لا فرح يدوم ولا حزن يبقى

حجم الخط |
- A+
- A
- A-
العيد بين دمعة حزن وبهجة طفل، بين ألم الفراق لمن نحب وأمل بغدٍ تتجدد فيه الحياة. فالشمس، وإن غربت، لا بد لها من شروق جديد. مشاعرنا ليست سوى خليط من هذا وذاك، تناقض تفرضه الحياة علينا، فلا فرح يدوم، ولا حزن يبقى. العيد نسمة فرح، لحظة أمل، بسمة تفاؤل. هو موعد تنتظره القلوب لتخرج من نفق مظلم يطبق عليها، إلى ساحة صفاء نمسح فيها تعب الأيام ومعاناة الحياة، ساحة تعيد للروح شيئًا من بهجتها.
لدى البعض، العيد لحظة لقاء، حضن أمٍ دافئ، نظرة أب شامخة، صوت إخوة، ضحكات أصدقاء. كلها مشاعر تحتضنها مجالسهم، وتزهر بها أرواحهم، وتعود معها الذاكرة إلى أيام الطفولة، حين كان كل شيء بسيطًا وجميلًا.
لن أكذب عليكم وأقول إن تلك المشاعر هي الوحيدة الصادقة، فكم من قلبٍ يدخل عليه العيد وهو يفتقد من كانوا يمنحونه طعمه! كم من يدٍ اعتادت أن تُقبَّل صباح العيد قد غابت، ولم يبقَ منها إلا الحنين! تمر اللحظات كأنها طيف حبيب، تشتاق إليه الروح، وتبكيه في الخفاء. كل زاوية في البيت تحدّث عنه ، كل رائحة، كل صوت، كل دعاء يُرفع.
ومع كل ذلك، لا ينبغي أن ينطفئ نور العيد تمامًا، ففي كبد المعاناة تولد بذور الأمل، وفي الدعاء لمن رحلوا تبدأ حياة جديدة في الذاكرة. فيبقى العيد عيدًا، يحمل معه فرح الصغار والكبار، وهو فرصة لنا لنعبّر بالحب لمن لا يزالون معنا.
جميل أن نتذكر من رحلوا وندعو لهم بالرحمة والمغفرة، لكن الأجمل أن ننشر الفرح في نفوس من لا يزالون بانتظار ابتسامة منا. فغدًا قد يرحلون أو قد نرحل نحن، فتموت الفرصة كما ماتوا أو متنا.
انشروا الفرح، حتى لو كنتم وسط دوامة الحزن والألم. وعساكم من عواده، وكل عام وأنتم بخير. ولكم تحياتي