حطام مبعثر لقطع أثرية لا تقدر بثمن داخل متحف الموصل
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
بالامكان الدخول إلى متحف الموصل هذه الأيام من خلال فجوة عند قاعدة المبنى بعد ان تعرض إلى التدمير والسرقة على يد عناصر تنظيم داعش الذين سيطروا على المدينة في حزيران/يونيو 2014.
ويخيم الظلام بالداخل ويتراكم الحطام خصوصا من بقايا الثيران الأشورية المجنحة التي دمرها الجهاديون وحولوها إلى ركام.
وأعلنت القوات العراقية الثلاثاء استعادة مبنى المتحف خلال التقدم في الجانب الغربي من المدينة في اطار عملية عسكرية لطرد الجهاديين من الموصل، في شمال البلاد، وتشكل استعادة المتحف انتصارا رمزيا.
وكان التنظيم نشر فيديو في شباط/فبراير 2015 يظهر مجموعة من مقاتليه وهم يهاجمون محتويات المتحف التي لا تقدر بثمن ويحطمونها بواسطة ألات حفر ومعاول.
وبات المتحف اليوم مدمرا بشكل كامل، ولم يسلم شيئا من محتوياته، وداخل القاعة المظلمة، كانت هناك أكوام من الحجار في الموقع الذي كان السياح يعبرون فيه عن اعجابهم بتماثلين للثور الأشوري المجنح ذات الوجه البشري.
وبحسب ليلى صالح مسؤولة المباني الأثرية في الموصل فان التمثالين كانا بارتفاع مترين ويزنان أكثر من أربعة أطنان، وبين الأنقاض، تبدو بقايا أرجل وأجنحة، وقطع أثرية محطمة تحمل نقوشا وحروف الأبجدية المسمارية.
ووسط الركام، هناك فجوة تؤدي إلى الطابق السفلي حيث تظهر قضبان حديدية بارزة من أساسات المبنى، ومن حين لآخر، يهتز المبنى ويتطاير الغبار بداخله عندما تطلق القوات العراقية صواريخ على مواقع تنظيم داعش، وفي الطابق الأول، يختبىء قناصة خلف نافذة صغيرة يحاولون تتبع مسلحي داعش على مسافة قريبة.
وكانت مملكة أشور وعاصمتها نينوى، الموصل في الوقت الحاضر، في شمال بلاد ما بين النهرين احدى أقوى الامبراطوريات في الشرق الأوسط القديم، ويتضمن الفن الأشوري عرض مشاهد حربية.
إلى جانب الثورين المجنحين يوجد كذلك أسد مجنح بابعاد مماثلة، حسبما ذكرت صالح، وقالت ان التماثيل الثلاثة المفقودة كانت بين القطع الأكثر قيمة في المتحف، واشارت إلى ان المتحف كان يضم مئة قطعة لكن ستا فقط منها أصلية، وأضافت ان “الأثار التي تزن أكثر من أربعة أطنان كان يستحيل سرقتها، لذلك تم تدميرها في مكانها”.
والمتحف هو الثاني من حيث الأهمية في العراق، حيث كان يضم قطعا أثرية من الحقبة الهيلينية التي تعود إلى قرون عدة قبل المسيحية.
لكن الرفوف الحديدية والخشبية باتت فارغة ويغطيها زجاج مهشم، ولا تزال اللوائح المكتوبة بالعربية والانكليزية ملقاة على الارض، شاهدا على الخسائر التي لاتقدر بثمن، وكتب على أحدها عبارة “كاسان فضيان عثر عليها في المقبرة الملكية في اور تعود إلى 2600 عام قبل الميلاد”، وكتب على أخرى “قطع صغيرة متنوعة عثر عليها في القصور الملكية في نمرود تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد”.
وتتحدث أخرى عن قطع من الفخار، والرخام، والمرمر، وأقراص صنعت أبان عهود الممالك، وشمعة مزينة بزخارف نباتية.
واستولى الجهاديون على مواقع في المدينة القديمة خلال الهجوم الواسع الذي سيطروا خلاله على مساحات كبيرة في العراق وسوريا في حزيران/يونيو 2014، وبعد اعلان اقامة داعش صيف 2014 ، قاموا بتدمير عدد كبير من المواقع الأثرية في كلا البلدين.
ويزعم التنظيم ان تدمير الأثار فريضة دينية لأنها أوثان، لكن هذه الادعاءات لم تمنعه من المتاجرة بقطع أثرية في السوق السوداء.
وفي أحد شرائط الفيديو التي نشروها، استخدموا جرافات ومعاول ومتفجرات لتدمير موقع نمرود درة الحضارة الأشورية التي تاسست في القرن 13 قبل الميلاد.
ولم ينج في متحف الموصل سوى اثنان من النعوش مزينان بايات قرآنية.
وتختم صالح قائلة ان “إعادة الترميم ممكنة، لكن من الصعب معرفة ما اذ سنجد كل القطع”.