بوصلة سياسية.. وقيادة شابة!
تسمر السعوديون أمام شاشات التلفزة المحلية أمس (الأربعاء) لمتابعة الأوامر الملكية التي أُعلن أنها ستبث «بعد قليل». تسربت بعض الأنباء والأخبار، لكن الناس ظلوا يترقبون أمام الشاشات لسماع الأخبار من مصادرها الرسمية، فجاءت بما يؤكد أن السياسة السعودية مبادرة وقوية وترسم الخطوط العريضة لمستقبل الأجيال.
الحراك السعودي الداخلي والخارجي لا يهدأ، والقرارات مهمة وجريئة، وتُؤسس لمستقبل المملكة، وتضع أولويات البلاد في المقدمة في ظل ظروف المنطقة الساخنة والمضطربة، كما أنها تحمل في مضامينها رسم الاستراتيجية السياسية السعودية المستقبلية، بما يحقق المزيد من الإنجازات، ويثبّت أركان الحكم في ظل وجود قيادة شابة متسلحة بخبرات عدة في المجالات السياسية والأمنية والدفاعية، وذات علاقات واسعة ومعرفة واطلاع بمجتمعها ومحيطها، بما يعزّز مكانة المملكة إقليمياً ودولياً، ويواصل مسيرة التطوير والتحديث والبناء والنماء.
لم تمر مئة يوم حتى الآن على تولي خادم الحرمين الحكم، إلا أن القرارات حازمة، والقيادة شابة، والنجاحات عدة، والبوصلة السياسية صوب الرياض.
مر انتقال الحكم في الممكة منذ تأسيسها بسلاسة ومرونة، ولم تشهد عملية اختيار الملك أو ولي العهد (النائب الأول) أو ولي ولي العهد (النائب الثاني) أية إشكالات، ولم يسجل التاريخ السعودي أي فراغ سياسي أو دستوري، بما يؤكد أن مسألة الحكم داخل الأسرة الحاكمة محسومة وفق الاتفاق والتصويت داخل بيت الأسرة وهيئة البيعة.
لقد أشاد العالم أجمع بعملية انتقال السلطة إلى الملك سلمان بعد رحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، نظراً لما شكّلته من صورة نموذجية لثبات الحكم وسلاسة انتقاله، وما عكسته من استقرار البيت السعودي، فباتت محل تقدير الداخل والخارج.
ومرة أخرى تثبت المملكة ذلك، بعد أن كان ولي العهد السابق الأمير مقرن في صدارة مبايعي الأميرين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان.
لا شك في أن اختيار الأميرين محمد بن نايف ولياً للعهد ومحمد بن سلمان ولياً لولي العهد يؤكد رغبة الملك سلمان في ترتيب سلم الأولويات، وهو ما بدأه قبل مئة يوم بترتيب الحكم في ساعات، وتشكيل حكومته في 72 ساعة، ما يدلل على سلك حكومته طرق التغيير السريع، بما يحقق مصلحة الوطن وخدمة المواطن، وبما يحقق نقلة نوعية في الأداء واستيعاب مستجدات العصر.
الأمير مقرن طلب الإعفاء بناء على رغبته في إتاحة الفرصة لجيل الشباب، وكذلك فعل الأمير سعود الفيصل، وهو ما يؤكد ثقتهما بالخلف من الشباب في مرحلة مضطربة تموج بها المنطقة.
الأوامر الملكية الجديدة جاءت تأكيداً لفلسفة الملك سلمان في الإدارة، وترسية قواعد الحكم داخل البيت السعودي كقيمة أولية، مع الحرص على المسؤولية، والسعي لبناء دولة فتية قوية قادرة على عبور التهديدات والتحديات، وصناعة القرار في محيطها ومنطقتها، مع القدرة على التأثير في الأسرة الدولية. في الفترة الأخيرة، مرت البلاد بمنعطفات دقيقة جداً، وأثبت قادتها ورجالها أنها دولة قوية قادرة على تجاوز التحديات والتهديدات والرد على الخصوم وإثبات أنها مملكة الخير والاستقرار، إذ تمكّن الملك سلمان في أقل من 100 يوم من تغيير المعادلات والتوازنات في المنطقة، عبر قيادة بلاده لتحالف دولي لإنقاذ اليمن من براثن الحوثي وميليشيات صالح، مشيراً بكل حزم ومن دون مواربة إلى ضرورة وقف التدخلات الإيرانية في الدول العربية، وتعزيز العلاقات الخليجية – الخليجية، وإعادة الهيبة العربية في ظل غيبة بعض الدول الرئيسة عن ميزان القوى الراهن، هذا فضلاً عن تمكنه من مواجهة المتمردين والإرهابيين، وقبض بلاده على قائمة طويلة من المنتمين لـ«داعش».
الأكيد أن الملك سلمان رجل دولة منذ أن كان في سن شابة، وهو يملك خبرة عريضة كرّسها لخدمة المواطن السعودي، عبر إصداره قرارات مهمة ركّزت على بنية حكم قوية وصلبة، اعتماداً على قيادة شابة متسلحة بخبرات عدة، ما جعل من الرياض عاصمة للقرار العربي، وبوصلة سياسية لا يتوقف مؤشرها.
جميل الذيابي