يا ابن حميد خُطبة واحدة لا تكفى
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
ما كان مُتزلفاً وما ينبغي له، إنْ هو إلا: «صالحٌ» أمين، كذاك نحسبه ولا نُزكّي على الله أحدا.
مع أنّ الخطبةَ – ليوم الجمعة الفارط – قد ارتفقتها مباني السداد إتقاناً، واستصحبت بين أعطافها معاني التوفيق إحساناً؛ حيثُ لازمها القول رشَدا، في بنيةٍ تأصيليّةٍ فاقهةٍ، قد شدّ من أسرِها قراءة واقعٍ راعى في هذا: «الوطن» مآلات انفراط: «عقد أمنه» إذ أبان عنه صوتَ: «ابن حميد» حين اكتسى إذ ذاكَ بحشرجةٍ؛ تُعرف عادةً/ وسَمْتَاَ في أداء: «النَّصَحَة» مِن خيارنا؛ لمّا أن يروا: «الفتنَ» وقد أقبلت بخِطامٍ مفتولٍ، يقود زِمامها «أغيلمة/ سنٍ/ وفقهٍ، فتظلّني سحب الفتن، كليل مظلمٍ، نُمسي فيها بحالٍ، ونصبح وقد اعتورتنا حالاتٌ أخرى؛ بحيثُ لا ترقب فينا- تلك الفتن/ وأصحابها إلّاً ولا ذِمّة، وستأتي حينذاك على أخضرنا/ ويابِسنا. ولن ينفعنا وقتها العضّ لسبّابة المتندّم!.
غير أنّي وددتُ لو أنّ – هذه الخطبة – كانت قبلاً؛ ذلك أنّ الدّاء قد استفحل، فاستوى على سوقه، ثم ما لبث أن ضرب أطنابه متجذّراً في أرضٍ صالحة لاستنباتِ أيّ شيء؛ ما يعني أنّ خطبةً واحدةً لا تكفى!
يا صالحُ قد كنتَ فينا (النذير العريان) الذي لطالما انتظرناه، إذ كنتَ وحدكَ مرجوّا في استثمار جلالِ «منبر الحرم»، ابتغاءَ الدرء لفتنٍ لا يصحّ بالمطلقِ أن نذهل عنها، وذلك بتركِ مقدّماتها ظاهرة الفساد، في أن تؤسّس لخطرها – على حين غفلةٍ من صمتنا – بحيث نمنحها الفرصة – من حيث لا ندري – في أن تُشعل أطرافنا حتى إذ ما استحكمت حلقات تأجيج: «نارها» فألفينا جزءاً كبيراً من مجتمعنا حطباً لوقودها، تفطنا من بعدِ لأيٍ، إلى أنّ ما أنيط بنا من: «ميثاق» التّبيين الغليظ ؛ فـ(خطبنا) في الناس على شيءٍ من استحياءٍ بيّنٍ، دفعنا بالتالي إلى أن نُكنّي: «الأشياء» دون أن نسمها على ما هي عليه من حقيقة لا يغفر فيها ذكر المجاز!.
ما بات أحدٌ أيّاً يكن مبلغه من العلم، وأيّا كان محرزه من العقل، يُمكنه أن يجادل في أنّ: «الأمن» ذو أهميّةٍ بالغةٍ يسقط أمامه أي اعتبار لأي محسوبيّة كانت.. فهو الذي بسببه يقام الدين لله خالصاً، وبسببه تحقن: «الدماء» المعصومة، وبسبه تحمى: «الأعراض».. هذا: «الأمن» هو المطلب الشرعي الذي في حال تمّ انتقاض ركن من أركانه؛ فإنّ (الضرورات الخمس) التي جاءت بها الشرائع كلها لا يمكن- في حال انتقض الأمن- أن يتحقق حفظها، ذلك أنّه لا نفس ولا دين ولا عقل ولا عرض ولا مال ستكون في مأمن عن العبث بها، إذا لم يكن ثمّة أمنٌ يشتغل «الناس» كلّهم على تحقيقه كلّ بحسبه فـ: «الأمن» ما عاد مسؤولية وزارة الداخلية وحسب.
خالد السيف
نقلا عن “مكة”