حارسات مرمى
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
أشعر بتفاؤل هذه الأيام وأرى ملامح ربيع قادم لرياضتنا، وقبل أن أطرح ما أود تسليط الضوء عليه سأحكي لكم قصة فتاة درست المرحلة الابتدائية في مطلع التسعينات بإحدى مدن المملكة العربية السعودية.
كانت تلك الفتاة تذهب إلى المدرسة بكل حماسة، لأن مدرستها تعتمد حصص رياضة للطالبات بأشكال عدة من تنس طاولة إلى كرة سلة ورياضات ذهنية أخرى مع مدربة رياضة معتمدة في المدرسة.
كان ذلك تحديدا من الصف الأول حتى الثالث الابتدائي، وعندما انتهى عامها الدراسي الثالث، ذهبت ووزميلاتها في إجازة الصيف، لتعود لمدرستها في بداية العام الدراسي الجديد، وهي في الصف الرابع الابتدائي، لتجد المفاجأة وزميلاتها بانتظارها بإلغاء صفوف الرياضة كلية من مدرسة البنات، إذ لم يعد هناك رياضة للطالبات بعد حذف تلك الحصة المدرسية بشكل نهائي.
تقول تلك الفتاة: لا أذكر أن هناك من طالبات الصف من كانت فرحة بإلغائها، والأعجب أنه في قسم الطلاب (البنين) َ بتلك المدرسة لم تلغ ٍ تلك الحصص الرياضية بل تمت إضافة ناد مخصص للخيل حتى لا ينقص على الطلاب أي من الخيارات الرياضية الراغبين في ممارستها!
لن أكمل القصة.. لأنها انتهت!
انتهت بهذا الشكل، ولم يتم نقاش الموضوع على رغم أهميته بالنسبة لجسم الطالبة وذهنيتها وحضورها
وتحفيزها، وكأن الأمر ثانوي أو مجرد صفوف ترفيه لسنا بحاجة إليها وبأن الرياضة مخصصة للذكور فقط، وهذا ما تم فهمه من ذلك التصرف حتما عند الكل!
لم يتم النظر إلى أن البنات قد حرمن من الكثير بسبب عدم ممارستهن الرياضة، من زيادة الوزن وشغل أوقات الفراغ وتحسين الحالة النفسية خصوصا في فترة المراهقة وتفريغ الطاقات الزائدة.
باتت ممارسة الرياضة في تلك الظروف محدودة جدا، وبعض فتيات المملكة مررن بتجربة انتخابهن لحراسة مرمى فريق إخوانهن ضد أبناء عمومتهن، وتجد تلك الفتاة بكل صبر وعزيمة تتلقى ضربات موجعة وكرات هوائية في محاولات مستميتة لصد الكرة لإثبات جدارتها، وحتى لا يشعرون بالندم على انتخابها حارسة للمرمى!
سأتحدث بجدية أكثر وكما يقول المثل «دق الحديد وهو حامي»، لأنني سأضع النقاط التي أريد التحدث عنها بتفصيل في المقالات القادمة لمساندة عمل الهيئة العامة للرياضة حول رياضة البنات وما نريد تحقيقه مع شرح الواقع المعاش، وأسبابه، وما تريد بنات حواء والمجتمع تحقيقه، وهل يمكن تحقيقه وكيف؟ والنتائج المستقبلية المتوقعة؟
في المقالات القادمة سأتطرق لكل ذلك بتشعب وسأحاول مواكبة مرحلة تاريخية في المملكة تشهدها الرياضة السعودية عموما والنسائية خصوصا، والانتقال من التفرج في المدرج إلى الركض الرياضي.
نورة محمد
(نقلاً عن عكاظ)