معجزات.. الحضور
نحتاج إلى تعدد رؤية طبيعة ما كان عليه ماضينا..
حاضرنا بعيد تماماً.. تماماً عما كان عليه هذا الحاضر.
أنت لا تستعيد عبر ما تمتلئ به الذاكرة مما كان عليه واقع ذلك الماضي قبل حاضرك.
جيل الآباء لكبار السن اليوم.. هو ابن ذلك التاريخ البعيد، حيث يتعذر وجود ما كان يعني حقائق كل الماضي العربي..
عصر آبائنا نحن آباء الحاضر كان بعيد تماماً عن واقع التطور الذي كانت تعيشه المدن العربية سواء كانت مستقلة وهذا نادر، أو مستعمرة وهذا يعني وجود الفهم الواعي لطبيعة ما هو موجود لدى الغرب من تطور.. تطور تواجد ثم اختفى بعد سنوات، حيث لم يستطع الواقع العربي أن يُوجد طبيعة تطور خاصة.. وأن يستفيد بوعي وواقعية مما أتى له من قبل الآخرين..
بغض النظر.. ما كان عليه أي آخرين.. فهم دون شك عاشوا تقدماً حضارياً لم نكن نعرفه وإمكانيات قدرات لم نكن نملكها..
الملك عبدالعزيز -رحمه الله- لم تكن مهمته أنه استطاع أن يحكم سكان قرية أو أفراد بداوة، ولكنه في الواقع قام بإيجاد معجزات لم يكن من السهل تنفيذها.. معجزات قادت أولاً إلى التقارب بين السكان الذين كانت علاقة الخصومات بينهم أكثر مما هو مطلوب من أمن واستقرار، ثم قادت إلى الاتصال بالعالم الخارجي.. أي عالم.. كي تصل المعرفة وواقعية القدرات..
لاشك أنه -رحمه الله- كان رجل معجزات أوجد حضور دولة لما يمكن أن يسمى أكبر مساحة في العالم العربي، عاشوا ما عرف ب«فروسية الخلافات» ثم أصبحوا رجال فروسية التقارب والتفاهم..
طبعاً توالت أحداث هامة بعده وبجزالة ابتعاد عن كل مؤثرات خارج الحدود توجهاً نحو فرض مثالية واقع قدم للعالم فيما بعد.. فيما بعد عشرات السنين كيف تحقق تميزاً خاصاً لم يتوالى فيه الحكم بتوالي قسوة العقوبات، وإنما بحقائق مصداقية المفاهيم التي دعت الكل نحو ما تحقق بعد ذلك من تميز لم تعشه أي دولة أخرى.. القدرة وحقائق جزالة الحضور محلياً وعالمياً لا تتوفر بالادعاء أو فروسية الخصومات، وإنما بتعدد قدرات الاقتصاد وتعدد تقارب مفاهيم الولاء في إطار خصوصيات الامتياز..
تركي السديري
نقلاً عن “الرياض”