حمود أبوطالب : الهيئة تشهر سيف سطوتها وتتحدى كل أنظمة الدولة
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
الرياض – متابعة عناوين
انتقد الكاتب حمود أبوطالب الأسلوب الذي تعاملت به هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مع الإعلامي علي العلياني ، متسائلاً : ” أين هو الأمن والأمان والسلم المجتمعي عندما يمكن أن يدفع الإنسان ثمنا باهظا ومدمرا من خلال الترصد له وتلفيق التهم عليه وبهذه الصورة التي تعافها القيم والشيم والمروءة والأخلاق، قبل أن ينهى عنها الدين”.
وكتب أبوطالب بمقالته بصحيفة ” عكاظ” :”
قلنا في مقال الخميس إن «الهيئة» كانت الحاضر الأبرز خلال الأسبوع الماضي، كوميديا وتراجيديا، بسبب قصة الدمية وقصة فتاة مول النخيل. وأشرنا إلى ما تناقلته المواقع الإخبارية العالمية عما يحدث في مجتمعنا ولا يمكن أن يصدقه عقل في هذا الزمن، أو أي مجتمع من مجتمعات العالم. وأكدنا أن سمعة مجتمعنا قد تضررت كثيرا بسبب التجاوزات على كرامة الناس حتى يكاد يظن الآخرون أننا مجتمع وحوش أو بهائم لا بد من حراستها حتى لا يمارسوا غرائزهم الحيوانية في وضح النهار وفي أي مكان.
اعترفت الهيئة بتجاوز أفرادها على الفتاة المسحولة في الشارع، وتعرض الشاب الشهم الذي أنقذها لضغوط عاتية أجبرته على الهرب من الرياض والاحتماء بأسرته، وعند هذا الحد كنا نتوقع من الهيئة أن «تهدي اللعب» قليلا كي يخرج المجتمع من صدمة أحداثها، لكن تأكد أنها لا تعبأ بأحد، وتريد أن تؤكد أن من ينتقد ممارسات بعض أفرادها سيكون في مرمى سهام انتقامها حتى لو كان هذا واجبه ومهنته توخيا للصلاح والإصلاح وتقويم السلوكيات الشاذة التي تضر المجتمع.
الإعلامي البارز «علي العلياني» كان ضحية نهاية الأسبوع الحافل للهيئة، فقط لأنه أدى واجبه في تفنيد ممارسات بعض أفرادها، ببساطة شديدة تم الترصد له ثم القبض عليه مع صيحات «الله أكبر» وكأنه تم القبض على إرهابي خطير. وبسرعة تم تصويره وهو مكبل اليدين وإطلاق خبر سريع بأنه تم القبض عليه بتهمة لا نريد ذكرها لأنها مقززة. ولاحقا اتضحت براءته منها لكن صورته والصدمة العنيفة على محياه وفي نفوس كل من شاهدها ستظل غائرة في الأعماق، ولو استطاع غيره نسيانها فلن يستطيع هو.
نحن إزاء منعطف خطير جدا بمثل هذه الحادثة ليس لأن شخصية إعلامية بارزة مثل علي العلياني طرف فيها فحسب، ولكن لأن الهيئة أصبحت تشهر سيف سطوتها وحريتها في ما تريد فعله تجاه أي شخص وفي تحد سافر لكل أنظمة الدولة ومنها نظامها. يستحيل جدا أن يتصور الإنسان أن سمعته يمكن تصفيتها بهذه السهولة، ولا يمكن لإنسان أن يتخيل أنه يمكن ببساطة شديدة تلويث إسمه وشرفه، أيا كان هذا الإنسان وبغض النظر عن مكانته أو موقعه أو منزلته الاعتبارية. لا يمكن أبدا أن يعيش أحد في المجتمع في رعب من احتمال العبث بشرفه أو تدمير كل منجزات حياته لأنه انتقد أخطاء لجهاز حكومي كغيره من مؤسسات الدولة.
أين هو الأمن والأمان والسلم المجتمعي عندما يمكن أن يدفع الإنسان ثمنا باهظا ومدمرا من خلال الترصد له وتلفيق التهم عليه وبهذه الصورة التي تعافها القيم والشيم والمروءة والأخلاق، قبل أن ينهى عنها الدين.
لا يجب أبدا أن تستمر الأمور بهذه الفوضى وهذه العبثية، ونأمل أن يتم ضبطها حماية للمجتمع مما لا تحمد عقباه