سيرة الداعية السني شهرام أحمدي تثبت الطابع الطائفي للإعدام في إيران
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
“أنا لم أرفع السلاح”. هذه الجملة التي وردت على لسان الداعية الكردي السني شهرام أحمدي، الذي أعدمته طهران، مؤخرًا، تظهر البعد الطائفي لأحكام الإعدام في إيران.
ويقول حقوقيون إن تطبيق عقوبة الإعدام غالبًا ما يستند إلى مبررات قانونية لها علاقة بـ”العنف والإرهاب واستخدام القوة ضد السلطات”، أما في إيران فيكفي أن تكون “ناشطا سنيا”، حتى تكون مهددًا بعقوبة الإعدام.
وترى مصادر غربية أن طهران التي ترسل ميليشيات للقتال في سوريا والعراق، وتدعم الانقلابيين الحوثيين في اليمن، وتحرض المعارضة في البحرين، وتخلط الأوراق في لبنان، وتسعى إلى إثارة الفتن الطائفية في المنطقة، ليس من المستغرب أن تقدم على تصفية معارضيها في الداخل.
وتضيف المصادر الغربية أن الثورة الإسلامية التي رفعت شعارات برّاقة عن العدالة والمساواة ورفع الظلم، عمدت إلى إسكات الصوت المعارض، وخنقت الحريات، ولم تكتف إيران بالسعي إلى “تصدير الثورة” للمنطقة، بل حولت الثورة في الداخل إلى “بعبع” يهدد مختلف العرقيات والإثنيات والمذاهب المتنوعة التي تعيش في إيران.
وتبعًا لهذه العقلية المذهبية المتزمتة، بحسب وصف خبراء، فإن مواسم الإعدام لا تنتهي في إيران، ولعل آخر فصول هذه المأساة تمثلت في إعدام الداعية شهرام أحمدي، ونحو 30 من رفاقه، لفقت لهم تهمًا باطلة، بحسب تقارير إعلامية، بينما تؤكد سير المعدومين أنهم لم يقوموا سوى بالعمل “الدعوي” في إطار سلمي.
وبحسب روايات موثقة، فإن أحمدي اعتقل في العام 2009 ، بسبب نشاطه، فهو كان داعية يلقي الدروس الدينية في المساجد السنية الكردية، ويوزع الكتب الدعوية، وهو ما أكدته منظمة “هرانا” الحقوقية الإيرانية التي قالت إن “تهمة شهرام أحمدي هي انتماؤه إلى جماعة دينية سنية”.
ونقل عن شهرام أحمدي قوله في شريط فيديو مسرب إن “جميع الدعاة ونشطاء السنة الذين تم إعدامهم كانوا أبرياء وإنهم مجرد أشخاص طالبوا بعدم إهانة رموزهم السنية ولغتهم الكردية وشعبهم، وهذا مجرد احتجاج”.
وتبدي منظمات حقوقية استغرابها من هذا السلوك الازدواجي الإيراني، ففي حين يتباكى النظام الإيراني على المضايقات التي يتعرض لها معارضون شيعة في دول أخرى، فإنه ينفذ الإعدامات في الداخل دون أن يرف له جفن.
وتؤكد هذه المنظمات أن الإعدامات الأخيرة في إيران، وتلك التي سبقتها، تستند، في غالبيتها، إلى اعترافات تنتزع بالقوة في السجون والمعتقلات.
ومن المفارقات التي تكشفها قضية شهرام أحمدي أن حكم الإعدام صدر بحقه خلال جلسة محاكمة صورية لم تدم أكثر من “خمس دقائق”.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي رسالة مؤلمة لأم شهرام المسنة، التي ناشدت السلطات بشنقها بدلًا من ابنها، فهي لم تكن تريد أن تتجرع مرارة الفقد مرة ثانية، إذ سبق وفقدت ابنًا آخر وهو بهرام الذي أعدم قبل سنوات.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين، تعليقًا على الإعدامات الأخيرة، إن “توجيه اتهامات جنائية فضفاضة ومبهمة إلى جانب ازدراء حقوق المتهم في الإجراءات اللازمة والمحاكمة النزيهة أسفر عن ظلم بيّن.”
وأضاف المفوض السامي أن هناك تقارير عن تعرض شهرام أحمدي للضرب وإجباره على التوقيع على ورقة بيضاء تم تسجيل اعترافات كاذبة عليها فيما بعد”.
ويسلّط إعدام أحمدي (تولد 1987)، والذي ينتمي إلى القومية الكردية، الضوء على الاضطهاد الذي يتعرض له الأكراد، بصورة خاصة، في إيران التي تسعى إلى طمس الهوية الكردية.وفقا لموقع “إرم نيوز”.
وكانت اشتباكات مسلحة تجددت بين المسلحين الأكراد والحرس الثوري الإيراني، في الاسابيع الأخيرة، لكن الأنباء الواردة من “أرض المعارك” تبدو شحيحة في ظل التعتيم الإعلامي.
وكان الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني مصطفى هجر قال إن “مقاتلي الحزب لن يتوانوا في الرد والدفاع عن شعبهم، ولن نتراجع عن ذلك”، في إشارة إلى أن الاشتباكات قد تتأجج مستقبلا.
وأقدمت السلطات الإيرانية على اغتيال عدد من قادة الأكراد، من أبرزهم زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني السابق، عبد الرحمن قاسملو، الذي قتل على يد المخابرات الإيرانية في فيينا عام 1989، وهو ما يسلط الضوء على الاغتيالات السرية التي يحفل بها سجل إيران.
وتقول جماعات حقوقية دولية إن إيران من أكثر الدول تنفيذًا لحكم الإعدام.وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن إيران أعدمت 230 على الأقل هذا العام، لكن التقديرات ترجح أن الأرقام أكبر من ذلك بكثير، ذلك أن فتح ملفات الإعدام محظورة في إيران، وهو ما يجعل من الصعب معرفة الأرقام الدقيقة لحالات الإعدام.