انتفاضة شعب إيران.. البحث عن الحياة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
عندما نأتي لتقييم أسباب انتفاضة الشعب الإيراني ضد ظلم نظام الملالي، ينبغي علينا في الوهلة الأولى، تناول العناصر الاقتصادية كالفقر والبطالة المتزايدين وانكماش التضخم والاقتصاد المشلول وإفلاس كل من الحكومة والمصارف وصناديق التقاعد وهيئة الضمان الاجتماعي، والتربّح والفساد المرسخين في اقتصاد البلاد، وإلقاء النظرة على سلسلة غير متناهية للاحتجاجات من قبل العمال والكادحين والمعلمين والممرضين والمزارعين وأصحاب المحلات وموجة الاحتجاجات للطبقة العظيمة من المنهوبين من قبل المؤسسات المالية.
حق الشعب المسلوب
بعد مرور أربعة عقود من الخنق والقمع المطلقين، تلاقت العناصر الاقتصادية بالعنصر السياسي وتفاعلت مع هذا الحق المسلوب من الشعب أي حق السلطة من قبل ولاية الفقية بشكل مباشر حيث تجسد ذلك في المطالبة بالحرية والديمقراطية.
الإفلاس والفساد
فضلا عن ذلك، يعتبر الإفلاس والفساد الاقتصادي ناجمين بشكل مباشر عن العناصر السياسية والأمنية الخاصة لحفظ النظام ومن هذا المنطلق تتزامن المطالب الاقتصادية والمعيشية للمواطنين بشكل مباشر مع الصرخات الاحتجاجية ضد الاختلاس والتربّح وحالات السلب الفلكية من قبل كبار المسؤولين الحكوميين وضد التكاليف الباهظة للتدخل في بلدان المنطقة وتمويل الإرهاب.
نهاية المساومة
في تقييم الانتفاضة تجدر الإشارة إلى دور التطورات الدولية خاصة نهاية سياسة المساومة وإعطاء الإتاوة في المجالين السياسي والاقتصادي من قبل الإدارة الأمريكية السابقة لنظام الملالي فضلا عن التطورات الإقليمية وهزيمة مني بها النظام في حربي سوريا واليمن. وتلعب أهمية هذه العناصر وتأثير ما اتخذته المقاومة الإيرانية من السياسات والخطوط في الكشف عن سياسة تصدير الإرهاب والتطرف للنظام في بلدان المنطقة وبالنتيجة إضعاف وهشاشة ما يصفه كبار المسؤولين في السلطة بـ«العمق الإستراتيجي للنظام» دورا هاما في هذا المجال.
السياسات التوسعية بالمنطقة
في انتفاضة كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير وفي حالات غليان الاستياء الشعبي قبلها (كتظاهرات المغبونين المنهوبة أموالهم والتعاون والتعاطف من قبل جميع أبناء الوطن مع أهالي مدينة كرمانشاه بعد وقوع زلزال قوي في تلك المدينة) كان المحتجون والمتظاهرون يستهدفون في شعاراتهم السياسات التوسيعة للنظام في بلدان المنطقة.
المقاومة ومجزرة 1988
يعد العنصر الثالث في هذا الشأن هو سياسات ونشاطات تقوم بها المقاومة المنظمة ودورها في توجيه الانتفاضات الاجتماعية كحركة المقاضاة للضحايا المعدومين في مجزرة عام 1988 ومقاطعة مهزلة الانتخابات بشعار «لا للجلاد ولا للمحتال» والكشف المستمر عن موجة الإعدامات بمثابة أداة بيد النظام للتخويف العام ومعارضتها دوما فضلا عن الكشف المستمر ومن خلال الوثائق عند التدخلات العسكرية للنظام وإرسال الميليشيات التابعة لولاية الفقيه إلى بلدان المنطقة وخاصة الكشف عن الأداء الإجرامي المعادي لإيران من قبل قوات الحرس والعمل على تصنيف هذه الأداة الحافظة لنظام ولاية الفقيه والتي استحوذت على اقتصاد البلد، في قائمة المنظمات المحظورة.
هزيمة الملالي
أخيرا يتجسد العنصر الرابع للانتفاضة في هزيمة ثقيلة مني بها الملالي في النقل المكلل بالنجاح والمنظم لأعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية من العراق إلى ألبانيا مما ألحق هزائم كبيرة أخرى بدكتاتورية الملالي ومآربه الرامية إلى القضاء على المقاومة المنظمة من جهة وفي تغيير موازنة القوى بين حركة المقاومة والعدو المتورط بالأزمة، كما بشّر المجتمع الإيراني بأجواء من الأمل والمعنويات الحيوية والنشطة للنضال والمقاومة من جهة أخرى.
تعبئة الأمن والإعلام
في خضم الانتفاضة وفي مستنقع الأزمات الداخلية والخارجية، ترى الدكتاتورية الآيلة إلى الانهيار وفي كل تغيير وتحول وجودها معرضة للخطر وذلك من جانب المقاومة المنظمة، ولذلك أشار خامنئي وبشكل مسعور في كلمة أدلى بها مؤخرا إلى دور لعبته مجاهدي خلق والقوات التابعة لهم طيلة الانتفاضة الأخيرة في إيران حيث جنّد وعبّأ جميع أجهزتها الأمنية والإعلامية ضدهم، غير أن جميع المراقبين المعنيين بالشأن الإيراني أدركوا أن هذه الانتفاضة سوف تمضي قدما حتى إسقاط النظام وذلك نظرا للظروف الملموسة داخل إيران ووجود قوة حاضرة تعمل على الإطاحة بهذا النظام رغم ما يحدث من تقلبات ونوائب في هذا المسار.