الشيعة لم يهبطوا علينا من الفضاء !
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
من أين أتى الشيعة السعوديون، فقد وُلدنا وهم وموجودون، كما وُلد أجدادنا وعاشوا معهم متسامحين متحابين، أي أننا لم نستيقظ ذات صباح لنجد أن الشيعة قد جاؤوا إلينا من كوكب «شرير» -لا قدر الله- في هذا الكون الفسيح، بل قدرنا أن نعيش بعضنا مع بعض، إخوةً في الأرض والوطن.
نصت القوانين السعودية على ترسيخ مبدأ المواطنة، باعتباره مبدأ أصيلاً لا يمكن نزعه من أي كان، كما حرصت على تجريم الطائفية أو الدعوة للفتنة، وأكدته في أكثر نصوص النظام الأساسي للحكم في السعودية -الصادر عام 1412هـ (1992).
لعل من أبرز تلك النصوص المادة الـ12 التي تؤكد حرفياً أن «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام»، كما تقول المادة الـ39 في نص آخر بغاية الأهمية: «تلتزم وسائل الإعلام والنشر وجميع وسائل التعبير بالكلمة الطيبة، وبأنظمة الدولة، وتسهم في تثقيف الأمة ودعم وحدتها، ويحظر ما يؤدي إلى الفتنة، أو الانقسام، أو يمس بأمن الدولة وعلاقاتها العامة، أو يسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه، وتبين الأنظمة كيفية ذلك».
في تلك المادتين ما يؤكد أن حق المواطنة «السعودية» هي المرجع الأساسي الذي يحتكم إليه جميع المواطنون، سواء أكانوا سنةً أم شيعةً، حليقي اللحى أم مطلقيها، يلبسون ثياباً قصيرة أم طويلة، يرتدون جبة أو مشلحاً، يضعون العمائم أو الأشمغة، أبناء قبائل أم أبناء أسر وعائلات.
إن المعيار الحقيقي، الذي تقاس به المواطنة، هو الولاء للدولة والوطن ووحدته واستقلاله والمحافظة عليه، وتؤكد أننا متساوون أمام القانون، مهما كانت أحسابنا وأنسابنا ومعتقداتنا.
لكن يبقى السؤال المهم هو: كيف نؤكد لذلك الشيعي الذي يعيش في منزل صغير بتاروت، أو السني الذي يسند ظهره إلى جدار لكعبة في مكة المكرمة، أو الذي يطلق عينيه للريح فوق جبال السراة، أو من يسير فوق رمال نجد وحائل والجوف، أنهم جميعاً مواطنون درجة أولى، وليس بينهم مواطن درجة ثانية أو عاشرة؟
أجزم أن ما يؤكد لهم ذلك، هو الاستناد الفعلي إلى نصوص النظام الأساسي للحكم، وتحويله إلى قانون يطبق بصرامة على التكفيريين والمحرضين ومروجي الفتنة، والداعين إليها من جميع الأطراف، فشيوخ الفتنة، وبعض الكتب المنشورة، ومواقع دينية عدة، إضافة إلى الوعاظ والخطباء والمغردين، الذين يريدون تفريق دمائنا وهدم وطننا، يجب إيقافهم عند حدهم، وتجريم أفعالهم وعدم السكوت عنهم، فاليوم أيها السادة غير الأمس.
كما يجب إيقاف القنوات الطائفية التي لديها مكاتب تمثيلية أو تعمل وتبث من المملكة، وهي للأسف تبث البغض وتشرع الموت، وتحرض على الفرقة ليل نهار، مستهدفةً كل الأطياف الدينية والاجتماعية في الداخل أو الخارج.
فطائفة التكفيريين والمحرضين لا يستهدفون الشيعة فقط، بل هدفهم هدم الوطن من أساسه، وبناء وطنهم «الطائفي التعيس» الذي يضمهم وحدهم، وهم مستعدون لقتل الجميع من أجله سنةً وشيعة، مستخدمين في ذلك كل التبريرات وكل المفاهيم الخاطئة، ومُلْوِين أعناق النصوص؛ لتخدم إرهابهم.
وأخيراً هؤلاء المحرضون لا يرون الشيعة كفاراً فقط، بل يروننا كلنا -حكاماً ومواطنين ممن نخالفهم ونتصدى لقبحهم- مرتدين تغريبيين ليبراليين كافرين خارجين من الملة، يبدأون بهجرنا وقذفنا، وينتهون بقتلنا.
محمد الساعد
نقلا عن “الحياة”