صالح الشيحي : غامر بالسؤال لأجلنا!
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
يقول سألت ابن عمي عن أحد أقاربنا.. لم أشاهده منذ زمن.. فقال لي إنه مريض!
يقول بادرته، بعد أن قلقت عليه: “سلامات وش فيه”؟!
فقال : “يركض ورى هالدنيا”!
استوقفتني هذه الحكاية القصيرة المعبّرة.. وجعلتها مطلعا لمقال اليوم..
أمر لا أستطيع فهمه.. والله إنني طرحت هذا السؤال مرات عدة.. ماذا يريد هؤلاء الذين يلهثون ليل نهار وراء الدنيا.. يمتلكون المليارات ويبحثون عن أكثر.. يمتلكون الأراضي ويبحثون عن أكثر.. يملكون القصور والبيوت ويبحثون عن أكثر!
ما الرقم، أو الثروة التي يسعون نحوها.. أمر عجيب.. إطلاقا لا أستطيع الفهم.. رجل تجاوز الثمانين وما يزال يركض خلف الدنيا.. بلغ ثمانين حولا ولم يسأم، وزهير يقول “ومن يبلغ ثمانين حولا لا أبا لك يسأمِ”.. هذا يقترب من التسعين، ولا يعرف شيئا اسمه سأم أو ملل، وبلغة الحساب البسيطة: لو صرف كل يوم عشرة ملايين ريال سيموت دون أن يستهلك ربع ثروته!
ألا يتعظ هذا من عجلة الحياة الطاحنة.. ألا يسأل نفسه أين ذهب أشقاؤه، وأصدقاؤه، وأقرباؤه، الذين كانوا يملكون ثروات طائلة، وأراضي مساحتها مجتمعة مسيرة يومين؟!
نحن لا نحسد أحدا – ذلك فضلٌ الله يؤتيه من يشاء – وليس من حقنا ولا باستطاعتنا توجيه السؤال “من أين لك هذا؟”.. كل ما باستطاعتنا هو توجيه السؤال عن مساهمات هؤلاء في مجتمعنا..
المجتمع ينمو يوما تلو آخر.. وسكانه يزدادون بوتيرة غير موجودة في أي مكان في العالم.. ومشاكله الاقتصادية والتنموية تنمو.. يفترض أن يترك هؤلاء الأثرياء مؤسسات خيرية تحمل أسماءهم، يكون لها دور في حياتهم وبعد مماتهم..
مؤسسات تساهم في علاج الكثير من قضايا المجتمع.. هناك أثرياء رحلوا عن الدنيا وتركوا خلفهم مؤسسات خيرية اجتماعية ما تزال تقدم خدمات جليلة للمجتمع..
إن كنت تعرف أحدا من هؤلاء الأثرياء، وتجرؤ على مصارحته فقل له: أنت رجل تجاوزت الثمانين، وتوشك على الموت، لماذا لا تنشئ مؤسسة خيرية اجتماعية تحمل اسمك بعد موتك؟.. غامر بالسؤال لأجلنا!
صالح الشيحي
نقلا عن “الوطن”