فن الكاريكاتير .. فن يمتاز بسهولة وسرعة نقل الفكرة النقدية للمشاهد والقارئ
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
يعد فن الكاريكاتير من الفنون القديمة التي عرفها الإنسان منذ أمد بعيد ، عرفه المصريون القدماء والأشوريين واليونانيين ، كما يرجع تاريخ أقدم رسم كاريكاتوري إلى عام ١٢٥٠ق.م ، وذلك عند وجوده في مقابر وادي الملوك بمصر القديمة ، حيث تعد بداية انتشاره في وسائل الإعلام الأوربية والأمريكية في الثلث الأول من القرن الـ ١٩. ويعتمد فن الكاريكاتير على رسوم تبالغ في تحريف الملامح الطبيعية ، أو خصائص ومميزات شخص أو حيوان أو جسم ما . وتلامس الصورة الكاريكاتيرية رسالة من الفنان إلى المتلقي من خلال سياق مشترك قائم على بنية الواقع الذي يعيشونه معًا ، ومن هذا المنطلق فإن الفكرة الكاريكاتيرية قٌسمت إلى أنواع منها ” الكاريكاتير الاجتماعي ” الذي يبرز من خلال قضايا وتناقضات الواقع الاجتماعي ، وهذا النوع سخريته لاذعة وتهكمه شديد وتأثيره محدود ، و” الكاريكاتير السياسي ” وهو الأكثر شيوعًا ومهمته تحريضية بحتة لنقد الواقع السياسي المحلي أو العالمي ، و” الكاريكاتير الرياضي ” ويعد فرعاً من الكاريكاتير الاجتماعي ، ومن خلال هذه الأنواع تظهر وظيفة الكاريكاتير كفن تحريضي دعائي قائم على وجود مرسل ومستقبل للرسم ، ومن ثَمَّ قيام فعاليات إنسانية بسبب الفكرة التي يطرحها الرسم . وعد رسام الكاريكاتير حماد الجعيد هذا الفن من الفنون النادرة لقلة المهتمين من الرسامين بوصفه من أصعب الفنون ، حيث يجب أن تتوافر في رساميه مواصفات معينة قل من يمتلكها لدخول عالمه . ويعرف الجعيد فن الكاريكاتير بأنه لغة عالميه يمكن فهمه والاستمتاع به على مستوى سكان الكرة الأرضية ، متى ما كان معبرا ، مبيناً أنه له عدة أنواع من حيث التعامل فهناك الكاريكاتير السياسي ، الاجتماعي ، والشخصيات ، والتلفزيوني ، والقصص الكاريكاتورية . وقال ” إن المملكة تزخر بالعديد من الفنانين المبدعين في فن الكاريكاتير ، حيث كانت انطلاقته وبداياته من مدينة الرياض على يد الفنان علي الخرجي ـ رحمه الله ـ ، والفنان محمد الخنيفر ، حتى وقتنا الحاضر وبروز عدد من الفنانين السعوديون على المستوى المحلي والعالمي ” . 16:53ت م
وأفاد الرسام الجعيد أن فن الكاريكاتير يستطيع إيصال الفكرة والحدث بطريقة سهلة ومبسطة لجميع أفراد المجتمع باختلاف ثقافاته ومستوياته العلمية ، ويخشاه كل من هو معني به ويمكن تسميته بالفن المشاغب الذي يجيد الوخز المؤلم والشافي ، من خلال تناول موضوع ما حيث يداعب هموم وهواجس المجتمع وتلحظ الاهتمام الواضح من الجميع على مختلف مسؤولياتهم في محاولة جادة وسريعة لوضع الحلول المناسبة بعكس ما يكتب من كتابات مطولة عمل على إيجازها ، مشيراً إلى أن المجتمع يحرص على متابعة الكاريكاتير بشكل يومي ، واصفاً رسام الكاريكاتير بالمصلح الاجتماعي بالدرجة الأولى . وأكد الجعيد أن الاهتمام بفن الكاريكاتير من الأمور المهمة من الجهات المختصة ممثلة في جمعيات الفنون والأندية الأدبية والهيئة العامة للرياضة والقطاع الخاص والأفراد ، من خلال تكوين جمعيات مسئولة عن هذا الفن وتطويره ، وإقامة المعارض والمسابقات ، مثل معرض غزو العراق ، ومهرجان الكاريكاتير الأول الذي أقيم تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة ، وبمشاركة رواد هذا الفن من العالم العربي ، مبيناً أن هذا المجال يفتقد للعنصر النسائي بشكل ملحوظ . وبين الجعيد أن من الإيجابيات التي يكرسها هذا الفن عرض مشكلات وهموم الناس وقضايا المجتمع بأسلوب ساخر ومبالغ فيه على من يهمهم الأمر أملا في معالجتها ، كما أنه يضفي البهجة والابتسامة على محيا متابعيه والعمل على إسعادهم . وتحدث الجعيد عن سلبيات الكاريكاتير ، ومنها التجريح والنقد الغير موثق وغير مبرر وتصيد الأخطاء ومخالفة الصواب والتعبير الخاطئ وعدم انتقاء الكلمات المناسبة للتعليق ، والفهم الخاطئ لفكرة الموضوع والتحامل على الرسام من هو معني بالنقد ، سوء فهم المتلقي للموضوع المتناول ، وتأويله إلى مقاصد أخرى ، وعدم استيعاب الدور الذي يقوم به هذا الفن . ولفت النظر إلى أن التقنية الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي لم تؤثر عليه بل زادته قوة من حيث الانتشار والتواصل ومكنت المتابع من الاطلاع على كل جديد وسهلت اكتساب الخبرات عن طريق الاطلاع على المواقع الإلكترونية والمنتديات الفنية المتخصصة بهذا الفن . 16:53ت م
من جانبه تحدث أستاذ النقد الفني المساعد بكلية التربية بجامعة الطائف الدكتور عبدالله بن دخيل الله الثقفي ، عن دور الكاريكاتير في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان ، لأنه وسيلة لإيصال رسالة من الفنان الكاريكاتوري إلى المشاهد من خلال معرفة دور الكاريكاتير في نقد وإبراز حقيقة الحياة السياسية والمجتمعية ، وبالتالي فإن دوره بارز وفاعل في الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان ، والصحافة المحلية والعالمية التي من شأنها الدفاع عن حقوق الإنسان في شتى المجالات وتنتقد الكثير من السياسات والإيديولوجيات التي تتجاوز حقوق الإنسان وتتعدى عليها للوصول إلى أهدافها السيئة . وأكد الدكتور الثقفي أن هناك أنواعاً للكاريكاتير من أهمها ما يتعلق بالمضمون بالنص في الرسم الكاريكاتيري ، وهو الذي يعتمد على الغرض أو الفكرة التي بني عليها الكاريكاتير ، بالإضافة إلى أنواع أخرى منها السياسي والاجتماعي والرياضي والاقتصادي والديني . ويرى الدكتور الثقفي أن وسائل الاتصال الاجتماعي لم تلغِ فن الكاريكاتير بل زادت من انتشاره ، بسبب ثورة الاتصالات والثورة التقنية ، لاحتوائها على حسابات لرسامين كاريكاتيريين ينشرون فيها نتاجهم ونشره على نطاق أوسع ، مبيناً أن ارتباط فن الكاريكاتير بالصحافة كارتباط الكاريكاتير ذاته بمضمونه ، فقد كانت ولا تزال الصحافة بمثابة المسرح الرسمي للكاريكاتير ، وبالرغم من انتشاره في وسائل الاتصال الاجتماعي إلا أن الصحافة لا تزال هي الحاضن الرئيس لهذا الفن . وأوضح أستاذ النقد الفني المساعد بكلية التربية بجامعة الطائف أن فن الكاريكاتير يعتمد على رسم صورة ساخرة تمتاز بالبساطة والحرية والتمرد على الرسم الأكاديمي ، كما يمتاز الكاريكاتير بسهولة وسرعة نقل الفكرة النقدية للمشاهد أو القارئ بهدف إظهار العيوب في صورة ساخرة لاذعة تعتمد على المبالغة أو الحذف ، حيث أن العوائق التي تواجه الرسام الكاريكاتوري هي تقييد حرية الرأي . من جهته قال الرسام الكاريكاتوري أيمن الغامدي ” إن فن الكاريكاتير له دور بارز في حل كثير من القضايا الاجتماعية ، من خلال اعتماده على المبالغة ، وجودة الفكرة وقلة الكلمات وهو ما يسمى بالكاريكاتير الصامت “. ووصف الغامدي التقنية الحديثة ومنها مواقع التواصل الاجتماعي قد أضحت من أهم سبل انتشار الأعمال الساخرة ، حيث أن الرسم الرقمي يسبب فتور للرسام وملل في المستقبل ، بعكس الرسم على الورق والتلوين الرقمي لما له من حس جميل وإبداع في اختيار الفكرة .