بالتأكيد إن هيئة الترفيه قد خَطت الكثير وتجاوزت العديد من العقبات في فترة قصيرة, لكنها ورغم رزنامة الفعاليات الضخمة التي أعلنت عنها – للأسف – لا تزال تروح روح الفعاليات السابقة, والتي كانت تتم بجهود فردية أو مبادرات من قبل “النشيط” من أمانات المناطق والبلديات.

فمنذ بداية صيف هذا العام والفعاليات لا تزال تراوح ما كانت عليه الموسم الماضي, سوى أن هيئة الترفيه أضافت لها مجموعة تعد على الأصابع من الحفلات الفنية, بالإضافة إلى كمٍ من الفعاليات التي وإن اختلفت المسميات, فهي لا تزال في بحر حافلات الأطعمة، والأسر المنتجة، والفنانين المخمليين, والقاسم المشترك بين أغلب تلك الفعاليات هو أسعار تذاكرها الباهظة, ومحتوها المتكرر والسطحي.

إن تطوير صناعة سياحية مستدامة ومتجددة يعتمد في الأساس على إيماننا أن السياحة رافدٌ أساسي للدورة الاقتصادية, وأيضاً أنها مصدر أولي لتوليد الوظائف, لذا فإن العمل على ابتكار مواقع جذب سياحي ومنظومة خدمات متكاملة سوف يكون لها الأثر الأكبر في تطوير السياحة, وتحويلها إلى وجهة حقيقية يفكر بها المواطن, بدلاً من أن تكون خياره الآخير حالياً.

فمثلاً أبها ورغم طقسها الجميل إلا أن الفعاليات لا تزال تدور في نفس الفلك منذ سنوات طويلة, فلا وجود للمتاحف التي تجذب الجمهور على مدار العام بغض النظر عن الطقس وتقلباته, مثل متحف الشمع أو متحف العجائب والغرائب, ولا وجود لسياحة المغامرات من تسلق للجبال أو قفز بالبارشوت أو غيره, وغيرها من الأفكار التي سوف تضيف بالتأكيد خيارات سياحية تملء وقت السائح وعائلته, وتمد الموسم السياحي ليتجاوز أشهر الصيف إلى كافة أشهر السنة وتحل إشكالية الاستثمار في الإيواء, وإلى جدة التي لم تحظ حتى الآن سوى بأكويريم صغير لا يليق بعروس البحر الأحمر, والذي رغم صغره وقلة عروضه إلا أنه أحد الوجهات الأساسية للسياحة العائلية في جدة, فما بالك لو أنشىء مركز “أكوريوم” ضخم, حيث يمزج التعليم بالترفيه؟ حتماً سوف يصبح الوجهة الأولى ليس سعودياً فقط بل في الشرق الأوسط نظراً لأنه لا يوجد منافس حالياً.

أما الرياض فهي المؤهلة لأن تتحول إلى وجهة سياحية مميزة, فعددها سكانها الضخم والذي تجاوز الستة ملايين نسمة, يضمن تشغيلاً مقبولاً لأي فكرة سياحية, بداية من المتاحف المتخصصة ومروراً بجولات الأحياء العتيقة وانتهاء بحفلات الكوميديا الارتجالية في المطاعم والمقاهي, أيضاً لن أتحدث عن تطوير السياحة الدينية في مكة والمدينة فهذا الموضوع تحدث فيه الكثيرون.

المهم أن تتحول تلك الفعاليات إلى أنشطة ينظمها ويجدولها المستثمرون بناءً على احتياج السوق والربحية, وليس اعتمادًا على تمويل أو دعم هيئة الترفيه أو بعض الجهات الحكومية, ويبقى دور الجهات المنظمة هو تنظيم السوق ومراقبته, حينئذ سوف يصبح لدينا صناعة سياحة قادرة على تطوير نفسها دون تدخل حكومي, وعلى جذب الجمهور من داخل المملكة وخارجها.

(عبدالرحمن السلطان – الرياض)