داعش كانت هنا قبل أن تكون هناك..!

في البدء كانت» داعشُ» سؤالاً قَلِقاً منحبساً بين شفاهٍ تتظاهرُ بـ: «المضمضةً» وتُضمرُ: «التّفل» إذ كان لسانُها بلُعاب»الغلوِّ» رطباً يشي بأنّ نسلاً من ضئض «ذي الخويصرة» كان مخبوءاً تحت سقف لهواتِها.. وإذ ذاك فقد كانت الحناجرُ كلّها حُبْلى بالسفهاء مِمّن يصنعهم (الوهم) وهذا الأخير هو من جعلهم يتحمّلون الحياة على النّحو الذي أراده لهم أربابُ «الرايات السوداء» أن يعيشوها! ومَن لم يُنصت لـ: «الوهم» فلن يكون خارجياً بالمرّة ذلك أنّه فكرٌ يتغذى بـ:»الوهم» وإلى مسوّداتِ فقهياته ينتمي.! وحيثما نُحيَ: «العقل» في مكانٍ قصيٍّ فإنّ نبْتاً «داعشيّاً» كرؤوس الشياطين سينبتُ بدُهن «الوهم» على ما تحت أقدامنَا من القيعان والسّبخات هنا وبالجوار أيضاً.!

كانَ: «الماضي» هو: «مستقبلهم» ولا زال تقديس «الرجال» يأسُرهم فكانوا لهم عبيداً، وعصمةُ «التاريخ» هي الأخرى جعلوا منها تأصيلاً يديرون على رحاها فقههم، فيما التأليه لبشريّة: «النصوص» قد استبدلوها بالقرآن/وبالسنة.. وهذه الثلاثة (التقديس والعصمة والتأليه) هي أركان (إيمانهم) إذ يعقدون عليها ولاءهم/ وبراءهم منذ أن أرادوها بديلاً عن: «الكتاب» الذي أرّقتهم: «مُحكماته/ وبيّناته» وانشغلوا بالتالي بـ:»السيف» عن هدي نبيٍّ أُرسل رحمةً للعالمين.. يقيناً أنّهم قد ولدوا بـ: «قلوبٍ» ولكن أيّ قِوىً تلك التي قد تمكّنت مِن أن تستأصل منها الرحمة/ وتنتشل منها الرأفة؟!

إنّ قصة: «الجهاد» وأُطروحة المُثُل لا تستقيم لها قائمة دون دروسٍ تُؤسّس لاستشرافه- من غير اكتراثٍ بالتوافر على شرائطه – فدَرَسوا: «الحربَ» ودرّسوه واشتغلوا أثنائها بتمجيد: «أهله» واختزلوا الدينَ فيه ولم يشكّوا لحظةً واحدةً في صوابيّة فعلهم وآمنوا بأثرِ خيّريّة ما يفعلون وباتوا مغيّبين عن حقيقةٍ مؤدّاها: أنّ الدم – وتاريخه – ليس من شأنه أن يؤسس: «خلافة» على منهاجٍ نبوةٍ ترى في قتلِ: «عصفور» دون حاجةٍ تُعدّ جريمة لا تُغتفر دنياً ولا آخرة. وفي السنةِ: «ما من إنسان يقتل عصفورًا فما فوقها بغير حقها إلا يسأله الله عنها. قيل: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: أن يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها ويرمي بها».

وفي الحديث الآخر: «من قتل عصفورًا عبثًا عَجَّ إلى الله يوم القيامة، يقول: يا رب، إن فلانًا قتلني عبثًا ولم يقتلني منفعة».
وبالجملةِ: كان يجب علينا ألا نمضي بعيداً ونحن ننبّش عن سؤالات: «كيف ولدت داعش» فيما: «القابلة» بين ظهرانينا ومن آيةِ ذلك: أنّ فينا من لم يزل بعد يزعم بأنّه يسعى جاهداً في تجفيف منابع: «داعش» في حين دأبنا على أن نقيم أعراساً لمن: «قُتل بسوريا» تمجيداً للشهادة.!؟
كيف ذلك؟ لا أدري.!

خالد السيف

نقلا عن “مكة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *