رأوا قوة طهران في الضعف العربي وحذروا من تغليب المصالح الضيقة

3 كتاب سعوديون يجيبون: ماذا يؤخر الموقف الخليجي الموحد ضد إيران ؟

الرياض – عناوين
لماذا تأخر رد فعل بعض دول مجلس التعاون الخليجي تجاه التبجح الإيراني بحق المملكة؟ . ولماذا جاء رد البعض منها أقل مما توقعنا و أحيانا عكس ما تمنيناه ؟ . هل هي المصالح الخاصة بتلك الدول ، أم هو توافق مع سياسات دول كبرى لا تريد وقف إيران عن حماقاتها ؟ و أخيراً : هل يمكن لأحد أن يقف من الأزمة السعودية – الإيرانية موقف الحياد ؟ وما خطر ذلك عل أبناء المنطقة ؟
ثلاثة كتاب سعوديين بارزين حاولوا الإجابة عل هذه التساؤلات ، فمنهم من حاول دق جرس الإنذار لأصحاب المواقف الضبابية بأن التخاذل سيؤذي الجميع لا السعودية وحدها ، ومنهم من جزم بأن الغطرسة الإيرانية تتمدد بالضعف العربي ، بينما ذهب أخرهم إلي أن الأمل يبقى حاضراً بان يتوحد العرب في هذه المواجهة ، حتى لا تلتهم إيران فرادى ؟ .
خالد الدخيل : خطورة الضعف العربي
لم يتوقف الأكاديمي والباحث السياسي السعودي خالد الدخيل طويلاً عند أسباب الأزمة بين السعودية و إيران ، ووجه تركيزه إلي المستقبل ، لاسيما أسباب القوة المتاحة للجانبين ، و ربما كان أهم ما توقف عنده الدخيل هو تأثير الضعف العربي في هذه الأزمة . هو يرى أن الضعف العربي هو الذي يمنح إيران قوتها . وبقوله فإن إيران توقعت أن تحرج السعودية من خلال التهديدات والضغط الإعلامي الذي أعقب إعدام نمر النمر، لكن الرياض قالت لإيران إذا أردتم المواجهة فليكن.
وبرأي الدخيل ،فإن البعد الأعمق لهذه الأزمة هو المواجهة المفتوحة المباشرة بين البلدين بعد احتقان كبير في السنوات الأخيرة، وطبيعة التحالفات التي تشكلها الدولتان الكبيرتان في الإقليم، منوهاً إلي أن إيران تبحث عن دور أكبر من قدرتها العسكرية والاقتصادية، بيد أن نقطة القوة -إن توافرت لها- فهي في رأيه ليست من ذات إيران بل من التراجع والضعف العربي.
وتوجه الدخيل، خلال اطلالته في برنامج “في العمق” يوم الاثنين 4/1/2016 إلى الدول الخليجية التي لم تتخذ موقفا واضحا بالقول إنه “خطأ ليس في صالحها” ويؤدي إلى أن “تتجرأ إيران أكثر، وأن سياستها العدوانية يمكن أن تؤتي ثمارها”.
وأضاف أن دولا خليجية “سكتت وجاملت” في غير مكان إلى أن وصل الحال إلى ما هو عليه الآن، لافتا إلى أن المأزق في عدم انسجام مواقفها. كما ذهب الدخيل إلى أن ثمة توجسا بسبب حجم السعودية واقتصادها ووزنها الديمغرافي، مؤكدا أن هذا في غير محله.
آل الشيخ و الرهان على عامل واحد
أما الكاتب بصحيفة ” الجزيرة ” محمد آل الشيخ ، فلا يرى حلاً للأزمة غير مواجهة إيران بالقوة . سنده في ذلك مقولة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (ليت بيننا وبين الفرس جبلاً من نار لا ينفذون إلينا ولا ننفذ إليهم) ، التي تعبر عن تاريخية الأطماع الإيرانية بالمنطقة وعمق العداوة للعرب .
ورأى آل الشيخ ، انطلاقاً من رصد أجراه للسياسة الإيرانية في المنطقة، أن قوة إيران تأتي من صمت الأخرين على غطرستها ، مضيفاً أن الملالي الفرس لا يفهمون إلا لغة المواجهة والقوة والتصعيد، فهم إذا رأوا الجزم والعزم والحسم، يكتفون بالجعجعة، ويستأجرون من يحارب عنهم، وغالباً ما ينكشف ضعفهم لحلفائهم قبل أضدادهم، فقد حرضوا – مثلاً – الحوثيين وصالح في اليمن على الانقلاب على الشرعية، وعندما تعامل مع انقلابهم العرب بقيادة المملكة، تعاملاً جازماً وحاسماً، اكتفوا بالجعجعة الإعلامية، والتصريحات العنترية، وتركوا حلفاءهم منفردين يواجهون مصيرهم المشؤوم. وحصل هذا – أيضاً – مع الأسد ونظامه، فقد ظنّ ذلك الأحمق أنهم سينصرونه ويخلصونه من محنته، فلم يجدهم إلا نمراً ورقياً، لا يهش ولا ينش وإنما يستأجر من يقوم بالدور عنه، فارتمى بعد أن خذلوه في أحضان الروس، وترك عملياً تحالفه معهم. كذلك عميلهم الشهير «نوري المالكي» رئيس وزراء العراق السابق، تخلوا عنه، وأتوا بغيره عميلاً، بعد أن كادت رائحة عمالته أن تُزكم الأنوف.
وتابع :” إيران الخميني وخليفته خامنئي وجنرالات الحرس الثوري المجعجعون لا يعرفون إلا لغة القوة والمواجهة والتصعيد، فإذا صعدوا خطوة فيجب أن تقابلهم بالتصعيد في المقابل خطوتين أو ثلاثاً؛ وهذا ما اتخذته حكومة خادم الحرمين الشريفين حينما قابلت اعتداءاتهم على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد بقطع العلاقات الدبلوماسية معها.”.
السويد … طرح متعدد السبل
للكاتب بصحيفة ” الحياة ” عبدالعزيز السويد اجتهاد جدير بالتأمل ، فهو يطالب بعدم التركيز على وسيلة واحدة في مواجهة إيران ، كما أنه يحذر من تغطية الأزمة الحالية على الجوانب الأخر للاجرام الإيراني . يرى السويد أن تسخين ملف إرهاب الدولة الإيرانية في المحافل الدولية وفضحه، هما المهمة العربية الواجب التصدي لها، وهنا يجب الاعتماد على النفس، سعودياً وخليجياً ومن بقي من العرب غير متردد قد وعى الخطر ولم يخضع للمغريات الإيرانية.
وتابع :” هنا يجب أن نفرق بين الشعوب الإيرانية بمختلف طوائفها وأعراقها ونظام الملالي في خطابنا الإعلامي. هذا أمر بالغ الأهمية، الإجرام جاء من هذا النظام مع نجاح ثورة الخميني، لكن كيف استطاع هذا النظام إخفاء إرهابيته” . و رأى السويد أن إيران خطفت باستخدام «القدس» شعار المقاومة من العرب والفلسطينيين وقامت على مدى عقود ببناء «ميليشيات عميلة» لها ترفع راية المقاومة، وللحقيقة أن إيران نجحت في استلاب الشعار إعلامياً في خطابها السياسي الموجه لشعوب المنطقة بقشرة المقاومة. كانت التصريحات النارية ضد إسرائيل الصادرة من طهران في مقابل دعوات اتفاقات السلام العربية مع الدولة الصهيونية. من هنا تمكنت طهران من النفاذ والتغطية على أهدافها الاستراتيجية في المنطقة العربية، ولولا تغولها الفاضح في العراق وسورية واليمن لما انكشف غطاء التعتيم ولمَا انجلى دخان التستر.
و أكد السويد أنه ” لولا التراخي العربي والخليجي تحديداً لدفعت إيران ثمناً باهظاً لإرهاب الدولة الذي تمارسه في وقته، لأن هذا الإرهاب في مجمل عملياته الإجرامية حدث في الدول العربية تفجيرات ومحاولات اغتيال زعماء سياسيين وديبلوماسيين، لكن هذا الإرهاب خلال السنوات القليلة الماضية تجاوز العالم العربي من ماليزيا إلى نيجيريا، ووظفت إيران ميليشيات ومجموعات تحت غطاء «الطائفية» ومن باب الثقافة والمساعدات وخطاب «المستضعفين». كان كل هذا تحت الغطاء الذي أزاحه للعامة توقيع اتفاق الملف النووي مع دفع غربي لطهران للبروز والتمدد على حساب العرب”.
و بتقديره ، فإن الدول العربية والإسلامية التي تضررت من إرهاب الدولة الإيرانية وأدواتها من ميليشيات بأسماء مختلفة، إذا اجتمعت سياسياً في فريق واحد يضع النقاط على الحروف، سيتحقق النجاح في وضع هذا النظام في موقعه الإرهابي الحقيقي دولياً. ومن هذه القاعدة أيضاً يمكن مواجهة سياسات واشنطن وموسكو التي تستخدم أطماع إيران للهيمنة على العالم العربي واستنزاف إنسانه وموارده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *