ترمب يلقي خطابه الأول عن حالة الاتحاد
تُعد خطبة (حالة الاتحاد)، تقليد أميركي قديم بدأ مع الرئيس جورج واشنطن في العام 1790، حيث ينص البند الأول من الدستور الأميركي في مادته الثانية على وجوب أن يقدّم الرئيس من وقت لاخر معلومات وافية عن حالة الاتحاد وتقديم توصياته التي يراها ضرورية ومفيدة، ويقوم مبدأ أميركا أساساً على الاتحاد بين الولايات التي تخضع لحكومة مركزية يقودها البيت الأبيض من واشنطن.
ويترقّب الأميركيون، اليوم الثلاثاء (30 يناير 2018م)، أول خطبة اتحادية سيلقيها الرئيس ترمب، سيعلن من خلالها عن جدول أعماله وانجازاته التي يسعى لتحقيقها في العام 2018 وتأتي هذه الخطوة في وقت تعيش فيه واشنطن توتر كبير بسبب اغلاق الحكومة واعادة فتحها وعدم التوصل لميزانية بعد اضافة الى ضيق نطاق التحقيقات في تدخلات روسيا بالانتخابات واقترابها من شخوص من عائلة الرئيس ترمب وحتى من ترمب ذاته الذي أعلن أنه مستعد للاجابة على أسئلة المحققين.
ويتوقّع من ترمب، أن يظهر في خطاب حالة الاتحاد كرئيس لكل الأمة وليس رئيساً لحزب بعينه حيث يتجنب الرؤساء في هذه الخطبة القاء اللوم على الحزب المعارض والتحدث عوضاً عن ذلك مع الأميركيين ككل.
ومن أهم النقاط التي سيهتم ترمب بها في خطبته
محاولة حسم الجدل وتوحيد المواقف حول “الهجرة” :
أطلق البيت الابيض، يوم الخميس، خطة طموحة حول الهجرة تقضي بمنح 1.8 مليون مهاجر غير شرعي الاقامة النظامية في الولايات المتحدة ووضعهم على طريق الحصول على الجنسية مقابل انهاء برنامجي الهجرة باليانصيب ولم الشمل الأسري وعلى الرغم من أنه كان اقتراحاً مفاجئاً من الرئيس ترمب وغريباً على الحزب الجمهوري الا أنه لا يزال يصطدم بالكثير من الحواجز في الكونغرس..وبحسب مشرعين فمن المتوقع أن يقوم ترمب ببعض التنازلات أو تقديم خطة وسطية حول الهجرة تؤمن له أموال بناء الجدار ويوافق الكونغرس على تمريرها.
ويعتبر موضوع الهجرة في مقدمة القضايا التي تعيق تقارب الحزبين وتوصّلهم لقرار بشأن الميزانية وقد يكون افصاح الرئيس عن قراره الأخير حول المهاجرين الغير شرعيين أهم ما سيقال في أول خطبة اتحادية لترمب وتزداد التوقعات بتركيز ترمب على هذا الموضوع في ظل دعوة أعضاء ديموقراطيين من الكونغرس بعض المهاجرين غير الشرعيين الذين يتوضّح مصيرهم بعد هذه الخطبة.
خطة ترمب لتحديث البنية التحتية :
“مطاراتنا مهترئة وأشبه بمطارات العالم الثالث حين أقارنها بمطارات الإمارات”
كان قد فجّر ترمب، هذا النقد اللاذع بحق المطارات والبنية التحتية الأميركية أثناء حملته الانتخابية متعجّباً من سوء وقدم بعض المرافق العامة والأساسيات في الولايات الأميركية وكان على قائمة وعوده رصد ميزانية بقيمة تريليون دولار لاعادة بناء الطرق والجسور والمطارات وتحسين أنظمة المرور في كل أنحاء البلاد.
من المنتظر أن يقوم ترمب بخطبته الاتحادية بتذكير الكونغرس بوعده طالباً من أعضاءه دعم خطته التي تطلب تريليون دولار والتي تحتاج تأييد واسع في غرفتي الكونغرس ليحصل عليها ولم يفصح البيت الأبيض بعد عن تفاصيل خطة الادارة لتحسين البنية التحتية الا أن تسريبات للخطة بينت أن الرئيس سيعتمد على تمويل اصلاح البنية التحتية من عدة مصادر منها الحكومة الفيدرالية والحكومة المحلية والقطاع الخاص.
تسليط الضوء على المكاسب الاقتصادية :
لم تكن العناوين في نهاية سنة ترمب الأولى في البيت الأبيض لطيفة بحق الرئيس فمن تحقيقات في تدخلات روسيا وصلت لصهره كوشنير وكادت تطيح به، الى تقارير حول علاقات مشبوهة لترمب مع نساء مشبوهات، الى عدد من الملفات التي فتحها الاعلام ضده..في ظل هذا الحصار الاعلامي الذي يواجه الرئيس سيكون من أولويات ترمب في الخطبة الاتحادية الاولى تركيز الأضواء على انتصارات ادارته وما حققته من مكاسب للبلاد في محاولة للفت الأنظار عن القصص الإعلامية المشهّرة به ومن أهم نقاط القوة في عصر ترمب بعد مرور سنته الأولى في البيت الأبيض ملف له حظوة كبيرة من اهتمام الأميركيين أكثر من حروب أميركا الخارجية وعلاقات الرئيس ومعدّل عنصريته وهو الملف الاقتصادي حيث انخفض معدل البطالة في أميركا في عهد ترمب إلى نحو 4 بالمئة كما ارتفع معدّل الاجور وسجل مؤشر داو جونز الصناعي مستويات قياسية وعلى أجندة ترمب في الخطبة الاتحادية التذكير بهذه المكاسب.
ويتوقع أن يتطرق ترمب للانتعاشة التي ينتظرها الاقتصاد الأميركية في ظل القوانين الجديدة التي وضعها البيت الأبيض والتي تقضي بمعاقبة الشركات الصينية على سرقة الملكية الفكرية (مع العلم أن معظم الصناعات الصينية قائمة على سرقة الفكرة المبتكرة أميركياً وتقليدها بتكاليف أقل وبالتالي بيعها بأسعار زهيدة) كما سيتحدث ترمب في الخطبة عن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي اتفاقية “نافتا” للتجارة مع دول أميركا الشمالية وكلها أمور معلّقة قد تلقى قرارات حاسمة في خطبة ترمب.
تعبيد الطريق للانتخابات التشريعية :
تنتخب أميركا مرشحيها للكونغرس في نوفمبر 2018 أي بعد بضعة أشهر وعلى الرغم من أن الخطبة الاتحادية موجّهة لكل الأمة من الرئيس الأميركي وليس لحزب بعينه إلا أن من مسؤوليات الرئيس أن يمهّد الانتخابات تفيد حزبه وتحاول انجاح أكبر قدر من أعضائه في الانتخابات ولا يقدر الرئيس أن يعبّر عن ذلك بكل مباشر عبر مدح الحزب الجمهوري أو حث المواطنين على انتخابه الا أن الرؤساء غالباً ما يروّجون لحزبهم عبر عرض تجربتهم الايجابية وانجازاتهم الناجحة في البيت الأبيض ليكونوا مثالاً جيداً لحزبهم يشجع الناخبين على الاستمرار بانتخاب أعضاءه.
وتوقع مسؤول مقرّب من البيت الأبيض، أن يركّز ترمب كثيراً على الوحدة وأهمية توحد الأميركيين حوله كما سيقدم الرئيس أدلة على استفادة كل الأميركيين من سياساته بما فيهم الديموقراطيين وأشد اليساريين تطرفاً اضافة الى الأقليات العرقية والدينية..ويضيف المسؤول “ربما من الصعب اقناع كل الأميركيين بهذا”.
الظهور بكاريزما جديدة :
عادة لا يستمع ترمب كثيراً لناصحيه خاصة فيما يتعلّق بتصريحاته البعيدة عن اللباقة السياسية ومراعاة الاخرين الا أن خطبته في فبراير الماضي حين خاطب الكونغرس لأول مرة اعتبرت تاريخية لأنه غيّر فيها من طريقة تقديمه لنفسه الأمر الذي أشاد به كثيرون من مناوئيه حيث أبدى في تلك الخطبة تعاطف كبير مع زوجة جندي أميركي قتل في الخارج.
وقال المعلّق الليبيرالي فان جونز من CNN حينها : “لقد أصبح ترمب رئيساً في هذه اللحظة فقط”، ويتوقع مراقبون أن يظهر ترمب في خطبته اليوم، ملتزماً بما كتب له بصورة رصينة تعزز من الصورة الرئاسية لترمب.