“البدون”.. هل تجد الأزمة طريقها إلى أميركا؟
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
بعد دعوات مرشح الرئاسة الأميركية دونالد ترامب بإيقاف منح الجنسية للمواليد، يدور في الولايات المتحدة الأميركية جدل حول إيقاف منح الجنسية لكل من يولد على الأراضي الأميركية، حتى لو كان والداه مهاجرين غير شرعيين.
المرشح الرئاسي الجمهوري ترامب أثار الموضوع الذي يصعب تحقيقه إلا بتعديل دستوري ضمن هذا الحق منذ تأسيس أميركا.
تبرر بعض قيادات الحزب الجمهوري دعواتها لهذا التعديل بأن العديد من الدول الأخرى لا تعطي جنسيتها للمواليد على أرضها بشكل آلي، بل إن ترامب يذهب لحد القول، “نحن المكان الوحيد الذي لديه من الغباء الكفاية، لفعل ذلك”.
ويختلف حق إعطاء الجنسية للمواليد بين أمرين “حق الأرض” أو Jus Solis، و “حق الدم” أو Jus Sanguinis. فالولايات المتحدة تمنح جنسيتها بناء على حق الأرض.
في المقابل، يدافع معارضو ترامب بأن حق الجنسية للمواليد ضمنه الدستور، مشيرين إلى أن محاولات منعه مرتبطة تاريخيًا بالخوف العنصري من المهاجرين وأطفالهم. كما أن إلغاء هذا الحق سيشكل كابوسًا بيروقراطيًا. أما العاقبة الكبرى فستكون ظهور أعداد هائلة من عديمي الجنسية سواء في الولايات المتحدة وغيرها.
وسواءاً كانت دعوة الجمهوريين حقيقية أم مجرد خدعة انتخابية، فيما يلي 4 حالات عانت فيها شعوب بأسرها من وضع “عديم الجنسية”:
أتراك ألمانيا
تسببت قوانين ألمانيا الصارمة لمنح الجنسية بطبقة متخبطة من الجيل الثاني والثالث لأبناء المهاجرين التركيين، الذي ما زالوا يصارعون حتى يومنا هذا من أجل تكافؤ الفرص ومكافحة العنصرية.
كانت ألمانيا دعت مئات الآلاف من الأجانب إلى أرضها كجزء من برنامج استضافة العمالة في الستينيات، منهم حوالي 750 ألف تركيّ. وكان من المقرّر أن يكون ذلك إجراءً مؤقتًا لسدّ عجز الأيدي العاملة، لذا لم يتلقّ هؤلاء الجنسية الألمانية. لكن أكثر من نصفهم بقي في ألمانيا وأنجب أبناءًا وأحفادًا، ليبلغ تعداد ذوي الأصول التركية اليوم، في ألمانيا 2.5 مليون من أصل عدد سكانها البالغ 82 مليونًا.
كانت ألمانيا بدايةً تتحرك ببطء نحو دمج العمال الأتراك في المجتمع، لأنها لم تتوقع منهم البقاء، فارتاد الجيل الثاني من أبنائهم مدارس سيئة وبالتالي وظائف متواضعة. وحالياً يخشى أتراك ألمانيا العنصرية المتصاعدة والإسلاموفوبيا، بعدما بدأ نجم حركة (بيجيدا) – الوطنيون الأوربيون المناهضون لأسلمة الغرب – يسطع في بعض المدن الألمانية.
مؤخراً، أزالت ألمانيا بعض الحواجز أمام الحصول على جنسيتها. ففي العام 2000، سمحت للأطفال المولودين على أراضيها بالحصول على الجنسية إن كان أحد الآباء قد بقي في البلاد بطريقة شرعية لمدة 8 أعوام.
كما أزالت عقبة أخرى في 2014 عبر إلغاء حظر إزدواج الجنسية لمواطني الدول غير الأوروبية، بشرط قضاء 8 سنين كذلك على الأراضي الألمانية.
جمهورية الدومينيكان
اعتادت جمهورية الدومينيكان أن تمنح الجنسية للمواليد، ولكن مع تصاعد التوتّرات بعد الهجرة الواسعة من دولة هاييتي المجاورة، قررت الجمهورية إلغاء منح الجنسية للمواليد عن طريق سلسلة من التعديلات القانونية في العام 2004. ثمّ كرست هذه التعديلات في دستور 2010، وفي قرار المحكمة الدستورية عام 2013 المُلزم للحكومة بتطبيقها بأثر رجعي.
ولّدت هذه التغييرات سيلًا من الانتقادات الدولية، كما خلقت أعداداً كبيرةً من عديمي الجنسية وصل تعدادها، حسب بعض منظمات حقوق الإنسان، لأكثر من 200 ألف، منهم 60 ألف طفل. أغلبية هؤلاء من أصل هاييتي، ومن السود، ما يثير الشكّ حول الأبعاد العنصرية لهذه التعديلات القانونية.
كوريو اليابان
عاش مئات الآلاف من الكوريين لعقود بلا حقوق مواطنة في اليابان، بسبب قوانين منح الجنسية الصارمة.
بعد إلحاق كوريا باليابان في العام 1910، انتقل حوالي 2 مليون كوري إلى الجزيرة اليابانية إما بحثًا عن الفرص الإقتصادية، أو جبراً للعمل بالسخرة خلال الحرب العالمية الثانية. وبعد انتهاء الحرب في العام 1945، بقي حوالي 600 ألفًا منهم في اليابان، سواءاً باختيارهم أو بإجبارهم تحت وطأة الظروف الإقتصادية.
رفضت اليابان منح هؤلاء جنسيتها، وعُرف الكوريون باسم “زاينيتشي Zainichi”، وهي تعني باليابانية “المقيمين في اليابان”. خسر هؤلاء حقوقهم الانتخابية، وتمّ تسجيل بصماتهم إجباريًا وحرموا من معظم الوظائف.
لم يحظ المجتمع الكوري بفرصة كبيرة للإندماج، حيث واجه الأبناء نفس الصعاب التي واجهها الآباء، لأن القوانين في اليابان تقضي بمنح الجنسية طبقًا لجنسيات الأب والأم، وليس حسب مكان الولادة.
حاول القليل من الكوريين تطبيع أوضاعهم كمواطنين يابانيين، حيث يتطلب هذا الحصول على أسماء يابانية، والتنازل عن الجنسية الكورية. قاتل الزاينيتشي قتالًأ مريرًا ليندرجوا تحت مظلّة التأمين الصحي الياباني والحصول على حقوق مدنية.
في الثمانينيات والتسعينيات، أعطت اليابان الزاينيتشي حق الإقامة الدائمة، وسحبت بعضًا من إجراءاتها التمييزية، لتتيح لهم بعض الوظائف وتعترف بالمدارس الكورية، وتتيح لهم الحصول على الجنسية مع الإبقاء على أسمائهم الأصلية.
تتزايد أعداد الكوريين الحاصلين على الجنسية اليابانية، رغم أن أكثر من 565 ألف كوري مقيمين في اليابان ما زالوا محرومين من حقوق المواطنة، طبقًا للأرقام الرسمية في العام 2010.
بدون الكويت
أكثر من 100 ألف من سكّان الكويت محرومون من الجنسية، حتّى وإن كان بعضهم مولودًا في الكويت، والأمّ كويتية. ترجع المشكلة في الكويت إلى وقت استقلالها في العام 1961، حين كان بعض المقيمين في البلاد عاجزين عن تسجيل أوراقهم في الحكومة لأنهم لم يعرفوا أنه يتوجب عليهم ذلك، أو لعجزهم عن توفير الأوراق المطلوبة، أو لمشاكل أخرى.
تسمح الكويت للآباء فقط بتمرير الجنسيّة إلى أبنائهم، لذا فحتّى إن كانت الأمّ كويتية لا يحظى ابنها بالجنسية.
بدأت الحكومة في نعت البدون بـ “المقيمين غير الشرعيين” في الثمانينيات، ووضعت القيود على أعمالهم والمزايا الممنوحة لهم. لا تستخرج الحكومة الكويتية لهم أي أوراق رسمية، سواءً شهادات ميلاد أو وثائق زواج أو شهادات وفاة. وهم محرمون من المنح التعليمية والصحّية التي يتمتع بها المواطنون الكويتيون.
وتوصلت الحكومة الكويتية العام الماضي إلى حل محتمل يساعد البدون على حل مشكلتهم – لكن خارج الكويت -، إذ عقدت الحكومة صفقة مع جزر القمر لمنح البدون جوازات سفر بمقابل مادي تدفعه الحكومة. يؤكد المسؤولون أنه ليس هناك مخطط لترحيلهم، لكن إعطاءهم جنسية بلد آخر سيجعل الأمر أسهل بكثير.
(نقلا عن هافينغتون بوست عربي)