هندي في داعش

نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الصحافة الهندية أن طالبا هنديا عاد محبطا خائبا من العراق، بعد أن التحق بصفوف تنظيم داعش وانتظر بفارغ الصبر تكليفه بالمهمات الجهادية الكبرى، ولكن أعضاء التنظيم استمروا في تكليفه بأعمال صغيرة لا علاقة لها بالقتال؛ مثل تنظيف الحمامات!.

وقد لا نحتاج إلى كثير من الجهد العقلي للوصول إلى أسباب هذه القصة الطريفة، فنسبة كبيرة من شباب داعش ينتمون إلى منطقة الخليج الذين بدأوا وهم يرون العمال الآسيويين وفي طليعتهم الهنود يقومون بالأعمال الدنيا؛ مثل التنظيف والطبخ وقيادة السيارات والحراسة، فأصبحت الهند ــ بكل تاريخها وحضارتها ــ بالنسبة لهم مجرد مكتب استقدام كبير يأتي منه الخدم، ولهذا لم يترددوا في تكليف أخاهم الهندي ــ الذي تجاوز المخاطر والأهوال كي يلتحق بهم ــ بالوظيفة التي يعتقدون أنها مناسبة لبني جلدته، وهي تنظيف الحمامات.

الهند التي تستعد اليوم للوصول إلى سطح المريخ غير معلومة للإنسان الخليجي، سواء كان داعشيا أو حتى أستاذا جامعيا، والهند التي تضم مئات الديانات واللغات والأعراق دون أن يتناحر أهلها ويجزون رؤوس بعضهم البعض في الشوارع لا تمر أبدا في حوارات الخليجيين والعرب بشكل عام، وحدهم فقراء الهند وفلاحوها الذين يأتون إلى الخليج لتحسين أوضاعهم المالية الذين يشكلون صورة الهند في ذهن الخليجي دون أدنى اهتمام بما يقوم به أكثر من مليار وربع المليار هندي يعيشون داخل الهند نجحوا خلال سنوات وجيزة في تحويل بلادهم إلى قوة اقتصادية وعلمية كبرى.

وعدد المسلمين في الهند أكثر من عدد المسلمين في العالم العربي من المحيط إلى الخليج، وقد حكموا الهند في مرحلة من المراحل قبل الاستعمار الإنجليزي للبلاد، واليوم هم شركاء أساسيون في بناء الهند الحديثة، وقد وصلوا إلى أعلى المناصب الحكومية، وفي مقدمتها منصب رئيس الجمهورية، ورغم المنعطفات الخطرة التي يمكن أن تمر بها أي مجموعة بشرية في بلد متعدد الديانات والأعراق، إلا أن المسلمين الهنود ظلوا عنوانا للتسامح ومثالا للتعايش مع غيرهم من أتباع الديانات الأخرى، كما أن الله حماهم من الأمراض الطائفية التي يمكن أن تمزقهم من الداخل.

وبهذا يكون الطالب الهندي الداعشي محظوظا جدا بهذه النظرة العنصرية الداعشية؛ لأنها كانت السبب في إنقاذه من التورط في إزهاق أرواح بريئة، فعاد إلى بلاده قبل أن يتمكن منه التوحش، وقد يفيد بلاده ويفيد دينه بعد عودته (المحبطة).. أو على الأقل يكفي مسلمي الهند شره، فلا يكون سببا في حملات حكومية ودولية تسحقهم وتفتت هويتهم.

خلف الحربي

نقلا عن “عكاظ”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *