البحرين: أنظمة الفوضى والشر ستكون الخاسر الأكبر
أكد وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، أن البحرين بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تحافظ على نهجها الراسخ في تعزيز علاقات التعاون والشراكة مع الأمم المتحدة بكافة أجهزتها وهيئاتها إيمانًا بالدور الذي تضطلع به منظمة الأمم المتحدة في التوصل إلى عالم أكثر استقرارًا ورفاهية.
وقال خلال كلمة ألقاها باسم بلاده مساء أمس السبت (23 سبتمبر 2017م) في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك، إن البحرين تؤمن وبشدة بأن تثبيت الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط والعالم ككل، يستوجب إرادة سياسية مشتركة وعملاً جاداً ومتكاملاً من الجميع يكفل احترام الأسس التي تقوم عليها العلاقات بين الدول، وأن الإرهاب الآن لا يقتصر على تنظيمات إرهابية يمكن محاربتها والقضاء عليها وإنما أصبح أيضا أداة لدول تسعى إلى خلق الأزمات في الدول المستهدفة خدمة لمصالحها الخاصة، ما يجعلها شريكا أصيلًا في الجرم الإرهابي وعاملًا من عوامل زعزعة الأمن والسلم الدوليين”.
ونوّه إلى أنه وتعزيزاً لجهود القضاء على التطرف والإرهاب، وإيمانًا بأهمية التحالفات لتثبيت الأمن والسلام، قامت (البحرين، السعودية، الإمارات، ومصر) وبدعم من دول عدة، بممارسة حق سيادي من حقوقها التي كفلها القانون الدولي، واتخذت قراراً بقطع العلاقات مع قطر، بعد صبر طويل، واستنفاد كل السبل المتاحة لإيقاف سياسات انتهكت علاقات الأخوة ومبادئ حسن الجوار والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتوفير الدعم المادي والملاذ الآمن للإرهابيين وللمطلوبين قضائيًا في بلدانهم، والترويج عبر وسائلها الإعلامية لخطاب الكراهية والفكر المتطرف والمؤسسات والشخصيات الداعمة له، والتي قمنا بوضعها في قائمة موحدة للإرهاب، معظمها متوائم مع قوائم الإرهاب الدولية، وذلك لتكون واضحة أمام العالم، بعد أن امتدت آثار هذا الإرهاب إلى العديد من الدول ومن بينها بلادي، حيث كانت قطر داعمة للأحداث الإرهابية الممنهجة التي مررنا بها وعانينا منها في مملكة البحرين، وكلفتنا الكثير من أرواح الأبرياء من المواطنين ورجال الأمن، وذلك في محاولة منها لتقويض الأمن الوطني والسلم المجتمعي وقلب نظام الحكم بمساعدة أطراف مرتبطة بها”.
وأضاف: أن المسؤولية الجماعية تحتم علينا حماية دولنا وشعوبنا، ممن يضمر لنا السوء والضرر والتصدي له بحزم، وإن كانت قطر جادة – فعلاً لا قولاً – في الحوار والعودة إلى مكانة كانت لها بيننا ، فعليها أن تلبي وتلتزم بكل شفافية ووضوح بمطالبنا العادلة المبنية على المبادئ الواردة في البيان الصادر عن اجتماع دولنا الأربع في القاهرة بتاريخ 5 يوليو 2017م، والمتوافقة مع المواثيق والعهود الدولية، مقدرين الجهود الحثيثة والمساعي الحميدة التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة”.
وشدّد وزير الخارجية البحريني، على أن كل ما اتخذناه من خطوات تجاه قطر لم ولن يمس شعوبنا ولا الشعب القطري الشقيق، الذي نكن له كل التقدير والاعتزاز، وتربطنا معه أواصر الدين والقربى وعلاقات النسب والتاريخ المشترك، وسنظل سنداً داعماً لأمنه واستقراره، فقد اتخذت دولنا العديد من الإجراءات لمراعاة الحالات الإنسانية ، ومن بينها العلاقات الأسرية والأوضاع الصحية، وما التسهيلات التي قدمتها المملكة العربية السعودية لأبناء الشعب القطري، ومنها أداء مناسك الحج والعمرة، إلا خير برهان على هذه الروابط الراسخة، بما يفند كل الادعاءات التي تزعم بوجود حصار أو انتهاك لحقوق الإنسان”.
وأضاف:” لا يفوتني هنا، أن أعرب عن تهنئة بلادي للمملكة العربية السعودية الشقيقة، بمناسبة النجاح الكبير لموسم الحج، والذي كان محل إشادة لكل من أدى هذا الركن الإسلامي العظيم، في رد بليغ على كل من أراد تسييس فريضة الحج، وجعله موسماً للصراع والفتنة، ولتبرهن الحكومة السعودية قدرتها الفائقة في حماية الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وكل قاصديها من حجاج ومعتمرين وزوار، كهدف أسمى تحرص عليه قيادة المملكة العربية السعودية، كما عهدناها، منذ أمد بعيد”.
وأكد أن الأنظمة التي دأبت على نشر الفوضى والشر ، وتمثل معاول هدم وتخريب ، ستكون هي الخاسر الأكبر ، جراء ابتعادها عن قيم التعاون الجماعي المتعارف عليها بين الدول، وستكون شعوبها هي الضحية.
واستشهد بإيران التي قال عن شعبها يعاني من الظلم والبؤس والفقر والقمع والمشانق المعلقة في الشوارع ، في ظل أوضاع معيشية صعبة، أرجعت هذا الشعب ، ذا الحضارة التاريخية العريقة ، إلى الوراء عشرات السنين ، بسبب هدر النظام لثروة الشعب وأمواله ، وتسخيرها لتغذية العنف وتقويض الأمن في المنطقة ، لتحقيق طموحاته في الهيمنة والتوسع ، من خلال حرسه الثوري ، ودعمه للتنظيمات الإرهابية التابعة له، ومن بينها حزب الله الإرهابي في لبنان وسوريا، والميلشيات الانقلابية في اليمن، والجماعات والخلايا الإرهابية في البحرين والمملكة والكويت والعراق، وغيرها من الدول التي عانت من هذه التصرفات العدائية لسنوات طويلة، مؤكدين أن خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، هنا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تضمن قراءة صحيحة تكشف وبكل وضوح، عن الطبيعة الخطرة للنظام في إيران كونه مارقًا ومقوضًا للسلام في المنطقة ، مما يفرض على العالم أن يقوم بدوره في مواجهته، لمنعه من الاستمرار في سياساته، ووقف دعمه وتمويله للإرهاب وإلزامه باحترام سيادة جيرانه.
وقال: ” ولأننا نسعى دوما إلى الخير والسلام ، فإننا نؤكد على أن قيام علاقات طبيعية مع إيران ، يبقى مرهوناً بتخليها عن سياسات الهيمنة الطائفية والمذهبية ، واحترام قيم المواطنة لدى الشعوب ، والكف عن محاولات تصدير ثورتها القائمة على ولاية الفقيه، والالتزام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ، مطالبين إيران في الوقت ذاته ، بإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) والتجاوب مع المساعي السلمية المقدرة التي تبذلها الإمارات العربية المتحدة ، لاستعادة سيادتها على أراضيها، وحل هذه القضية عن طريق التفاوض الجاد والمباشر أو باللجوء لمحكمة العدل الدولية”.
وأشار الشيخ خالد، إلى إن جمهورية العراق التي عانت وما تزال من التدخلات الخارجية لجعلها ساحة للصراع ، قد حققت إنجازا يستحق الإشادة والدعم ، حيث تمكن هذا البلد الشقيق، بما توفر له من إمكانيات ، من تحرير مدينة الموصل وقضاء تلعفر من قبضة تنظيم “داعش” الإرهابي ، وهو ما لم يكن ليتحقق ، لولا تضحيات القوات العراقية ، وعزيمة الحكومة برئاسة الدكتور حيدر العبادي، وكذلك دعم التحالف الدولي لمحاربة داعش ، والذي تشارك فيه مملكة البحرين بفعالية ، مؤكدًا استمرار موقفنا الداعم لكافة الجهود الرامية لإحلال الأمن والاستقرار في جميع أنحاء العراق والحفاظ على سيادته واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه.
وفي الشأن اليمني، جدد معاليه التأكيد على استمرار دعم بلاده للحكومة الشرعية بقيادة فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية ، من خلال المشاركة ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن ، وتأييدنا للإجراءات التي تتخذها لبسط نفوذها على كافة الأراضي اليمنية ، وإنهاء سيطرة الميلشيات الانقلابية المدعومة من الخارج ، والتوصل لحل سياسي شامل وفقاً للمرجعيات الرئيسية والمتفق عليها وهي: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216 ، بما ينهي جميع أشكال التدخل الخارجي، ويضع حدًا للحالة الإنسانية الصعبة التي يعاني منها الشعب اليمني الشقيق ، مضيفاً ” نجدد التأكيد على أننا لسنا مع طرف يمني دون آخر ، وإنما ضد التدخل الخارجي الذي لا يهدف أبدا لخير هذا البلد العزيز ، مقدرين الجهود التي يبذلها السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن”.