الاختراقات الإلكترونية ..أين الخلل ؟

مع تكرار الاختراقات الالكترونية التي تتعرض لها مواقع سعودية ، ثم ما يترتب عليها من تعطيل لمصالح الدولة والمواطنين و أعمالهم ، يحق لنا أن نتساءل : ما جدوى الإنفاق الضخم الذي تلتهمه الإدارات المختصة بالتقنية و التطوير في وطننا الحبيب ، إذا كان من السهل إلي هذا الحد هزيمتها في قلب ملعبها ؟، ثم ما الذي يعيق المختصين في هذا المجال ، وهم كثر سواء كانوا من المواطنين أو الأجانب ، عن التصدي المبكر لجرائم من هذا النوع على الرغم من إدراك الجميع بأن الحرب الإلكترونية صارت جزءاً من الصراع العالمي ، وكذا يقينهم بأن هناك قوى إقليمية تعمل ليل نهار من أجل المساس باستقرارنا عبر هذه الوسيلة ، السهلة وغير المكلفة؟.
الأهم من ذلك هو السؤال عن الطريقة التي تتعامل بها مؤسساتنا مع المقصرين في مهمة التصدي لهذه الهجمات ؛ هل هناك محاسبة و تقييم حقيقي لأدائهم أم أن الأمر ينتهي بمجرد استعادة الحسابات التي تتعرض للسطو الإلكتروني ؟، وما هي معايير التقييم المتبعة في هذا النطاق الوظيفي ؟، ثم : لماذا لم تخرج علينا جهة واحدة من وزاراتنا ومؤسساتنا التي راحت ضحايا للإجرام الإلكتروني ببيان يوضح لنا : ماذا حدث ، وكيف حدث ، طالما كنا – نحن المواطنين – من يدفع الثمن ؟.
وبجانب ما سبق ، يبدو السؤال عن دور الجهات الرقابية ، نظراً لأن تكرار مثل هذه الجرائم يدل على أن هناك شيئاً من الإهمال وعدم المبالاة ، وربما التسيب داخل النطاق الإلكتروني الذي بات متحكماً في حياتنا ، وحافظاً لخصوصية مجتمعنا ، وكذا ملفات أمننا القومي بمختلف مستوياتها. و ما يزيد من علامات التعجب هنا أن الجهات الرقابية نفسها لم تجد في كل الجرائم الالكترونية التي أضرت بنا خلال الفترة الماضية ، ما يدعوها للإقتراب من هذه القضية على الرغم من أن المهمة الرئيسة لها هي التأكد الدوري من سلامة الأداء في مختلف المؤسسات .
إن مسألة القرصنة الإلكترونية المتكررة ، و التي يتباهى معادون لهذا الوطن بتنفيذها، لا تضر فقط ضحاياها المباشرين من المؤسسات أو الأشخاص ، و إنما تؤذي المجتمع كله ، ولذلك ينبغي علينا أن نفعل و بشكل فوري آليات الرقابة و المحاسبة ، باعتبارهما خطوة أولى باتجاه تحقيق الحماية المستدامة ، بدلاً من الركون إلي التطمينات الإنشائية التي ثبت أنها مجرد حيلة للتغطية على أخطاء كبيرة ، باهظة الكلفة .
ويستدعي الأمر أيضا نقاشاً مفتوحا وشفافاً بين المختصين في القطاعات التقنية بمختلف الجهات الحكومية و الخاصة ، لاسيما تلك التي تعرضت لهجمات الكترونية ، بغرض تبادل الخبرات والتجارب و من ثم تحديد أشكال الخطر ومصادره والوسيلة أو الوسائل الناجحة للتعامل الصارم معه ، مع السعي الجاد لتوفير إطار قانوني ينظم التعامل مع هذه الجرائم ، ويضمن للمجتمع أن يأخذ حقه من المتورطين فيها أو المتساهلين ولو بالإهمال في التصدي لها .
(عناوين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *