النقيدان يكشف أسراراً مثيرة عن نمر النمر ويؤكد : فرصة تاريخية لشيعة السعودية بعد إعدامه

الرياض – عناوين:

كشف الكاتب منصور النقيديان عن تفاصل مثيرة حول الإرهابي نمر النمر الذى تم تنفيذ حكم القصاص فيه قبل أيام ، مؤكدا وجود فرصة تاريخية لشيعة السعودية بعد إعدامه.

وقال النقيدان ، فى مقال له بصحيفة ” أمريكان إنترست” بعنوان “بعد إعدام النمر ..فرصة تاريخية لشيعة السعودية” :”في العام 2010 كنت في زيارة لمدينة القطيف شرق السعودية، حيث يعيش فيها غالبية أبناء المذهب الشيعي، تلقيت يومها رسالة عبر الهاتف المحمول لصديقي حبيب الذي كنت في رفقته وهو رجل دين يلبس العمامة والعباءة التي يمتاز بها من هم أكثر تقوى. كانت الرسالة من رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر الذي سبق أن زرته في بيته قبل أكثر من عام، وتبادلت الحديث معه، حيث تناولنا الشاي والمكسرات الإيرانية” ، مردفا :”وكان لقاءً مؤثراً مشحوناً بالعواطف، حيث سرد لي بطرافة موقفين عصيبين تعرض لهما إثر استدعائه في مرات سابقة من إمارة المنطقة ومن الأمن السياسي. حزنت له وحزنت عليه، وشاركته دموع الضحك أحياناً”.

وأشار إلى أنه “في العام 2009 شهدت مقبرة البقيع المجاورة للمسجد النبوي الذي يضم رفات رسول الإسلام مناوشات وصدامات بسبب التفاوت في شعائر الزيارة بين السنة والشيعة. ويعمد المسلمون الشيعة إلى زيارة مقبرة البقيع التي تحوي قبور عدد من آل بيت النبي الذين يحظون بقدسية عالية.اتسعت رقعة هذه الصدامات، وفي حومتها اختفى نمر النمر العام 2009 إثر خطب ألقاها في أكثر من مناسبة، دعا فيها إلى انفصال المناطق التي يعيش فيها الشيعة عن المملكة، وإقامة حكم على غرار الثورة الإسلامية الإيرانية، وتسببت هذه الخطب الساخنة بوضع النمر ضمن قائمة من المطلوبين لدى السلطات”.

وأضاف النقيدان :”في رسالته إلى صديقي اقترح نمر النمر أن أقابله وأشير عليه بأفضل الخيارات لحل مشكلته مع السلطات السعودية، فكرت ثم اعتذرت عن لقائه، ففي قانون البلاد إي تواصل مع شخص مطلوب دون التبليغ عنه، جريمة يعاقب عليها. قيمت لحظتها المنفعة التي سيجنيها نمر في مقابل التبعات السلبية للقائي به، واتخذت قراري بالاعتذار”.

وتابع :”اختفاء النمر عن الأنظار حتى من أقاربه إلا من دائرة ضيقة من مريديه، كان ملهماً لمخيال عشرات من الشباب الشيعة الذين عاشوا على الهامش، وعانوا من الإهمال، ولسعتهم البطالة، وأثرت فيهم الدعاية الإيرانية لسنوات طويلة.لغيبة الأئمة عند الشيعة أثر ساحر وخلاب يضفي غموضاً جذابا لدى المؤمنين، وكان نمر يحث خطاه ليسبغ على نفسه هذه الهالة. في العام نفسه الذي اختفى فيه النمر، عاش المجتمع الشيعي في السعودية جدلاً واسعاً بعد أن عمد أشخاص من آل النمر إلى إعلان أنفسهم من طبقة السادة الذين يحتلون مكانة أعلى قداسة من باقي أتباع المذهب الشيعي”.

ومضى يقول :”أحدث هذا التطور انقساماً داخل العائلة، وخلال سنتين من اختفائه حتى بلوغ الصدامات في القطيف ذروتها منذ 2011 بعد الاضطرابات التي عمت العالم العربي، احتل النمر حظوة اجتماعية تنامت بشكل فاق نفوذ القيادات الشيعية التقليدية التي تتمتع باحترام واسع بين أوساط الشيعة.في منتصف 2012 بعد سنة ونصف من الاضطرابات والمسيرات التي شهدتها مدينة العوامية، أكبر مدن القطيف، ألقت السلطات السعودية القبض على النمر الذي كان بعيداً عن الأنظار لسنوات، إثر مطاردة في سيارة أطلق منها الرصاص على الشرطة”.

واستطرد :”توفيق السيف وهو كاتب ومفكر سعودي خلع العمامة منذ سنوات، ويمثل اليوم واحداً من أبرز القيادات الشيعية في البلاد، كتب في الثالث عشر من ديسمبر(كانون الأول) الماضي، في صفحته على الفيس بوك: القطيف الشيعية تعاني من أبنائها الدواعش، الذين يحملون السلاح ويرعبون كل من يختلف معهم أو يحاول نقل حقيقة مايحصل في المدينة. في مثل هذه الظروف التي أشار إليها السيف، كان نمر النمر لعامين اثنين يخطط ويقود ويحرض على الاضطرابات التي شهدتها القطيف في السنوات الماضية، حيث ذهب ضحيتها أبرياء، ودمرت ممتلكات، وأحرقت مرافق حكومية، وقُتل فيها رجال أمن، إثر إلقاء القنابل الحارقة، أو إطلاق رصاص عليهم”.

ومنذ العام 2001 عمد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز حين كان ولياً للعهد إلى إنشاء مؤتمرات الحوار الوطني لتخفيف التوتر بين السنة والشيعة وخلق حالة من التقارب والانسجام والسلم. ومنذ 2005 اتخذ الملك عبدالله إجراءات كثيرة لخطوات عملية هادئة لتجاوز هذا التفاوت، فقد حظي مايقارب 40% من خريجي الجامعات السعودية من الشيعة بفرصة الابتعاث على حساب الحكومة في أرقى الجامعات الغربية، وهي نسبة أعلى من الخريجين من السنة الذين يمثلون الغالبية من السعوديين.

ولفت النقيدان إلى أنه “ومنذ منتصف 2014 تعرضت ثلاث مساجد شيعية لتفجيرات واعتداءات من قبل تنظيم داعش الذي جند سعوديين سنة لتنفيذها. وبعد أن تولى الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في 21 يناير(كانون الثاني) 2015 كان أول ملك سعودي يتبرع بإعادة بناء مساجد أبناء المذهب الشيعي التي استهدفها تنظيم داعش . كما أن ولي العهد وزير الداخلية وأمراء آخرين كانوا على رأس الوفود التي قدمت واجب العزاء للأسر التي فقدت أحبابها وأبناءها، ولأول مرة في تاريخ البلاد يقوم مئات المواطنين من مناطق المملكة ومن مذهب سني مغاير بإداء واجب العزاء لإخوتهم في الوطن في ظل تغطية إعلامية واسعة بدعم من القيادة السياسية، كما أن الملك سلمان هو أول ملك سعودي في ظل حكمه تصف الصحافة ووسائل الإعلام المحلية، وعلماء الدين القتلى الذين قضوا من أبناء المذهب الشيعي في تلك الأعمال الإرهابية بـ(الشهداء)، وهو وصف يمنح أصحابه مكانة أكثر قداسة عند المؤمنين. وقد كرم الملك الشهداء وأشاد بتضحيات من أسهموا في تخفيف الدمار والخسائر البشرية من أبناء الشيعة الذين قاموا بحماية المساجد ولقوا حتفهم جراءه.وفي العام 2015 اهتمت الدولة بوضع قوانين تعاقب أي إثارة للكراهية وخضع سعوديون سنة في الفترة الماضية لمساءلة السلطات بعد أن نشروا مقاطع فيديو تعبر عن كراهية لأبناء المذهب الشيعي.

ورأى النقيدان أن “الفرصة الآن كبيرة أمام وجهاء الشيعة السعوديين ومثقفيهم، فعليهم أن يتجنبوا الصمت ولا ينكفؤوا على أنفسهم، بل أن يأخذوا زمام المبادرة وأن يتحلوا بالشجاعة والحكمة وبعد النظر.إن الشخصيات ذات التأثير الكبير على الشباب الشيعي عليها أن تمسك بزمام المبادرة لحماية اليافعين والشباب من الانزلاق في مهاوي الإرهاب ومحرقة المزايدات السياسية، وأن يسعوا لإحداث الإصلاحات ونيل حقوقهم أكثر، والعمل على مشاريع وطنية مع جميع التيارات الفكرية والثقافية من كلا الجنسين، وجعل الحياة في المملكة أفضل، عبر جهد متواصل يوماً بيوم، عام بعد عام، ومن جيل إلى جيل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *