السعودي العرجاني يفضح معشوقته على “تويتر” ويقول: “النصرة” تتلاعب بالقضاء لخدمة مقاتليها
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
الرياض ـ عناوين:
تواصلت عمليات كشف «خفايا» و«أسرار» فرع القاعدة في سورية (جبهة النصرة)، فبعد ما كشفه القيادي المنشق عن الجبهة سلطان العطوي، جاء الدور على الشرعي السابق في حركة «شام الإسلام» سليمان العرجاني، ليكشف واقع هذا التنظيم الإرهابي، الذي يتلاعب بالقضاء «الشرعي»، ويستبيح بيوت الآمنين، ولا يستنكف عن قتل الأبرياء. وتصنف «النصرة» في المرتبة الثانية بعد خصمها اللدود «داعش» في استقطاب الشبان السعوديين، وإن كان الفارق بينهما كبيراً في عدد المُستقطبين، لصالح الثاني.
والعرجاني، هو شاب سعودي، عمل كـ «شرعي» في حركة «شام الإسلام» التابعة لـ «الجبهة الإسلامية»، التي تضم عدداً من الفصائل والجماعات القتالية. وكان قريباً جداً من «النصرة»، حتى إنه اعتبر الجبهة «معشوقة أهل السنة والجماعة». بيد أنه انضم أخيراً لتنظيم «داعش». وعلى رغم عداوة العرجاني لـ «داعش»، ووصفه له بـ «الغلو والتطرف»، إلا أنه تبرأ من طعنه فيه، معلناً بيعته مع عدد زملائه في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
وكتب العرجاني المكنى بـ «أبي حفص الجزراوي»، بياناً نشره عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بعنوان «تلاعب جبهة النصرة بشرع الله»، ما أثار «شماتة» خصمه اللدود «داعش»، الذين أسموا هذا البيان بـ «الشهادة»، وذكروا أن «النصرة» فُضحت بشهادتين على التوالي، شهادة العطوي الذي كشف خفاياها وتخبطها وأسماء مموليها، ثم شهادة العرجاني، الذي أفصح عن تلاعب الجبهة في القضاء».
وبدأ العرجاني بيانه بـ «هذا ما كنت أود إبقاءه في الأدراج ولكن حان وقت فتحه والإفصاح عنه»، مضيفاً أنه «ما كنت يوماً مع «جبهة النصرة»، مع علمي بوجود الصادقين فيها، وأقسم بالله سأحكي ما رأيت وعلمت». وتابع «عرض علينا وفد رفيع المستوى من الجبهة مشروع «دار القضاء»، وأنه مستقل، وكل الفصائل خدم وشوكة لشرع الله، والقضاة لا يضغط عليهم أحد أبداً، ولهم استقلالية كاملة، فبدأ العمل في الدار. وكنت عضو مجلس الشورى القضائي، ولي مكتب أقضي فيه».
وأكمل: «ذات يوم تقدم رجل وزوجته بدعوى على الأمير السابق لـ «جبهة النصرة» في قاطع الساحل أبو إلياس الأنصاري. وهي أنه كان يسكن بيتاً هو وزوجته. وهذا البيت كان لـ «الدولة الإسلامية» سابقاً، لما كانت في الساحل. فجهز أبو إلياس مجموعة من الجنود لاقتحام البيت، فقاموا بسحب الرجل من لحيته. وقامت الأخت بإطلاق النار دفاعاً عنها وعن زوجها. فضربوها بأعقاب بنادقهم، فسقطت على الأرض، وحينما استدعاه القاضي للتحقيق معه. كان يأتي للدار ومعه وفد من الجبهة مرافقين لفخامته، فأقر بالقصة، وكان يتبسم وبلا مبالاة لحرمة البيوت، فأمر القاضي – وهو مستقل – بإلقائه في السجن مباشرة. فكان الوفد المرافق له يريد إحداث زعزعة في الدار، لأنهم رأوها كبيرة كيف يسجن كبيرهم».
وأردف: «لمــــــــا رأيت وفد «النصرة» ارتفعت أصواتهم، ويعترضون، صرخت قائلاً: الجميع تحت شرع الله الظواهري البغــــدادي الجولانـــي، القضاة الأربعة كلهم مستقلون. أما قاضي الجبهة أبي الزهراء الحلبي، فكان يخاف من معارضتهم، ولا يستطيع مخالفتهم. وفي صباح اليوم التالي ذهبت للسجن لأنظر لأبي إلياس فلم أجده. ففقدت صوابي، كيف خرج؟ ومن أخرجه؟». وتبين بحسب ما أشار إليه العرجاني أن «أمير القوة التنفيذية في السجن كان من «النصرة» وأنه كان مشاركاً في جرم إخراج أبي إلياس، فبعد ذهاب القضاة المستقلين الأربعة، رجع قاضي الجبهة ، وقام بأخذ تعهد خطي عليه، وإطلاقه، علماً بأن السجن يعج بالضعفاء والمساكين. وبعضهم قضيته لا تصل عشر معشار أبو إلياس. ومع ذلك قاضي الجبهة أعرض عن هؤلاء المساكين.
ولفت إلى أن القاضي «أخرج في الليلة نفسها قائد اللواء الأول أبا فريد الشيخاني (من الجيش الحر)، وسجنه القاضي المستقل، في قضية قتل شاب»، مضيفاً: «غضب القضاة الأربعة، وأولهم رئيس الدار، فأجمعنا على توقيف العمل، حتى يُعاد الفاجران للسجن. ويجب سجن قاضي الجبهة وأمير القوة التنفيذية. هنا ثار الموحدون في الساحل على «جبهة النصرة»، وكثير منهم والله مقتها وسقطت من أعينهم، حتى والله عشرات من أجناد الجبهة غاضبون وحنقون. فحاولوا إرضاء القضاة، وأن يعودوا للدار، ولكن كان الرفض قاطعاً. وإلى هذه اللحظة هي معلقة. والمجاهدون امتنعوا من القرب منها».
وتطرق العرجاني في تغريداته إلى شق آخر من جرائم «النصرة»، وهو «ملف أمنيي جبهة النصرة»، الذين ذكروا «أنهم يخطفون الناس بتهمة الانتماء لـ«داعش»، ويعذبونهم. فكان قاضي الجبهة ضعيفاً، ويحاول المدافعة، وأن أسياده قالوا: هذا الملف لا علاقة للقضاء به»، مضيفاً: «الأمني يخطف ويظلم ويعذب ونسكت. هنا تفاقمت الأمور على الجبهة. وبدأت تخسر حاضنتها التي قدمتها على الوحي».
باحث: لحظات الارتباك التنظيمي تكشف الإرهابيين
< قال الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة حمود الزيادي: «إن الطبيعة الصراعية والمتناقضة للشخصية المتطرفة تجعل سليمان العرجاني، ومن قبله سلطان العطوي، وسواهما، لا يستقرون على حال. لأن الشخصية المتطرفة تعيش صراعاً مستمراً مع الذات والآخر. وفي لحظات الارتباك وعدم التماسك التنظيمي يحدث التضعضع والانكشاف»، لافتاً إلى أنه «لا فرق هنا بين «النصرة» و»داعش».
والمثير للسخرية – بحسب الزيادي – أن «العرجاني كان وصف قبل شهرين ونصف الشهر «جبهة النصرة « بأنها «معشوقة أهل السنة والجماعة»، ومارس «تغزلاً» في الجبهة كتغزل العاشق الولهان، فيما اليوم يقلب لها ظهر المجن، ويعريها وينتقل «لضرتها» وعدوتها «داعش».
وذكر «إن هؤلاء المتطرفين يبحثون عن البريق وتحقيق قيمة ذاتية يفتقرون لها، فشخصياتهم متذبذبة ومنهجهم مضطرب».
واعتبر الزيادي طبقا لـ “الحياة” التحاقهم بهذه الجماعات المتطرفة سواء «النصرة» أم «داعش»، «ما هو إلا نتيجة «خواء» فكري وشخصي يعيشونه، فيبحثون عن حالة التطرف الأكثر بروزاً، لينتموا إليها، لأنهم لا يرون لهم منزلة أو قيمة إلا من خلالها. وهذا ديدن النافذين في الجماعات المتطرفة، ما يجعل عدداً من الشباب صغار السن ينجر وراءهم من دون إدراك لحقيقتهم، حتى يتورط ويقع في شرك الجماعات المتطرفة».