قطر و”القاعدة”.. خفايا العلاقة الآثمة مع الإرهاب
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
أكدت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أن الصراع الدبلوماسي القائم بين بعض الدول العربية والخليجية وقطر، مردّه في الأساس علاقات الدوحة الوثيقة مع مجموعة متنوعة من العناصر المتطرفة التي تمتد من طالبان إلى إيران ثم جماعة الإخوان المسلمين، لكن العلاقة الأكثر إثارة للقلق في قطر، هي علاقتها مع تنظيم القاعدة، والتي حان الوقت لتنتهي ، لافتة إلى أن تنظيم القاعدة في سوريا يتمتع بدعم كبير من دولة قطر، باعتبار أنه مجموعة تقاتل نظام بشار الأسد وداعش، وترجع خفايا تلك العلاقة المشبوهة إلى أن العديد من الممولين الرئيسين للتنظيم، يرون مقاتلي القاعدة في سوريا “متطرفين معتدلين” في الصراع متعدد الجوانب.
وذكرت أنه غالباً ما يُنظر إلى القاعدة في سوريا في ضوء ذلك، سواء أكان الناس يتفقون مع الأيديولوجية ويرون أنها أكثر اعتدالاً من البدائل، أم لمجرد أنهم على استعداد لتنحية القضايا الأيديولوجية جانباً ودعم الجانب الذي يوفر إمكانية حقيقية لإنهاء نظام الأسد القاتل ورؤية مساهماتهم كشيء آخر غير تمويل القاعدة بشكل صريح. وكان هذا التصور دائماً في غير محله، ولكن يجب الآن أن يمثل تحدياً كبيراً، حيث أن القوة الحالية للقاعدة في سوريا، أعطت التنظيم فرصاً جديدة من الناحيتين التشغيلية والمالية، وهو لا يزال يشكل تهديداً للغرب.
وأشارت المجلة ، وفقا لما نقل عنها موقع “إرم نيوز” ، إلى أنه في يوليو 2016، زعم تقرير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أن تنظيم القاعدة في سوريا “لا يزال واحداً من أكثر فروع تنظيم القاعدة فاعلية في العالم”. وقد نُقل العديد من كبار عناصر التنظيم المتشددة إلى سوريا من جنوب آسيا، ولذلك فإن إغلاق مصادر التمويل والموارد الحالية للقاعدة أمر بالغ الأهمية. وقد دعم الممولون وجامعو التبرعات في بعض دول الخليج العربي منذ فترة طويلة التنظيم المركزي للقاعدة، وكذلك الشركات التابعة له في العراق ومؤخراً سوريا، في حين أن معظم هذه الشركات المنتسبة قامت بتنويع أساليب جمع التبرعات بعيداً عن الاعتماد على الممولين الفرديين واستغلال التدفقات الخيرية لإخفاء معاملاتهم، ولذلك فإن القاعدة في سوريا هي الاستثناء الرئيس. ووفقاً لمجلس الأمن، واصل التنظيم اعتباراً من يناير 2017 استخلاص إيراداته أساساً من التبرعات الخارجية، إلى جانب مصادر إجرامية للتمويل مثل: الاختطاف طلباً للفدية والابتزاز وغنائم الحرب.
وتابعت المجلة : وقد تصل ميزانية القاعدة إلى 10 ملايين دولار سنوياً، كما تأتي عدة ملايين من الدولارات سنوياً من جهات ممولة خاصة في الخليج وتسهلها وجهات زائفة على الإنترنت. وقد استخدم “حجاج العجمي”، وهو كويتي عاقبته الأمم المتحدة العام 2014، موقع “تويتر” لجمع تبرعات لتنظيم القاعدة في سوريا.وقام “العجمي” وآخرون مثل القطري “سعد بن سعد الكعبي”، بالمناشدة على الفيسبوك والواتساب لجمع تبرعات لصالح “تسليح وتغذية ومعاملة” المقاتلين في سوريا، والتي تشمل تقديم تبرعات جماعية صريحة للقاعدة والجماعات الجهادية الأخرى في سوريا. ولهذا السبب، أشار وكيل وزارة المالية الأمريكي آنذاك “ديفيد كوهين” إلى قطر في مارس 2014، بأنها تسهل تمويل الإرهابيين. وقال “كوهين”، إن المشكلة لا تقتصر على دعم حماس، بل الدعم القطري للجماعات المتطرفة العاملة في سوريا، مضيفًا: “هذا يهدد بتفاقم الوضع المتقلب بالفعل بطريقة خطيرة وغير مقبولة”.
ومضت تقول: وطبقاً للتقرير، أمّنت قطر الإفراج عن أفراد العائلة المالكة القطرية الذين تم اختطافهم في العراق من قبل الجماعات المرتبطة بالقاعدة مقابل مئات الملايين من الدولارات من أموال الفدية. وقد اتخذت قطر، بعض الإجراءات المحدودة ضد الأفراد الممولين للإرهاب مثل تجميد الأصول، ومنعهم من السفر، وإغلاق الحسابات، وإغلاق جمعية أهل الشام الخيرية المرتبطة بالقاعدة في سوريا، ومواصلة العديد من التحقيقات القضائية، ولكن في كل هذه الحالات، تصرفت البلاد فقط تحت ضغوط أمريكية كبيرة وكانت رافضة لقبول الثناء على نجاحاتها.
وفي الوقت نفسه كانت لإجراءات قطر في كثير من الأحيان نتائج مختلطة أو غير واضحة، فعلى سبيل المثال، على الرغم من أن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية الصادر العام 2014، والذي أشار إلى أن قطر أوقفت حملة المتشدد “سعد الكعبي” على الإنترنت لجمع التبرعات، كشفت تقارير لاحقة، أن الكعبي ما زال يشارك بنشاط في تمويل القاعدة في سوريا على الأقل بعد سنة من العام 2015. وهناك قضية أخرى تشمل “عبد الملك عبد السلام” (المعروف أيضاً باسم عمر القطري)، وهو أردني مقيم في قطر، والذي قدم “دعماً واسعاً” للقاعدة في سوريا. وفي عامي 2011 و2012 عمل “عمر القطري” مع شركاء في تركيا وسوريا ولبنان وقطر وإيران لجمع ونقل الأموال والأسلحة وتسهيل سفر المقاتلين.
ووفقاً لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية العام 2014، قامت السلطات في الدوحة بترحيل ممول إرهابي أردني مقيم في قطر، كان يعمل في مؤسسة خيرية قطرية في ذلك العام؛ من الممكن أن يكون “عبد المالك عبد السلام”، ولكن هذا لم يتم تأكيده علناً.
وكانت الدوحة واضحة بشكل خاص في مسألة مقاضاة ممولي الإرهاب في المحاكم القطرية، حيث أكد تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية صادر في العام 2015، أن الدوحة “بذلت جهداً لمحاكمة كبار الممولين الإرهابيين”، حيث تمت محاكمة 5 ممولين للإرهاب، وهم: “إبراهيم البكر” و”سعد الكعبي” و”عبد اللطيف الكواري” و”عبد الرحمن النعيمي” و”خليفة السبيعي”.
ومن بين هؤلاء، تمت تبرئة اثنين (الكعبي والنعيمي) في العام 2016، وأُدين الثلاثة الآخرون، سبيعي في العام 2008، وبكر وكواري في العام 2016، في حين اُدين “بكر” غيابياً وهو لا يزال طليقاً في مكان ما خارج قطر. وكان “السبيعي”، قد “اُدين” بتهمة الامتناع عن التصويت في محكمة بحرينية في يناير 2008، وألقي القبض عليه بعد شهرين في قطر، حيث قضى مدة 6 أشهر في السجن. ويقال إن كواري، يقضي عقوبة الإقامة الجبرية في قطر، في حين يُقال إن الكعبي والنعيمي والسبيعي يخضعون للمراقبة المنتظمة.
ومع ذلك، فإن طبيعة هذه المراقبة هي موضع نقاش، وفي حالة “سبيعي”، ذكرت لجنة الأمم المتحدة حول العقوبات المفروضة على تنظيم القاعدة، أنه استأنف أنشطة تمويل الإرهاب بعد إطلاق سراحه من السجن، عندما كان يزعم أنه تحت المراقبة. ولذلك ما كان يجب أن يفاجأ المسؤول السابق في وزارة المالية الأمريكية “دانييل غلاسر” في فبراير 2017، بأن الممولين الإرهابيين المدرجين على قائمة الولايات المتحدة والأمم المتحدة يواصلون العمل “بشكل صريح وسليم” في قطر. وقال “غلاسر”، إن قطر لم تتخذ بعد “قرارات جوهرية” حول مكافحة تمويل الإرهاب، مما يجعل البلاد بيئة معادية لممولي الارهاب، مشيراً إلى أن تلك الخطوات الإيجابية التي اتخذتها قطر “بطيئة جداً”.
وفي الأسبوع الماضي، كشفت السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين بشكل جماعي 59 فرداً و12 مؤسسة (بما في ذلك خمسة محاكمين من قبل قطر)، متهمين بتمويل المنظمات الإرهابية والحصول على الدعم من قطر. وكثير من هذه الكيانات، هي كيانات سبق أن كشفتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة كجهات ممولة لتنظيم القاعدة، وذلك رغم أن القائمة تضم أشخاصاً لهم صلات بجماعة الإخوان المسلمين والمتطرفين السلفيين في مصر وليبيا وأماكن أخرى.
وبعض هؤلاء المدرجين ليسوا من المقيمين في قطر، ووفقاً لمسؤول قطري، فإن ستة أشخاص على الأقل من الأشخاص المذكورين قد لقوا مصرعهم.وتوفر هذه القائمة للدوحة فرصة للمساعدة بحل مشكلتها مع جيرانها في مجلس التعاون الخليجي، ويمكن أن تتخذ فوراً إجراءات على الأقل ضد هؤلاء الأشخاص، وهي الكيانات المدرجة أسماؤهم في القائمة والتي سبق أن صنفتها الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة كإرهابية، والتي يجب أن تستهدفها الدوحة بالفعل.
وعلى وجه الخصوص، يمكن أن تركز قطر على العديد من ممولي تنظيم القاعدة في القائمة، وأن تتخذ إجراءات بناء على التزامها الأخير بمكافحة تمويل الإرهاب في قمة الرياض الشهر الماضي. ومن المؤكد، أن قطر قد تأخرت في استهداف تمويلها للجماعات الإرهابية، لا سيما التابعة للقاعدة السورية، ولكن معالجة هذه المشكلة بعد التأخر سيكون أفضل بكثير من عدم حلها على الإطلاق.