البارحة جاءتني طيوف الماضي، القطاء والغدير وفيضة العشب وجامعات الحطب، والبرق بشير المطر ومفرح العسس، رائحة الخبز والصاج والرمث والنيتول والرمث والحناء وحفرة النار، وبيوت الشعر، والسحابة الهاطلة، والرحيل المر، والخلوج التي فقدت وليدها، لها حنين مر، وحزن كثيف، والرعاة المتعبون، وصوت الحداة في الليالي المعتمة، على مطاياهم الراكضة نحو الغيوم البعيدة، والعابرون نحو الغياب الطويل، يقطعون مشياَ، أو ظاعنين فوق ظهور الأبل يبحثون عن مكسب، أو شيىء يسد الرمق، والسنين الممحلة، وذاك الشريد الطريد صعلوك جاء من فج بعيد، متعب وراحلته مثله متعبة، يسال الآتيات من الغدير شربة ماء، تسد العطش، هي القطبة تراءى لي لها عمود وحيد، وبها ...