خادم الحرمين: لا غرض لـ “عاصفة الحزم” سوى منع تحويل اليمن إلى “مسرح” للإرهاب
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
الرياض ـ واس:
أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ, أن المملكة العربية السعودية هبت ومن تضامن معها من الدول في “عاصفة الحزم” لتلبية نداء الواجب في إنقاذ اليمن وشعبه الشقيق, من فئة تغولت فيها روح الطائفية فناصبت العداء لحكومة بلدها الشرعية, وعصفت بأمنه واستقراره, وأخذت تلوح بتهديد دول الجوار وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية, بدعم من جهات خارجية, تسعى لتحقيق أطماعها في الهيمنة على المنطقة وزرع الفتن فيها, دون مراعاة لما يربطها بدول هذه المنطقة وشعوبها من أخوة إسلامية, وقوانين وأعراف دولية.
وشدد ـ ايده الله ـ على أنه لم يكن للمملكة وما كان للمملكة من غرض في “عاصفة الحزم”, التي لقيت تأييداً عربياً وإسلامياً ودولياً واسعاً, سوى نصرة اليمن الشقيق, والتصدي لمحاولة تحويله إلى قاعدة تنطلق منها مؤامرة إقليمية, لزعزعة الأمن والاستقرار في دول المنطقة, وتحويلها إلى مسارح للإرهاب والفتن الماحقة والصراع الدامي, على غرار ما طال بعض الدول الأخرى.
جاء ذلك في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ أيده الله ورعاه ـ التي ألقاها نيابة عنه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة, في حفل افتتاح الدورة الـ 22 للمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الاسلامي في مقر الرابطة بمكة المكرمة .
وفيما يلي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لنعمة الإسلام, والصلاة والسلام على رسوله الأمين خير الأنام.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للمملكة, رئيس المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي.
معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي عضو هيئة كبار العلماء, الأمين العام للرابطة.
أصحاب السماحة والفضيلة والسعادة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أرحب بضيوفنا الأفاضل, وأحيي الحضور الكريم, في مهبط الوحي برسالة الإسلام العالمية الخالدة, التي شعارها السلام, وغايتها تخليص الناس من ظلمات الشـرك والأوثان إلى نور التوحيد والإيمان, وتحريرهم من رقة استعباد الإنسان لأخيه الإنسان, إلى خلوص العبودية لله وحده – جل وعلا_, ومن ثم جاءت الرسالة المحمدية رحمة للعالمين, مصداقاً لقوله تعالى: (( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) .
لقد اهتمت المملكة العربية السعودية – أيما اهتمام – بتنظيم الفتوى, وإنشاء مؤسساتها من: المجامع, وهيئات البحوث الشرعية والإفتاء, التي تضم كبار العلماء الثقات الراسخين في العلم, حيث تتبنى هذه المرجعية الجماعية المؤهلة, والتي ينتظم عقد هذا المجمع الفقهي الممثل للعالم الإسلامي في إطارها, دراسة الموضوعات ذات الصلة بالقضايا العامة ومستجدات العصـر, والخلوص إلى الرأي الشرعي الصحيح فيها, لأنها بطبيعتها تتطلب تضافراً في الجهود, لتذليل صعابها, واستيفاء جوانبها, والإحاطة بملابساتها, وتتقلض بذلك دائرة الخلاف في المسألة المعروضة, ويتجلى فيها القول السديد والرأي الشديد الذي يصلح عليه أمر الأمة, طبقاً للفهم الصحيح لمقاصد الشريعة الإسلامية الغراء, التي لم تدع شأناً من
شؤون الدنيا والآخرة إلا فصلت فيه (( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ )) .
وفي هذا الصدد, وصوناً للقول في دين الله تعالى, من تطفل الأدعياء, والتسيب في الإفتاء, وسداً للباب في وجه المتجرئين على هذه المهمة الجليلة, الذين حذر الله منهم بقوله: (( وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ )) ،وقد شددت المملكة فيما صدر من توجيهات سامية, على أهمية قصر الفتوى على أهلها, المشهود لهم بالجدارة: (( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ )).
ذلك أن اجتراء الأدعياء واتخاذهم رؤوساً ومراجع, يدخل على الناس اللبس والتشويش في دينهم, وتختلط لديهم المفاهيم الشرعية, وتنفتح عليهم بذلك أبواب الفتن, ولاسيما في زماننا هذا حيث النفوس الضعيفة, والشُّبه الخطّافة, والمغرضون يترقبون.
وفي هذا من الخطر الداهم على ديننا وأمتنا الإسلامية, ما نشاهد من الفئات التي برزت في بعض أوطان الإسلام, تعيث في الأرض فساداً, وتسعى في الناس إجراماً وإرهاباً, متشحة – زوراً وبهتاناً – بأولوية الجهاد, خلافاً لما شرعه الله غاية الجهاد, بأنه لنشـر الأمان وحماية الأوطان ودفع العدوان, ونصرة المستضعفين.
أيها الإخوة…
ومن الخطر الأعظم الذي يهدد أمتنا الإسلامية أيضاً, توظيف الطائفية المقيتة لتحقيق أطماع سياسية دنيوية, لا علاقة لها بنصرة الدين والأمة, وإنما تستهدف العدوان على الغير والاستحواذ على حقوقه بالاستقواء والمبالغة, على نحو ما شاهدته دولة اليمن مؤخراً.
وفي مواجهة هذا الخطر, وبعد استنفذت كل السبل السليمة لرأب الصدع في اليمن الشقيق, وإيقاف العدوان على شرعية الدولة, وإعمالاً لقول الحق تبارك وتعالى: (( فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ )) .
هبت المملكة العربية السعودية – ومن تضامن معها من الدول في عاصفة الحزم – لتلبية نداء الواجب في إنقاذ اليمن وشعبه الشقيق, من فئة تغولت فيها روح الطائفية فناصبت العداء لحكومة بلدها الشرعية, وعصف بأمنه واستقراره, وأخذت تلوح بتهديد دول الجوار وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية, بدعم من جهات خارجية, تسعى لتحقيق أطماعها في الهيمنة لى المنطقة وزرع الفتن فيها, دون مراعاة لما يربطها بدول هذه المنطقة وشعوبها من أخوة إسلامية, وقوانين وأعراف دولية.
وازداد استقواء هذه الفئة بتآمر جهات يمنية داخلية, نقضت ما سبق أن عاهدت عليه, من الالتزام بمقتضيات المبادرة الخليجية, التي كان فيها المخرج لهذا البلد الشقيق, من حالة الانسداد ودوامة الصراع الذي كان يمزقه.
ومـا كـان للمملكة مـن غرض في عاصفة الحزم – التي لقيت تأييداً عربياً وإسلامياً ودولياً واسعاً – سوى نصرة اليمن الشقيق, والتصدي لمحاولة تحويله إلى قاعدة تنطلق منها مؤامرة إقليمية, لزعزعة الأمن والاستقرار في دول المنطقة, وتحويلها إلى مسارح للإرهاب والفتن الماحقة والصـراع الدامي, على غرار ما طال بعض الدول الأخرى.
وهذه المحاولة المقيتة في اليمن, وإن كنا على ثقة تامة – بحول الله ونصرته للحق – بأنها لن تبلغ شيئاً من أهدافها, أمام صرامة دولنا ويقظة شعوبنا, إلا أن الخطورة التي تكمن في دوافعها والجهات التي تقف وراءها, تستوجب عدم السكوت عليها أو التساهل في مواجهتها.
لذلك فإن من المأمول من علماء الأمة الإسلامية – في هذه المجمع الموقع وغيره – أن يكثفوا جهودهم للتوعية بخطر هذه الفئات الضالة, وأهدافها التآمرية على الأمة, ويشددوا في التحذير من بذور الشر والفساد, التي تفتك بالأوطان الإسلامية من داخلها.
أيها الإخوة..
إن المملكة العربية السعودية تتابع – باهتمام وتقدير – مناشط رابطة العالم الإسلاميى, في خدمة الإسلام والدفاع عن قضاياه ووحدة صف المسلمين, والأمل معقود على الرابطة – ومن يتعاون معها من المخلصين لدينهم وأمتهم – في المزيد من التنسيق والتعاون المثمر, مع الهيئات والمؤسسات الإسلامية الأخرى, لوضع إطار عام للعمل الإسلامي المشترك, يحذر المسلمين من مواطن الشبهات, ويرشد الشباب – خاصة – إلى المنهاج القويم, الذي جات به الشريعة الإسلامية الغراء, وينقذهم من مخاطر الانزلاق وراء الأفكار والدعوات المنحرفة.
أسأل الله تعالى أن يوفقكم لما فيه الخير لديننا وأمتنا, وأن يجمع كلمة المسلمين على الهدى والتقوي: (( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ
وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ )).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكان الحفل الخطابي المعد بهذه المناسبة قد بدأ بالقرآن الكريم ثم ألقى الأمين العام للمجمع الفقهي الدكتور صالح بن زابن المرزوقي, كلمة أكد فيها أن رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ, وافتتاح صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة, لأعمال الدورة الـ 22 للمجمع الفقهي الإسلامي نيابةً عنه – حفظه الله -, لهو شاهد من شواهد الدعم المادي والأدبي المستمر والمتجدد للهيئات الإسلامية ومجامعها, ودور العلم ومعاهده؛ خدمةً للعلم والعلماء ورعايةً لشؤون المسلمين, وهذه واحدةٌ من مكارمه الكثيرة, فخالص الشكر ومحمود الثناء لخادم الحرمين الشريفين, على هذه الجهود المباركة .
وقال الدكتور المرزوقي: إننا في هذه الأيام نواجه مشكلة كبيرة تتمثل في اعتداء جماعة الحوثي ومن ساندهم من داخل اليمن, وخارجه على سلطة البلاد الشـرعية وقتل الأبرياء واحتلال المدن, ومحاولة الاستيلاء على السلطة وغير ذلك من الأعمال الشنيعة, مما أوصل البلاد إلى حالة متردية.
وطالب الأمين العام للمجمع الفقهي العلماء بتدارس وإيضاح آثار هذه القضية على مستقبل الأمة, فهي بحاجة إلى حكمة العلماء, لأنها ليست من القضايا السهلة,وأن يقيموا الشهادة لله, ولا يخشون في الله لومة لائم, مؤكداً أن كلمة العلماء هي حكم ينبغي أن يسمعه كافة المسلمين, مشيراً إلى أن الأمة الإسلامية تتطلعُ إلى ما يتمخضُ عنه اجتماعُ هذه الدورة من نتائج إيجابيةٍ, تنير لها طريقها, وتُعينُها على إيجاد الحلول لمشكلاتها.
وبين أن المجمع نظم فيما سبق إحدى وعشرين دورة من دوراته, صدر عنها أكثر من مائة وسبعة وعشرين قراراً وبياناً, ترجمت إلى عدد من اللغات الأجنبية, كما عقد عدداً من المؤتمرات والندوات, مشيراٍ إلى أن المجمع أقام بين دورته الحادية والعشرين والثانية والعشرين التي تفتتح أعمالها اليوم, بعض الأعمال التي تصب في تحقيق أهدافه, ومنها مصادقة المجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي على انضمام أربعة أعضاء جدد من صفوة علماء الأمة الإسلامية إلى مجلس المجمع الفقهي وطباعة ونشر كثير من أعماله وبحوثه.
كما قام المجمع بتنظيم ندوة الحضانة في ضوء مستجدات العصـر بالتعاون مع كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى و سيقوم – إن شاء الله – بعقد مؤتمرين أحدهما (المؤتمر العالمي للفتوى وضوابطها تعريفٌ وتوجيه) في بلجيكا, وثانيهما (الانحرافات الفكرية بين حرية التعبير ومحكمات الشريعة).
وأشار الدكتور المرزوقي إلى أن جدولُ أعمال هذه الدورة يحظى بموضوعات متعددة منها ما له علاقة بالعبادات والأموال, ومنها قضايا طبية واجتماعية وفلكية وغير ذلك ،مبينًا أن المجمع الفقهي الإسلامي بمجلسه الذي يضم كبار علماءِ العالم الإسلامي وفقهائه وبلجانه ومستشاريه يبذلُ جهده في تلمس حاجاتِ الأمةِ و بذل الجهدِ في النظر والتروي في الموضوعات وصولاً إلى الحكم الصائبِ والرأي السديد الذي تطمئن إليه النفوس وتغتبط به القلوب؛ ولهذا فإن قرارات المجمع وبياناته – ولله الحمد – هي موضع القبول والاطمئنان من المسلمين شرقاً وغرباً.
إثر ذلك ألقيت كلمة ضيوف الدورة ألقاها نيابة عنهم فضيلة الشيخ نصر فريد محمد واصل, أعرب فيها عن شكره وتقديره لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود, وعلى الدور الذي تقوم به المملكة العربية السعودية في المنطقة من أجل إرساء الأمن والاستقرار وإعادة الشرعية, مؤكداً حرص خادم الحرمين الشريفين على حقن الدماء المسلمة وتلمس احتياجات الإقليات المسلمة في أرجاء المعمورة كافة.
وقال : إننا نجتمع اليوم في مكة المكرمة لنتلمس احتياجات المسلمين الفقهية ونناقش ما أشكل عليهم من قضايا تلامس حياتهم اليومية في التعويض عن الضرر الأدبي أو المادي الناتج عن الجناية أو الشكوى الكيدية ، والبيع والتاجير بالسعر المتغير وقضايا الإحرام وأحكام المطلقة وغيرها من أجل الوصول إلى حكم شرعي يفيد الأمة الإسلامية التي تجد في هذا الدين الحنيف ما لم تجده في غيره من الأحكام الوضعية .
ثم ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي, كلمة عبر فيها عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ, وقادة دول التحالف على قرار عاصفة الحزم، ذلك أن الحرص على القيام بهذه المهمة قيام بما يوجبه الإسلام ويؤكده حق الجوار، من نصرة المظلوم ودفع البغي والعدوان عنه، بعدما تغول الباغي وتعنت ولم يستجب لنداء الحكمة ولما جرى من حوار ونداءات ومبادرات.
وأشاد التركي بجهود خادم الحرمين الشريفين, وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد، فيما يخدم الإسلام والمسلمين، ويحقق للأمة الأمن والاستقرار، ويبعدها عن الفرقة والنزاع.
وأوضح أن حال الأمة المسلمة اليوم يتسم باشتداد المحن عليها، وتوالي الفتن المؤرقة لها وفي هذه الظروف تشتد الحاجة إلى ورثة الأنبياء، وتتضاعف مسؤوليتهم في نصيحة الناس وإرشادهم إلى ما ينبغي أن يركزوا عليه من الأعمال، ويُولُوه الأولوية في الاهتمام، ويحفز الهمم ويعزز لديهم الأمل، ويثبتهم حتى لا يتطرق إليهم اليأس ويستحوذ عليهم الاستسلام للواقع المرير ويذكرهم بأن الإيمان إذا صح أثمر التفاؤل بالخير، والاستبشار بحسن العواقب إذا خلصت النيات وصلحت الأعمال وزكت النفوس.
وبين الدكتور التركي أن المسؤولية المنوطة بالعلماء تجاه الإسلام والمسلمين تتركز في التعريف بالحقائق والمفاهيم الأساسية التي يقوم عليها الدين، وتنتشر بها دعوته وتتأدى رسالته، وحماية هذه الحقائق والمفاهيم من ملوثات الغزو الفكري ومن التحريف الناتج عن الجهل أو الغلو والتنطع والحيدة عن منهاج الوسطية والاعتدال، لافتًا إلى أن “بلاغ مكة” الصادر عن المؤتمر الإسلامي العالمي “الإسلام ومحاربة الإرهاب” الذي عقدته الرابطة أوائل شهر جمادى الأولى الماضي قد أكد على ذلك في رسالته إلى العلماء، والذي حثهم فيه على الحفاظ على هوية الأمة وتعاهدها بالتوعية والتفقيه في الدين، وإعطاء القدوة الصالحة من أنفسهم، والقيام بواجب النصح والإرشاد للأمة وقادتها بالحكمة، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، ومحاربة الشبهات المضللة والدعوات المغرضة، وذلك بنشر العلم الصحيح المنبثق من أصول الإسلام، وفق هدي سلف الأمة وأئمة الإسلام، والاجتماع على الكليات الثابتة المتفق عليها، والتعاون في مواردها والتحلي بأدب الخلاف، والتحذير من التكفير والتفسيق والتبديع، في موارد الاجتهاد، صوناً لمصالح الأمة العليا وتعزيز التنسيق بين المؤسسات الشرعية في الفتوى، والتصدي للنوازل العامة بالفتوى الجماعية، والتحذير من الفتاوى الشاذة وتقوية التواصل مع الشباب، وتوسيع آفاق الحوار معهم، والسعي في تعزيز نهج الوسطية لديهم.
وأكد أن رابطة العالم الإسلامي انطلاقاً من رسالة الإسلام والأهداف التي أنشئت من أجلها تحرص على استتباب الأمن والاستقرار في أوطان المسلمين، بوصفه ضرورة من ضرورات الحياة، كالغذاء والهواء، وإسهاماً منها بما تستطيع من النصح والتوجيه لعموم الأمة، في تجنيب المزيد من الانزلاق إلى الفتن والنزاعات, مبيناً أن الرابطة قامت عبر مكاتبها ومراكزها وممثليها، وما أصدرته من بيانات وعقدته من مؤتمرات، بتحذير المسلمين من الطائفية ومَن وراءها، إقليمياً وعالمياً، وضرورة وقوف المسلمين صفاً واحداً في وجهها، والوقوف مع المملكة العربية السعودية، بلاد الحرمين الشريفين وخادمتهما، ومنطلق رسالة الإسلام والمطبقة لشريعته، وأن المساس بأمنها مساس بالإسلام والمسلمين وقبلتهم .
وأبان أن الرابطة تعتز من خلال علاقاتها الواسعة مع الشعوب والأقليات المسلمة ما لمسته من تأييد شعبي إسلامي كبير لـ “عاصفة الحزم” بقيادة المملكة العربية السعودية، استجابةً لمناشدة الشعب اليمني ورئيسه الشرعي، بحماية وحدة البلاد واستقرارها واسترداد الشرعية التي سطا عليها الحوثيون، ومرَدَوا على البغي والعدوان على الشعب ومؤسسات الدولة وكشفوا مما لوحوا به من تهديد دول الجوار، عن مهمتهم الحقيقية في تنفيذ أجندة من يدعمهم بالأموال والأسلحة والدعاية، في زرع الطائفية في المنطقة كلها، وتحويلها بذلك إلى مسرح للصراع المحتدم بين المسلمين.
عقب ذلك ألقى سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ،كلمة أكد فيها أن من نعم الله على هذه الأمة وجود فئة من المسلمين تخدم الدين وهم العلماء منوهًا بالدور الذي يقوم به المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي
وقال سماحته ” إن الفقه الجماعي ادعى للقبول والصواب في اجتماع الأمة تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي على اختلاف مناهجهم وثقافاتهم من أجل التقارب وتقريب الخلاف واتحاد الصف ،مبينًا أن المملكة قد أسست هذه المجامع لخدمة المسلمين في دول العالم كافة.
وأضاف” إن الفقه الحقيقي هو الفقه عن الله في مراده وإتباع أوامره واجتناب نواهيه وتوحيد الله وأن يعلم المسلم أنه قد خلق لعبادته “.
وشدد سماحة مفتي عام المملكة، على أن قضية اليمن ليست قضية عربية بل هي إسلامية لأنها أقيمت لإضعاف الأمة وإشغالها عن واجباتها، مؤكدًا أن ما قامت به المملكة من عمل هو من أجل إعادة الأمن والاستقرار والحفاظ على أرواح الأخوة اليمنيين، كما جاءت عاصفة الحزم لردع عدوان المعتدين وظلم الظالمين وكل المسلمين يؤيدون ذلك ويرون أن هذا موقف إسلامي شجاع جاء في وقته .