الشدي ينتقد أمانة مجلس التعاون الخليجي

تظل تجربة قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981، من أنجح وأفضل التجارب التي راهن البعض على استمرارها وقوتها، لأنها جاءت تجسيداً لواقع تاريخي واجتماعي يجمع بين هذه الدول بروابط دينية وثقافية وأسرية قوية.. وقد نص النظام الأساسي لمجلس التعاون على تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع المجالات وصولا إلى وحدتها، وهو ما دعت بلادنا إلى سرعة تحقيقه استشعاراً منها بالتحديات المحيطة بدول المنظومة، التي تزداد يوماً بعد يوم.. وفي الأيام الماضية شهدت الرياض جملة من اللقاءات والزيارات بين زعماء دول الخليج العربية، ما يعني أن القيادة الخليجية عازمة على تقوية دوريها الإقليمي والدولي لمواجهة تحديات المرحلة المهمة من تاريخها.. وكي يتحقق ذلك لا بد أن تكون الأمانة العامة لمجلس التعاون على مستوى تحديات المرحلة.. وهذا يتطلب إعادة هيكلة جهاز الأمانة واختيار مسؤوليها على أساس الكفاءة بعيداً عن المحاصصة، التي تؤثر كثيراً في أداء جميع المنظمات العربية وعلى رأسها الجامعة العربية التي لا يقارن دورها بالأمانة العامة للاتحاد الأوروبي الحاضرة في أي قضية عربية.. ولقد سارت على منهج الجامعة العربية الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، فاكتفت بأن تكون في المقعد الخلفي حتى في قضايا المنطقة.. وعلى المستوى الخليجي فإن الأمانة العامة تعد الحاضر الغائب، فهي في الرياض (عاصمة دولة المقر) حاضرة بمبنى جميل في موقع مميز، لكنها غائبة عن المجتمع فلا ندوات أو محاضرات أو لقاءات مع المثقفين والإعلاميين والكتاب لإطلاعهم على تفاصيل سياسات ومواقف منظومة مجلس التعاون من مختلف القضايا الإقليمية والدولية.. كما فعل الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي حينما عقد أكثر من اجتماع مع مجموعة من كتاب الرأي، وتحدث لهم بصراحة ووضوح حول موقف السعودية حيال مختلف القضايا.. ونحن نريد من أمين عام مجلس التعاون أن يتحدث عن الموقف الخليجي من القضايا التي تحيط بالمنطقة ولنأخذ مشكلة اليمن، التي تعد المبادرة الخليجية أهم الحلول المقدمة لها.. ولكننا لا نسمع عن هذه المبادرة إلا من خلال تصريحات عامة لمبعوث الأمم المتحدة لليمن، بينما الدور الخليجي في متابعة هذه المبادرة ولا حتى تفاصيلها لا يعلم عنه الكتاب والمحللون السياسيون في دول الخليج، ولذا تأتي أطروحاتهم التلفزيونية ومقالاتهم ضرباً من التوقع والاحتمالات نتيجة غياب المعلومة الصحيحة من مصادرها؛ التي تأتي أمانة مجلس التعاون على رأسها.

وأخيراً: ليس القصد من هذا المقال النقد لمجرد النقد، وإنما نريد من الأمانة العامة لمجلس التعاون أن تكون حاضرة في جميع المجالات كما كانت عند تأسيسها.. نريد من أمانة مجلس التعاون بالمساعدين العشرة للأمين العام أن تكون شعلة نشاط وخلية عمل.. تواكب الأحداث ولا تكتفي بنشاط ثقافي أو اقتصادي عادي يمكن أن تتولاه أي جهة حكومية أخرى ومع ذلك يقام كل عامين.. ويكتب في تقرير الأمانة بعد نهاية العام (لم يتم تنفيذه حتى الآن)، وتمر الأزمات الاقتصادية وانخفاض أسعار النفط دون أن تعقد أمانة التعاون لمنظومة دول تعتمد على النفط كمصدر رئيس لدخلها أي ندوة أو حوار حول هذا الموضوع الحيوي المهم وانعكاساته على حياة سكان هذه الدول.

علي الشدي
(الإقتصادية)