الخطوط السعودية.. وإجراءات استفزازية!

في إجراء عجيب، يندرج ضمن الخطوات التي ربما فسرها البعض بالاستفزازية قامت الخطوط السعودية بإصدار نظام سوف يتم تطبيقه بدءًا من يناير المقبل، ويتمثل في إلغاء نظام الفترات الزمنية لشراء التذاكر المعمول به حالياً وتطبيق آلية «احجز وادفع» على الرحلات الداخلية. وفي طيات النظام: إن الحجز الفوري سيكون عبر خيارين، إما الدفع الفوري من خلال بطاقات الائتمان أو عبر رقم سداد، حيث ستمنح فترة بين الساعة إلى الساعتين لسداد المبلغ، وإذا لم يتم الدفع سيقوم النظام بإلغاء الحجز آليا!.

وتنتاب المتابع موجة من التعجب عندما يطالع خبرا كهذا، ويندهش من هذه القرارات المتتالية التي جعلت حصة الخطوط في السوق المحلي ضعيفة مقارنة بالمرحلة السابقة. وبحسب القائمين على الخطوط السعودية فإن من المتوقع أن يسهم القرار في رفع حصة المنافسين، في وقت يشهد النقل الجوي المحلي تنافسا من قبل عدد من الشركات، وأن تقدم الخطوط خدماتها كجهة حكومية بدلا من أن تضع مسارها ضمن الشركة الأهلية!

وأن الآلية الجديدة ستسهم في القضاء على ظاهرة الوسطاء غير النظاميين الذين يعلنون عن خدماتهم لتوفير الحجوزات عبر مواقع الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي غير المرخصة التي تقوم بذلك عبر تصيّد المقاعد المتاحة بالنظام وعرضها على المحتاجين بمقابل مادي باهظ قد يصل أحياناً لقيمة التذكرة الأصلية مستغلة بذلك الزمن المتاح لشراء التذاكر والمعمول به حاليا.

وأعجب من مثل هذا الكلام غير المقنع؛ فالوقت الذي كان يمنح قد تم تقليصه مؤخرا بشكل ملحوظ، فمن يحجز لموعد بعيد يمنحه لثماني وأربعين ساعة، أما إذا كان الحجز قريبا فيمنحه النظام ست ساعات فقط!
ولتأت مسألة منح العميل ساعتين للدفع وإصدار التذكرة في سياق الإجراءات التي يرجى إعادة النظر فيها والنظر إلى حال المواطن السعودي ومعاناته مع الانترنت وبطاقات البنوك وغيرها من الظروف المحيطة.

وعلاوة على ذلك فإن كثرة الأنظمة وتغييراتها شكّلتا عبئا على الموظف والعميل، فما هو متاح اليوم ممنوع غدا، وما هو مسموح به اليوم ملغي في قابل الأيام، وهذا يشكل نوعا آخر من الاستفزاز للعميل، فبالأمس كانت رسوم إصدار التذكرة مجانا، لتفرض الخطوط السعودية رسوما مقدارها خمسة عشر ريالا على كل تذكرة، وعند سؤال العميل عن السبب، لا يجد الموظف جوابا!

وعلى ذات الغرار فقد تم فرض رسوم إضافية مؤخرا، تتمثل في اجتزاء خمسين ريالا لاسترجاع تذاكر الدرجة السياحية، وسبعين ريالا على تذاكر الدرجة الأولى ورجال الأعمال! ومؤخرا تم حصر الدفع في المكاتب الفرعية على بطاقات الائتمان ونقاط البيع، وتم منع التحصيل النقدي، وهو ما أوقع الكثير من العملاء في الحرج، وبخاصة طلاب وطالبات الجامعات الذين لا تؤهلهم بطاقات الصراف التي يحملونها للدفع، وفي المقابل لا يقبل منهم النقد، في إجراء يصعب تبريره ولا يقبل تفسيره!

وتكاد تفتك الدهشة بالعميل حين النظر إلى سعر تذاكر الدرجة الأولى ورجال الأعمال، فهي تصل إلى خمسة أضعاف تقريبا، وبدون أي خدمات للعميل، حتى أنني أتذكر أن مطارا دوليا يتقاضى مبلغ مئة ريال على دخول الصالة الموجودة في المطار، مع أن العميل يحمل بطاقة صعود على الدرجة الأولى أو درجة رجال الأعمال، وعند كتابة هذا المقال تأكدت أنها ما زالت تفرض هذه الرسوم!

ويبدو أن هناك فجوة كبيرة بين الخطوط السعودية وهيئة الطيران المدني أدت إلى مثل هذه الإجراءات التي ضاق بها عملاء السعودية ذرعا؛ إذ هي المسؤولة أمامهم، في حين أن المطارات تتبع للهيئة.

وما زال جميع عملاء الخطوط السعودية لا يعرفون السبب وراء إلغاء الدرجة الأولى على الرحلات الداخلية، واقتصار ذلك على درجة رجال الأعمال، وفرض مبالغ كبيرة على التذاكر دون أي خدمة مقدمة، ولعل نظرة واحدة في مطارات مجاورة، تجعل الخطوط السعودية تطرق خجلا؛ فالصالات المخصصة لهاتين الدرجتين والخدمات الموازية هي في درجة عالية من الإقناع للعميل، فهل تدرك السعودية مدى معاناة عملائها من الإجراءات التي ربما تندرج تحت الاستفزازية؟!

عبدالغني القش

نقلا عن :مكة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *