إعلامنا .. بعد «عاصفة الحزم»
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
في كل مجلس يدور الحديث عن (عاصفة الحزم) التي انطلقت من (عاصمة العزم)، ولا يخلو الحديث من تأكيد على دور الإعلام في هذه المعركة التي شكلت فاصلا مهما بين الصبر (الذي ليس له حدود) وبين العزة والكرامة ليس لبلادنا أو لدول الخليج العربي فقط وإنما للأمتين العربية والإسلامية التي شاركت معظم دولها في تحالف لم تستأذن فيه الدول التي تعتقد بأن لا أحد يستطيع أن يفعل شيئا دون أخذ الإذن مسبقا منها .. وبعد هذه المرحلة الفاصلة يؤمل الجميع أن ينتقل إعلامنا من مرحلة المراهقة التي عاشها في الفترة الماضية حتى أصبح همه البحث عن الإثارة على حساب الموضوعية وتضخيم السلبيات والتغاضي عن الإيجابيات .. وكأن بلادنا من دون بلاد العالم هي من تكثر فيها الأخطاء والتقصير والنقص في جميع المجالات حتى الشأن الاجتماعي مثل قضايا الطلاق والخلافات العائلية والمخدرات تطرح عبر القنوات التي يعرفها الجميع، التي تهدف إلى الإثارة أكثر من علاج المشكلة، ولم يدافع إعلامنا عن مجتمعنا بكلمة حق بأن هذه المظاهر السلبية موجودة في كل بلاد الدنيا وأن جهات الاختصاص لدينا تعمل على معالجتها بطرق علمية لا تخدمها الإثارة الإعلامية .. ولعل أخطر ما مارسه الإعلام المراهق (وحينما أذكر الإعلام فإنه لا يعني وسيلة معينة وإنما يشمل جميع الوسائل إضافة إلى الكُتاب وهم رقم مهم في المعادلة)، أقول إن أخطر ما حصل في المرحلة الماضية هو تهديد الوحدة الوطنية بتقسيم المجتمع إلى فئات ومسميات والتشجيع على إيجاد حالة من الاحتراب بين هذه الفئات ..
وأصبح لكل فئة كتابها وإعلاميوها الذين يغذون نار الفتنة بما يكتبون ويغردون؛ مع أن (التغريد) لا ينطبق على ما يطلقونه من نعيق يدعو إلى الفرقة والتصادم والخصام، ومن المؤسف أن الإعلام خاصة الصحافة قد احتفت بهؤلاء على حساب الكتاب الذين يتصفون بالإيجابية والتوازن والاعتدال .. وقدمت لهم أفضل المواقع لمقالاتهم في صفحات الجريدة وكذلك أعلى المرتبات والأجور .. وحينما دقت الحرب طبولها اختفى هؤلاء المرجفون وثبت الذين يدعون دائما إلى تقوية الوحدة الوطنية بين فئات المجتمع كافة .. أهل الاعتدال والوسطية .. مما يبشر بمرحلة نتخلص فيها من المراهقة الإعلامية ونبدأ صفحة جديدة تسود فيها الإيجابية مع ذكر السلبيات بالنقد البناء وليس التجريح والإثارة والمهاترات الشخصية .. وهنا يبلغ إعلامنا مرحلة الرشد والعقلانية.
وأخيرا: لا بد من وضع استراتيجية جديدة لإعلامنا على أن تجاز من المجلسين الأمني والسياسي ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بحيث تغطي الاستراتيجية الإعلامية جميع الجوانب المهمة خاصة ما يتعلق بأمن المجتمع والوحدة الوطنية .. كما يقترح وبشكل عاجل تدريب كوادر وطنية تعرف أولا كيف تسأل في المؤتمرات الصحافية حتى يختفي هذا الضعف الملاحظ أخيرا في بعض مراسلي وسائل الإعلام خاصة في المجال العسكري الذي يمكن لشخص مؤهل وقادر مثل العميد أحمد عسيري بتأهيله وشخصيته أن يدرب أفضل المراسلين العسكريين على طرح السؤال الصحيح كي يتلقى الجواب الواضح والصحيح أيضا.
على الشدي
نقلا عن “الاقتصادية”