القاجار حكام بلاد فارس.. وصراع القوى الخارجية
حجم الخط |
- A+
- A
- A-
القاجار قبيلة تركمانية تنتمي إلى قبائل الغز (الأوغوز) كانت تعيش في تركستان، ثم هاجرت مع قبائل أخرى تركمانية من تركستان إلى الأناضول في القرن الثاني عشر ميلادي فاستوطنت في سهوب الأناضول شمالي سوريا ما بين سيواس وقيسارية. اسمهم اتخذ على اسم زعيمهم قاجار. القاجار ظهروا في إيران أثناء حكم الافشاريين (أتراك) وكذلك عهد الزند(اكراد).
القاجار بقيادة محمد آغا خان أسقطوا دولة الزند في بلاد فارس عام 1794م وبسطوا سلطتهم عليها كاملة مؤسسين دولة سلالتهم، واختاروا طهران عاصمة لهم، وهي قريبة من المدينة التاريخية المخربه الرَي.
اتسمت فترة القاجار (1794-1925)م، مائة واحدى وثلاثون سنة، باستبتاب الأمن النسبي في بلاد فارس شمل المدن والارياف، وكذلك التجارة عادت إلى طبيعتها، وكان الحاكم الأول محمد آغا خان القاجاري يحلم ببناء مملكة وسلالة تشبة الصفويين.
يُذكر في عام 1795م، قاد محمد آغا خان حملة لاسترداد جورجيا، بعدما ضاعت من سيادة فارس فأحدث مذبحة راح ضحيتها آلاف البشر في تفليس ومدن أخرى، وتم استرقاق المئات. محمد آغا خان تم قتله من قبل ثلاثة من عبيده حينما كان في القوقاز عام 1797م، فحلّ الاضطراب بين القواد بعد موت محمد آغا خان، فآلت الأمور إلى أبن أخيه فتح الله شاه(1797-1834)م بعد تصفيات ومعارك داخليه. فتح الله كان محبا للملذات نزاعا إلى كسب المال.
أتسم عهد فتح الله بمتغيرات جوهرية في الأحداث العالمية والإقليمية، حينها بلاد فارس بدأت تدخل العصر الحديث والتغيير خلال عهد فتح الله شاه، وأستغرق الأمر قرابة القرن. بلاد فارس في نشدانها التحديث، تواصلت مع روسيا رغم نزاعاتها المستمرة معها، وكذلك مع بريطانيا، فتعرفت على تقنيات حربية وأنظمة في إدارة الحكومة. إلا أن التطبيق لم يكن ذو أثر حتى أتى عهد ناصر الدين شاه منتصف القرن التاسع عشر الذي بلغ تاثير التقانة الحديثة واضحا في النظام العسكري وأدواته.
شهد عهد فتح الله شاه تنافس الإمبراطوريتين بريطانيا وروسيا على بلاد فارس الذي أمتد خلال المائه والخمسين سنة. وفيها نشبت الحرب الفارسية الروسية عام 1804م، لأطماع روسيا القيصرية في الشمال القوقازي نحو أذربيجان ذات الأهمية التاريخية للقاجاريين، وبهذه الحرب بدأت فارس تفقد أراضيها الإقليمية تباعا إثر هزائمها المتوالية مع الروس. إذ تنازلت فارس مرغمة عام 1813م عن جورجيا وعن كثير من شمالي القوقاز، ووقعت عام 1820م معاهدة توركماننتشي التي تعترف بلاد فارس لروسيا على جميع نهر آراس، ويشمل ارمينيا وأذربيجان. هكذا بدأت روسيا في النفوذ والدخول بشؤون فارس الذي أنتج حالة فوضى.
بريطانيا أيضا كانت راغبة بايقاف التوسع الروسي، وحماية مستعمراتها ومصالحها في الهند. ولهذا تأثير الروس والبريطان مع موت فتح الله شاه عام 1834م، أدخل بلاد فارس في ظروف متقلبه كثرت فيها الدسائس الداخلية في القصر والمحافظات، وكذلك اضطراب بالعلاقات الخارجية حيث ازداد الإعتماد على روسيا بدلا من بريطانيا، وكان مبعوثوا الإمبراطوريتين هاتين ضالعين في هذه الدسائس والفوضى بما فيها تصاعد النزاع بين العلماء والدولة. ومما يُذكر في تلك الظروف؛ ظهور الحركة البابية التي عُرفت بالشيخية تاليا، والبابية كذلك ولّدت الحركة البهائية، وتكوين حركة مشعشع والمشعشعية، وفرقة الكريم خانية.
هذه الفِرَق أحدثت قلقا للدولة مما اضطرها لإبعادهم وإنزال العقوبات بقادتهم خصوصا في ظل صعود الشاب ناصر الدين شاه القاجاري، وطموحه بعصر جديد يريد فيه الإصلاح وهو الذي يقول؛ كل النظام والتطور في اوربا مردّه وجود القانون، لذا فقد حسمنا أمرنا بأن ننشئ قانونا ونتصرف وفقا لمقتضاه. بعد زمن كان ناصر شاه مستعدا للاحتفال بمرور خمسين عاما على جلوسه العرش، إذ أُطلق عليه النار عام 1896م في طهران من قبل رجل يدعى ميرزا رضا كرماني الذي كان محسوبا، كما في بعض المرويات التاريخية، بأنه تلميذ جمال الدين الأفغاني، وبهذا أفل العهد القاجاري آذنا بحقبة جديدة للحكم البهلوي 1925-1979م.