحداق والأعناق والأعماق.
الإعلام السؤال الذي يصنع إجابته من متن الحضور، فلا يشط ولا يحط ولا ينط، ولا يقف عند منحدر السفاسف والاستخفاف، ولا يجفف ولا يخفف ولا يكفكف، بل يضع العين نصب الحقيقة والأذن باتجاه المعقول، واللسان لسان حال الوطن، ليصبح الحلم موازياً ويصير الحبر نهراً تسبح في أعماقه أسماك الحقيقة.
الإعلام بحث عن نبتة هي في الأصل بذرة الفرح، وشجرة الخلد التي تظلل أشواق المسافرين عبر جغرافيا الوطن، لأجل بقاء الوطن راسخاً شامخاً متألقاً متدفقاً عذباً، لا تلفت نظره الفقاعات وزبد البحر.
الإعلام نون النضارة، وقلم الوقاية من وشاية أو غواية، إنه السد والرد والصد لأي بقعة هوائية ملوثة، تلقيها حاملات النفايات، وأصحاب العقول الخربة والنفوس المضطربة والقلوب التي شاخت مشاعرها.
علي أبو الريش
(نقلاً عن الاتحاد)