صاحب أول هدف بأول مونديال كان أسير حرب وعاش 97 سنة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
لندن – العربية نت :
كان قصيراً، كقصة أول هدف سجله بأول مونديال نظمته “فيفا” في 1930 بالأوروغواي، ودخل بسببه تاريخ كرة القدم، حيث لا يحين كأس العالم كل 4 سنوات، إلا ويستعيد أحدهم ذكرى الدقيقة 19 من الساعة 5 بعد ظهر 13 يوليو، أول أيام مونديال ذلك العام، وفيه كان ملعب Pocitos مكتظ المدرجات بسعتها القصوى في العاصمة، مونتيفيديو، والمباراة على أشدها بين منتخبي فرنسا والمكسيك.
في لحظة خاطفة للتاريخ، اخترق اللاعب الفرنسي أرنست ليبيراتي دفاع الخصم بكرة مررها إلى زميله المهاجم مثله، لوسيان لوران، فأسرع مارا بها من لاعب اعترضه مباشرة، فلم يفلح وكان من المحظوظين، لأنه لو منعه لما رأى بعينيه ما لن يتكرر بعدها أبدا: اللاعب الذي بالكاد طوله 162 سنتيمترا، يهز شباك المرمى المكسيكي بأول هدف في أول مونديال، ويدخل معه التاريخ أيضا حارس المرمى المكسيكي أوسكار بونفيغليو، كأول من دخلت في مرماه كرة بأول مونديال.
وفي 10 من أصل 11 مباراة لعبها لوران في مونديال شاركت فيه 9 منتخبات أميركية و4 أوروبية طوال 27 يوما، سجل هدفا آخر فقط، ثم شهد بنفسه خروج منتخب بلاده مهزوما أمام الأرجنتين، ومن بعدها التشيلي، وعاين بنفسه أيضا فوز الأوروغواي في النهائي 4-2 على الأرجنتين، ورأى أول منتخب يتسلم أمام 93 ألف متفرج أول كأس بأول مونديال في كرة القدم بالعالم، مع ذلك فاقت شهرة تسجيله للهدف الأول شهرة أول فائز بأول كأس، لذلك يتذكروه كما تفعل “العربية.نت” الآن في كل مناسبة كروية دولية.
وفي الحرب أسروه وسجنوه
يكتبون عن لوران، الذي ولد بأواخر 1907 في ضاحية قرب باريس، لأبوين فقيرين لم ينجبا سواه وأخ آخر، أنه لعب وعمره 14 سنة في 1921 وإلى 1930 مع نادي “باريس تشارينتون” ثم انضم إلى “نادي سوشو” وبعده إلى “فريق العمال” بشركة “بيجو” للسيارات، حيث كان يعمل ويلعب بالوقت نفسه كهاو يأتيه من المال ما يسد به احتياجاته اليومية من الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، وكهاو لعب أيضا حتى في أول مونديال، وسبّب بخسارة المكسيك في تلك المباراة الشهيرة بحصيلة 4 أهداف في مرماها، مقابل هدف واحد لها فقط في المرمى الفرنسي.
يكتبون عنه أيضا أنه لم يتمكن بعد كأس العالم 1930 بالأوروغواي من اللعب بالتي تلتها في 1934 بإيطاليا، لأنه كان مصابا، لكنه انتقل بعدها إلى “نادي رين” حتى 1937 ثم حتى 1939 إلى “نادي ستراسبورغ” الشهير، إلى أن طرأ ذلك العام ما لم يكن على باله، ولا على بال أحد في العالم.
في 1939 بدأت الحرب العالمية الثانية، فاستدعوه ليخدم في الجيش، وفي إحدى المعارك مع الجيش النازي اعتقله الألمان، وزجوا به أسير حرب في معسكر للاعتقال بقي فيه 3 أعوام، ثم أطلقوا سراحه في 1943 ليلعب بعدها 3 سنوات مع “نادي بيسانكون” ثم ليعتزل ويصبح مدربا للناشئين، وسط حياة روتينية في معظمها، لكنها كانت كريمة معه بالسنوات، فقد امتد به العمر إلى درجة أنه كان اللاعب الوحيد الذي شارك بكأس العالم 1930 ورأى منتخب بلاده يفوز بكأس العالم 1998 في فرنسا نفسها.
أقل عدد متفرجين بتاريخ كأس العالم
بعدها بسبعة أعوام توفي لوسيان لوران في 11 أبريل 2005 وهو بعمر 97 سنة، وفي مدينة تبعد في الشرق الفرنسي 411 كيلومترا عن الضاحية التي ولد فيها قرب باريس، هي “بيزانسون” التي أبصر فيها النور أديب فرنسا وكاتبها الأكبر، فيكتور هيغو، تاركا على الأرض بعد رحيله أغلى اثنين في حياته: ابنه الوحيد مارك وأول هدف سجله في أول يوم من أول مونديال.
أما ملعب “بوثيتوس” فلم يدخل التاريخ لأنه شهد الهدف الأول فقط، بل لأنه شهد أيضا حضور أقل عدد من الأشخاص في أي مباراة بأي مونديال تم تنظيمه حتى الآن، طبقا لما قرأت “العربية.نت” مما نشرته “فيفا” من معلومات عن ثاني وآخر مباراة جرت في مونديال 1930 على أرض الملعب الذي بنوه في 1921 بعرض 75 وطول 109 أمتار وسعة 10 آلاف شخص، لأن 300 متفرج حضروا فقط المباراة الثانية فيه، وانتهت بفوز رومانيا بثلاثة أهداف لقاء هدف واحد للبيرو.
ولم تستشرف حكومة الأوروغواي إمكانية تحويل Pocitos الذي استمد اسمه من ضاحية كان يقع فيها بالعاصمة إلى معلم سياحي ورياضي، فهدمته في 1940 لحاجتها إلى توسعة المنطقة السكنية بجواره، ولأن نادي “بينارول” الذي كان يستخدمه بالإيجار، انتقل إلى ملعب آخر، لكنهم تركوا في موقع التوسعة بالحي المستمر بالاسم نفسه للآن، عارضة اسمنتية في المكان الذي سجل فيه لوسيان لوران أشهر هدف.