العباءة بين الأمس واليوم
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
تعمدت أن يكون عنوان مقالي كلاسيكيا (.. بين الأمس واليوم)، إذ لا بأس ببعض الكلاسيكية التي ترطب حياة المفجوعين بفقد أحلامهم، فلا أشد مرارة من فقد الحلم، فالحلم هو سيد السعادة مثلما كان مورفيوس في الميثولوجيا الإغريقية سيد الأحلام الذي يخدر العالمين عن واقعهم المرير أو الجميل، لذا سمي عقار المورفين المخدر نسبة إليه.
عودة للعباءة التي كانت سوداء بلون الليل الحالم في الجدال الدائر بين الكلاسيكيين والذين ليسوا كذلك.. يطربني هذا السجال، لأنه يعيدني لأيام الطفلة البريئة الخرقاء، وأنا أسأل (خال والدتي الشيخ) رحمه الله: إذا لم ألبس عباءة أ أكون كافرة؟ مازلت أذكر ضحكته الرنانة المسرفة في السعادة وهو يقول: «لا، وأنا خالك، شفت جلال الصلاة، لو لبستيه لكفى». لم يعجبني، وقتها، قوله وتخيلت نفسي وأنا أدور في الشوارع وفي الطريق إلى المدرسة بجلال جدتي الروز الأحمر، وكتمت العلم عن والدتي خوفا من أن تجعلني أخرج من البيت بجلال الصلاة!
زميلة لي قابلتها منذ أيام كنت أعرف ما أصابها من عقدة أثناء السياحة المحلية، إذ قصدت منطقة الجنوب منذ 10 سنوات للتمتع هي وأسرتها بالطبيعة والجو العليل، وهناك عندما قصدت مع شقيقها الأصغر إحدى البقالات رفض صاحب البقالة أن يبيعها أي شيء من بقالته، لأنها كانت ترتدي عباءة كتف! عندما قابلتها هذه الأيام بعد (فتوى العباءة) ذكرتها بالماضي الشحيح بقبول الآخر والتعايش معه، والنزوح إلى التصنيف ورفض من لا يشبههم، وصاحب البقالة الذي كان شرسا، رغم الجو العليل.. ضحكنا من الأمس القريب، أمسكت بأطراف عباءتها البيضاء وهي تخبرني أنها زارت المنطقة، ولم تصادف شخصا مثل صاحب البقالة الشرس.. كنت أتلقف عباءتي السوداء من مكانها، وأنا أقول: «تصدقيني لم أستطع التخلص من كلاسيكيتي.. أحب الأسود».
عبير الفوزان
(نقلاً عن عكاظ)