في السعودية كل إرهابي موؤود
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
القتلة المجرمون الذين استهدفوا مواطنين أبرياء في الأحساء في شكل بشع تساقطوا في يد الأمن خلال ساعات، الذي اقتنصهم في مخابئهم في الأحساء وشقراء والخبر، مطفئاً ملامح فتنة يتغذى عليها المخربون الساعون إلى بث الدمار والفتنة في كل مكان يصلون إليه.
برؤيــة استهلالية استناداً إلى تصريحات «الداخلية» بالقبـــض علـــى عناصــــر متورطة في مناطق مختلـــفة، وبسبــب تـوقيت الجريمة ومذهبية المستهدفين، فإن الجريمة إرهابية غـــايتها خلـــق تمـــزق طائفي يشعل احتقاناً حاداً بين المواطنين، إلا أن ما حدث هو العكس، فللمرة الأولى يتحد السعوديون في موقف واحد ناقم وغاضب من القتلة وفعلهم، وأكد الأحسائيون صورتهم النقية التاريخية في تماسكهم وترابطهم وعدم جرهم إلى مستنقع قذر، مؤكدين أن الإرهاب لا دين له ولا غاية سوى الدمار والخراب، ومعلنين أنهم لن يتغيروا مهما حدث، موجهين صفعة قوية للإرهابيين، ومحذِّرين من أن أية محاولات دموية لن تمس تاريخهم أو تجرحهم، فللمجرم القتل وللوطن الولاء، فالضحايا أولاً وأخيراً سعوديون. في «تويتر» كان الصوت السعودي واحداً ما عدا أخرى محدودة نشازاً كشفت ملامحها، ما يتوجب إدانتها مهما كانت انتماءاتها، لأن الإرهابي شخص واحد لكن التحريض رحم ولود إن وجد المساحة والفسحة.
الرسالة الأخرى هي البراعة الأمنية في سرعة القبض على المجرمين، وهذه هي الحالة الثانية بعد القبض الفوري على قاتل الأميركي في الرياض، ما يئد تغوّل الإرهاب وانتشاره، خصوصاً أن «الداخلية» أحبطت سابقاً عشرات الخلايا في عمليات استباقية قبل أن تنشر دمارها، ما أنقذ المجتمع من جرائم دموية بشعة. السرعة في الدهم ومرونة الانتشار والقدرة المعلوماتية واليقظة التامة عوامل طمأنينة قوية أطفأت نار الإرهاب كل الأعوام الماضية على رغم استهدافه السعودية في شكل مباشر ومتواصل، ما ساهم في تراجع نشاطه في الداخل وحتى بين الشباب، وضيّقت الخناق على أية محاولات تسلّل. بل إن السعودية رائدة الحرب على الإرهاب منذ شرارته الأولى، ولاحقت المتطرفين في كل مكان بمشاركتها في التحالف الدولي، ولو استمع إليها المجتمع الدولي عام 2005 لما كان للإرهاب أية حاضنة.
الجريمة بشعة كما وصفها كبار العلماء، لكن حدوثها يكشف حال اليأس لدى الجماعات الإرهابية التي ضاق عليها الخناق، فأصبحت تتصرف فرادى وتنفذ جرائم قتل من الممكن أن تحدث لأي سبب، وزاد غباءها أنها اختارت الأحساء موطن السماحة، فكانت تأكيداً على أن الإرهاب لا حياة له في السعودية مهما حاول التلاعب بالمشاعر والعواطف.
إن كانت الجريمة طائفية فإن كل محرّض بأي شكل شريك فيها، لأن الخلايا الإرهابية تستقي توجهها من كل صوت متطرف يشرعن أو يبرر قتل كل بريء سواء كان مواطناً عابراً أم رجل أمن ساهراً أم ضحايا عشوائيين. كل وسائل التحريض سواء كانت شخصية أو إعلامية فضائية يجب اجتثاثها، فالمسألة ليست أمنية فقط بحيث يكون دور الأمن حصاد ثمار هذا المسلك.
خاب الإرهاب لأن المواطن تصدّى له والأمن أسقط مجرميه، وهذه هي الحصانة المهمة التي تنشر مظلتها على السعودية، إلا أنها تستوجب خطوات أخرى لملاحقة خلايا الظل حتى يتطهّر البلد منهم. السعوديون سواء، فكلهم مواطنون ومن يعتدي على واحد منهم فكأنما اعتدى عليهم جميعاً.
جاسر الجاسر
نقلا عن “الحياة”