مصر.. وقطر.. وحكمة الرجل الكبير..
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
دول المجلس مع مصر ليست علاقتهما طارئة تُبنى على الانفعالات والمواقف المستجدة، بل هي تلازم وجود، وهذا ما أثبتته أحداث كثيرة، حظر النفط ودوره عام ١٩٧٣م، وغزو الكويت، ثم حالات انفجار الجنون في دول عربية متعددة اتجهت إلى تقسيم الوطن إلى كيانات ليس لها مدلول قانوني ولا سند اقتصادي وجغرافي، وإعادة رسم خرائط امتزجت فيها رغبة دول إقليمية تركيا، إيران، إسرائيل، مع أطراف دولية متعددة، سهل لها تمرير التقسيم البيئة المساعدة، سواء من التنظيمات التي لا تعرف لها وجهاً أو ظلاً، أو أخرى ذهبت ضحية الهجرة القسرية بمنافي الدول المجاورة أو خارجها..
مبادرة الملك عبدالله بمصالحة مصر مع قطر تأتي من خلال شعور إنسان وقائد مسؤول عن هذه المرحلة الزمنية المعقدة، مدركاً أنه يجب أن تتلاقى الإرادات وتصفّى الأجواء ويسود مبدأ العقل والمصلحة العربية العامة، لأننا بنفس القارب، وتبقى مصر قوة العرب مع دول مجلس التعاون في ردم الهوات الهائلة في اليمن وسورية والعراق وليبيا وغيرها، وهي مرحلة أخطر من الحروب والأزمات السياسية السابقة والتي أبقت على وجود الدولة، لكننا نعيش مواجهات لابد أن تضعنا أمام المسؤوليات الكبيرة في تحقيق أي معدل من التوافق والتضامن..
قطر ليست خارج الحضن الخليجي، وتدرك أن الخلافات مهما صغرت أو تكاثرت، فهي في النهاية في مصلحة غيرنا، وتجارب السنوات القريبة الماضية، كشفت عن أن تراكم الأخطاء أعاد العرب إلى النقطة الحرجة والصعبة، ولذلك لابد من قراءة الواقع وتحليله بشكل كلي لا جزئي، وقد كانت مصر أيام الإخوان ثم ثورة الشعب عليهم في خط المواجهة الأكثر من أي عهد مضى وكان لوقفة دول الخليج العربي أهمية هائلة فاجأت العالم ومن يمررون قرارات وضعِها في دائرة الأزمات العاصفة أسوة بما جرى في دول عربية أخرى، والمسألة لم تنته فالمواجهة قائمة واتخاذ القرارات التي تخدم مصالح هذه الدول وتجنبها الزوابع ليس خياراً آنياً، أو مؤجلاً إذا ما أدركنا أن المفاجآت أصبحت أكبر من التوقعات..
فمصر تواجه ظروف الداخل في تثبيت الأمن وعودة الاقتصاد إلى النمو والتغلب على المشكلات الأخرى، فيما تأتي أهمية استقرار ليبيا ومحيطها وأزمة مياه النيل مع أثيوبيا بنفس القدر من التحديات، ونفس الأمر مع دول المجلس التي تدرك المخاطر المحيطة بها، وكيف أن مثلث إيران ومالكي العراق والأسد، ينفذون ويمثلون أهدافاً إقليمية ودولية بما في ذلك وضع اليمن المستجد والذي نعرف أنه حرج وحساس والتعامل معه بعقل، والمطالبة بحوار مستمر بين مختلف الفصائل وبتعهد خليجي يتمم تلك الاتفاقات ويبعد اليمن عن المنزلقات الخطرة..
الملك عبدالله يحظى بتقدير الجميع لأبوته الصادقة ومواقفه الحاسمة، والشيء المهم والمفيد هو استجابة مصر وقطر لدعوته بالعودة إلى طبيعة العلاقات ودفئها لتشرعا في إيجاد مناخ العودة للإخاء، والتغلب على مصاعب السنوات الماضية بإدراك أنهما على نفس الدرجة من المسؤولية التي ستكون عوائدها كبيرة على الجميع..
يوسف الكويليت
نقلاً عن “الرياض”